كما ان تحديد شخصية رئيس الوزراء العراقي بعد ٢٠٠٣ ولحد الان تتم بتفاهمات دولية، سيما بين محوري المولاة التي يمثلها اللاعب الرئيس الولايات المتحدة الامريكية وادواتها في ذلك دول الخليج العربي وفي بعض الاحيان تركيا، وبين محور الممانعة ” ايران- روسيا” واداوتهم في ذلك العراق وسوريا ولبنان والان دخلت اليمن خط المحاور وفي بعض الاحيان الصين بشكل غير مباشر.
هذان المحوران يحركان منطقة الشرق الاوسط كونها مساحة اشتغال مناسبة لصراعهما بين ان يكون العالم احادي القطبية وهذا ما تسعى الى ادامته الولايات المتحدة الامريكية و ثنائي او متعدد القطبية وهذا ما تسعى الى خلقه ايران وروسيا والصين ونتيجة ذلك تجري صراعات جانبية كبيرة وكثيرة جدا في هذه المساحة.
ومن هذه الصراعات الواجبة الحصول هو ترتيب الاوراق الداخلية لدول ” ادوات صراع المحورين” .
اختيار رئيس الوزراء العراقي يدخل ضمن هذه الدائرة والدليل تجربة ثلاث حكومات متعاقبة اثنتان من ٢٠٠٥-٢٠١٤ برئاسة السيد نوري المالكي والثالثة الحالية برئاسة حيدر العبادي، وهذه الحكومات برز في تشكيلهما الدور الدولي بشكل واضح وعلني اذ دعمت الولايات المتحدة الامريكية بشكل واضح حكومة المالكي الاولى وسط ترقب ايراني حذر وصمت روسي، ودعمت ايران حكومة المالكي الثانية وسط ترقب امريكي حذر وممانعة خليجية واضحة وفاعلة، اما حكومة العبادي الاخيرة فقد كانت محط ترحيب امريكي وايراني حذرين، لكنه ترحيب واضح ومعلن، لكنه ليس داعم.
العامل الداخلي المؤيد للعبادي كان مؤثرا بنسبة بسيطة في تدعيم بعض قناعات المحورين، سيما ان دعم المرجعية كان الابرز في نوعه وسط هذا الصراع.
اليوم يجري تحرك واضح لتغيير خريطة ” استلام السلطة ” في العراق وهذا التغيير لا يمكن له ان يحصل خارج اطار ” تفاهمات – صراع ” المحورين انفي الذكر لان العراق بالنهاية كما هو الحال في لبنان وسوريا واليمن مساحة اشتغال وبيئة مناسبة للصراع الدولي .
البعض من سياسي البلد يدرك هذه الخريطة تماما ومتغيراتها، بينما يعتقد اخرون ” بحسب فهمهم” انها ممكنة الحدوث بليلة وضحاها.
الرأي العام العراقي الداخلي هو الاضعف في هذه المعادلة ولوبيات الضغط كذلك كون محركاتها خارجية بامتياز والعراق لا يخرج عن هذه الدائرة الا بعد ان يصل لمرحلة الانفجار التي لم تأت بعد.
والخلل في ان العراق ” دولة اداة وليس محور” يتوزع بين المجتمع نفسه باعتباره ” المستهدف” وبين الطبقة السياسية باعتبارها ” المستفيدة” وكذلك منظمات المجمتع المدني والمؤسسة الدينية باعتبارها ” الموجه”
ان تكون جزء من محور لا يعني نقصا بحد ذاته اذا اجدت اللعب ضمن اطارها كفاعل ” مرفوع”، لكن ان تكون مفعولا به ” منصوبا” دائما هذاهو الفشل بحد ذاته على مجمل الاوضاع في العراق، وواضح اليوم لاي بسيط اي المحورين يجب ان يختار العراق وهذا الاختيار لا يتم على اساس مبدئي بل على اساس مصلحي برغماتي بحت، لكن المهم ان تكون فاعلا لا مفعولا به .