18 ديسمبر، 2024 7:03 م

تــــــرامب بيــــــن الــــذبذبـــة الانتخـابية ومفهــــوم الحكــــــم ؟!!

تــــــرامب بيــــــن الــــذبذبـــة الانتخـابية ومفهــــوم الحكــــــم ؟!!

لا يخفى أن الولايات المتحدة الأميركية وعلى طول وجودها ، كانت ومازالت مبنية على أساس رأس المال ، وان من يتحكم فعلاً بمصير الدولة هي رؤوس الأموال والتي استطاعت من بناء دولة مسيطرة على مقدرات الشعوب باسم الديمقراطية ، وأن أي حاكم جديد ومهما بلغ لونه أو عرقه يجب أن يخضع لهذه الثوابت في السلطة والحكم ، فمقدرات الدولة الأميركية خاضعة لعدة مؤسسات أمنية واستخبارية ، تمثل محاور الصراع في دولة ” الكابوي ” ، والتي تحاول تصدير مشاكلها الاقتصادية عبر صنع الصراعات في مناطق أخرى من العالم ، وهذا ما يحدث عبر سنين وجودها السياسي كما تحدثنا سابقاً .
الرئيس الأميركي الحالي ” دونالد ترامب ” بدا شاحذا للهمم في حملته الانتخابية ، وقدم برنامجه الانتخابي وكأنه الأمثل في تنفيذ متطلبات المجتمع والناخبين الاميركان ، وتقديم حلول للمشاكل التي يعاني منها المجتمع الأميركي ،وبدأ مقدماً للحلول بطريقة “خطابية ” أكثر من كونها عملية ، ومع دخوله للبيت الأبيض ونجاحه في الانتخابات الرئاسية ، هدأت نبرة السيد ترامب ، وتغير صوته وتصريحاته النارية تجاه الملفات المهمة في المنطقة والعالم ، ومن هنا نتساءل ماسر هذا التغيير في سياسة ترامب ؟ وهل هي سياسة جديدة أم خضوع أم ضعف في الرئاسة الجديد ؟
عموم السياسية الأميركية لا تتغير وهناك ثوابت لا يمكن لأي رئيس جديد أن يأتي بها أو يحاول تغييرها ، سواءً على المستوى الداخلي أو التعامل مع الملفات الخارجية ، أو حتى العلاقة مع الدول الكبرى أو مجلس الأمن ، كما أن الملاحظ أن السياق الحكومي في الولايات المتحدة أن أي رئيس منتخب يحتاج الى فترة ثلاث أو أربعة أشهر ليتخلص من رواسب وشحنات الحملة الانتخابية ، ويبدأ بترتيب أوراقه ، لهذا شاهدنا أن قراره بمنع الهجرة والسفر من دول إسلامية الى أميركا وتراجعه فيه فيما بعد نتاج لهذا التأثير ، لهذا نجد أن الكثير من القرارات والتصريحات تراجع فيها ، كما تراجع الموقف الأمريكي على الأرض سواء في سوريا أو العراق ، كما هو ذات الموقف بالنسبة لملف كوريا الشمالية ، والذي تراجع فيها عن تصريحاته التي يسعى فيها الى ضرب النشاط النووي للأخيرة ، لهذا ستلجأ الإدارة الأميركية الجديدة الى اعتماد أسلوب التهدئة في جميع ملفاتها ، كما ستسعى الى أبقاء الخارطة كما هي في منطقة الشرق الأوسط ، خصوصاً بعد التغيير الملفت على الساحة السورية ، وتغيّر المعادلة على الأرض ، كما هي في العراق ، والذي أمسى مقبرة للدواعش .
الآن وبعد الخسائر الكبيرة للجيوش الأميركية في المنطقة ، والتي منيت بها ، وكما يرى الكثير من المحللين أن الإدارة الأميركية لا يمكنها الخوض أكثر في حروب خاسرة ، خصوصاً وان هذه الحروب لم تحقق شيئاً من مخطط الإدارة الأميركية عموماً ، كما أن تعدد اللاعبين في المنطقة جعل سياسة البيت الأبيض تتغير في هذا الاتجاه ، الأمر الذي جعلها تتخبط في قراراتها ، ومحاولة إعادة موقفها ونفوذها فيها ، وما الضربة الأميركية على مطار الشعيرات بسوريا إلا مثال حي على محاولة أميركا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من قوتها ونفوذها في المنطقة ، والتي باتت أمام مشهد آخر يمثل التهدئة والذهاب نحو الحوار وتقسيم الأدوار بين القوى المتصارعة .