لماذا صار نوري المالکي غير مرغوبا به من قبل مختلف الاطراف العراقية ومن جانب قطاع عريض من الشعب العراقي؟ ماهو سبب إخفاقاته السياسية و الاقتصادية و الارباك و التخبط في علاقاته مع الفرقاء السياسيين؟ من المؤکد أن السبب يعود الى نقطة أساسية تتجسد في أن المالکي حاول دائما إرضاء أطراف خارجية و نيل رضاها من أجل الاستمرار في منصبه و بقائه متصدرا للمشهد السياسي في العراق.
لايمکن القول بأن النفوذ او الدور الامريکي کان العامل الاساسي من وراء فشل المالکي و وصوله الى مفترق حساس، لأنه لم يکن بالمستوى و القوة التي تحدد إتجاهات سير المالکي و طرق و اساليب تعاطيه مع الملفات المختلفة کما کان الحال ولايزال مع النفوذ و الدور الايراني في العراق، والذي کان بمثابة المحرك و الداينمو الذي يحدد إتجاهات المالکي على مختلف الجهات و الاصعدة.
مراجعة للحصيلتين النهائيتين لولايتين متتاليتين لنوري المالکي، نجد انهما کانا في خدمة المشروع الايراني تماما خصوصا إذا ماعلمنا بأن الحکومة العراقية برئاسة المالکي قد صارت طرفا و جزئا من اللعبة الايرانية في العراق و المنطقة و حتى العالم، إذ أننا عندما نراجع دور الحکومة العراقية فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران و کونها قد جعلت من العراق جسرا و منفذا من أجل تفتيت و تقليل أثر تلك العقوبات، و کذلك حينما نراجع الموقف الذيلي لحکومة المالکي تجاه الاوضاع في سوريا و الذي کان منحازا تماما لموقف النظام الايراني و منقادا له الى الدرجة التي صار العراق يکلف العراق عبئا ماليا و إنسانيا، أما على صعيد شن هجمات على المعارضين الايرانيين في العراق من سکان مخيم أشرف و ليبرتي، فيکفي أن نشير الى أن المالکي قد نفذ 9 هجمات دامية ضدهم نجمت عن عشرات القتلى و مئات الجرحى و کلفت هذه الهجمات العراق الکثير من سمعته على الصعيد الدولي وصلت الى حد إستدعاء المالکي و أطرافا أخرى من حکومته الى محاکم دولية للتحقيق معهم بشأن تلك الهجمات، وان کل هذا قد کانت تبعاته و أعبائه على کاهل الشعب العراقي و تجسد في تراجع الحالة المعيشية للعراقيين و بروز ظاهرة الاستجداء بشکل ملفت للنظر و إستشراء الفقر بين العراقيين.
من المؤکد، أن المالکي و خلال ولايتين متتاليتين له، قد کان عاملا مساعدا لتوسع و إنتشار النفوذ الايراني في العراق و أن ترسخه قد وصل الى درجات و مستويات غير مسبوقة الى الحد الذي لايمکن أبدا التصور و الاعتقاد بأن تغيير المالکي سوف يکون کافيا للحد من هذا النفوذ او تقنينه، إذ أن هذا النفوذ من القوة و الامکانية بحيث يتمکن من تغيير آلياته و الانسجام مع الظروف و الاوضاع
الجديدة تماما کالحرباء وان الذي سيأتي بعد المالکي سوف لن يکون بأحسن حظا او حالا منه و ستثبت الايام ذلك من دون أدنى شك!