23 ديسمبر، 2024 1:53 ص

تغيير انماط الزراعة

تغيير انماط الزراعة

الاهتمام بالقطاع الزراعي لا يقتصر على بلد من دون اخر، كل البلدان تحاول غنيها وفقيرها، الصناعية منها والزراعية لاهمية ذلك وضرورته وارتباطه بالامن الغذائي الذي اصبح يشكل جزءا من السيادة الوطنية والسعي لغلق الفجوة او تضييقها التي قد ينفذ منها للتأثير والضغط الخارجي عليها في ظروف معينة.

تخصص البلدان جزء من مواردها المالية والبشرية لانشاء مراكز بحوث تهتم بتطوير قطاعها الزراعي على وفق امكاناتها ولمعالجة المشاكل والمعوقات التي تعيق تطورها الزراعي وزيادة الانتاج وتطويره وابتكار الوسائل الازمة للنهوض به.

في بلدنا تقع هذه المهمة على عاتق الدولة التي انشأت مجموعة مراكز بحثية للتطوير الزراعي ، وكذلك اهتمت الجامعات بهذا الجانب ايضا، وتحديدا الكليات ذات العلاقة ، الى جانب هناك مبادرات من الفلاحين والمزارعين فردية اثبتت نجاحها ولكن بحاجة الى تعميمها خصوصا بعد تفكك والغاء المزارع التعاونية والتابعة للدولة وتشتت الجهد الذي كان يبذل في هذا المجال وخسارته وعدم استيعابه بشكل يؤدي الغرض منه الذي ما يزال يشكل ضرورة للاقتصاد الوطني والزراعي منه.

الان المرحلة تتطلب ايلاء الاهتمام وزيادته في هذا المجال، ولاسيما ان السياسة المعلنة تسعى الى تغيير النسب في اسهام كل قطاع من القطاعات الاقتصادية في تكوين الدخل الوطني والتخفيف من الاعتماد على النفط وبالتالي تحقيق توازن معقول فيما بينها يتناسب مع الموارد الاقتصادية المتاحة في البلد ،وهذا ما لا يمكن ان يتم اذا لم تبن السياسات في كل قطاع بصورة علمية تستند على الاستغلال الامثل لعناصر الموارد، وفي مقدمة ذلك بالنسبة للقطاع الاقتصادي تغيير انماط الزراعة فيه ليعطي مردودات اكبر بما يتوفر من امكانات بل وزيادة كفاءة مخرجاته وتعظيم موارده. كما ان القطاع بحاجة الى ابحاث علمية تقوم على اساس الخصائص المحلية والتجربة ولحل المعضلات والمشكلات ومجابهة التحديات القديمة والجديدة والانتقال بالزراعة وتربية الثروة الحيوانية طور من الانتاج ارقى يلبي حاجة المواطن اواكبر نسبة منها تغني عن الاستيراد الذي يستنفذ موارد البلاد المالية اولا ومن ثم تصدير الفائض منها ثانيا ، وبالتالي نغير من طبيعة الاقتصاد الوطني الوحيد الجانب الى اقتصاد متنوع ترتفع نسبة اسهامات القطاعات غير النفطية فيه .

يواجه القطاع الزراعي مشاكل عدة منها مثلا المياه وشحتها وملوحة الارض والاستخدام الامثل للاسمدة التي ما يزال العراق يستورد بعض الانواع منها برغم توفر المواد الاولية لتصنيعها في البلاد ،ما لفت النظر في معالجة مشكلة ملوحة الارض ان القطاع الخاص تلقف الحل من احدى بلدان الجوار التي تمتلك تجربة بحثية تطبيقية في معالجة لمشاكلها الزراعية.

يقول الخبر الذي نشرته وكالات الانباء المحلية نجح العديد من مزارعي إحدى القرى في أطراف العظيم بديالى بزراعة صنف جديد من الرقي يطلق عليه أبو الزنجيل”، وأنه “يزرع بكثافة في إيران وقاوم ملوحة المياه والأجواء المناخية المتقلبة وأصبح ذو إنتاجية عالية”.”بالرغم من تأخر زراعة المحصول، لكن ذلك لم يمنع من غزارة إنتاجه كونه متلائما مع الأجواء المناخية، وان المحصول كان ذا جودة جيدة وهو مرغوب في الأسواق المحلية.

في الحقيقة زراعتنا بحاجة لجلب مثل هذه التجارب من البلدان الاخرى التي تواجه نفس مشكلات الزراعة العراقية ، وليس الى استيراد منتج جاهز لا يعطي مردودات اقتصادية واجتماعية بقدر انتاجه بانفسنا.

والاهم من ذلك وان يكون رديفا لما اقدم عليه المزارعون من نقل للتجربة والخبرة ان نعتني بمراكز البحوث الوطنية ونوفر لها مستلزمات اداء اعمالها على نطاق واسع وهي قادرة على العطاء وحل ما يعيق نمو انتاجنا الزراعي وتطويره مثلما حصل في تطوير اصناف من البذور.