23 ديسمبر، 2024 6:24 ص

تغيير الحكومة ام تعديلها!؟

تغيير الحكومة ام تعديلها!؟

تفاقمت الازمات في ظل حكومة العبادي وفشلت النخب الحاكمة وتحديداً التحالف الوطني في تقديم مشروع جدي للاصلاح والتغيير، وجميعها تمسكت بالمبادىء والاسس والركائز الفكرية والسياسية التي اقيم عليها النظام برغم ظاهرة الاستعصاء على الحل لمشكلات البلاد.

العبادي الغريق جراء تشبثه بالنهج السابق والتشاطر والتذاكي الذي لم يمكنه من التخلص من اسباب الازمة ان لم نقل انه اضاف اليها عوامل كابحة اخرى بتردده وعدم قدرته على الحزم وافتقاده للارادة في اتخاذ المعالجات الجذرية. اعلن عن نيته اجراء تعديل او تغيير وزاري ، وهو اعلان ورقي لم يمهد له طوال السنتين الماضيتين وتناسى انه جاء كمرشح تسوية لادارة التوافق، وحتى في هذا لم يحسن الادارة وبقي اسير الاجراءات التقشفية والادارية.

ان الباحث عن حل للازمة الخانقة والشاملة سواء كان  فرداً ام جهة لابد ان يعترف انه هو ذاته جزء منها، وهي ليست ازمة قيادة اشخاص في قمة هرم السلطة تتجسد بعدد من الوزراء، الازمة اعمق من ذلك بكثير، انها ازمة النظام برمته من القمة الى القاعدة ، والمنخور بالمحاصصة والفساد والاختراقات الاقليمية والدولية وضعف الروح الوطنية العامة في المشاريع المطروحة للخروج مما نحن فيه. الدولة بكل اداراتها من المدراء العموميين الى رؤساء الشعب والورش جرى تقاسمها على اساس النسب والحصص على قاعدة المذهب والطائفة والقومية والعرقية والرشوة والفساد حتى في داخل كل جهة سياسية. لم تكن الكفاءة والمهنية والاخلاص والنزاهة وغيرها من المعايير المعروفة في بناء الدولة ومؤسساتها وتولي المسؤولية فيها، حتى مجلس الخدمة الاتحادي الذي كان يمكن لو جرى تعيين اعضائه يخفف من حدة المحاصصة التي يزعم الجميع انهم ضدها، ولكن ايا منهم لا يتخلى عنها اطلاقاً حتى لو كانت الوظيفة عامل نظافة في دائرة ما.

المهم نقول ان حكومة العبادي وهو ذاته من حملة الشهادات ولكن ليس كل حامل شهادة عليا قادر على اشغال مركز عام ولديه الكفاءة والمقدرة على اصدار القرار المطلوب اذا لم يتجرد من خلفيته الحزبية الضيقة وينطلق في ادارته لمهمته من الفضاء الوطني الارحب والاوسع والنظر الى الجميع من هذا المنظار، وهذا ما فشل في تحقيقه العبادي، فاول ما قام به عين الاتباع والمحسوبين عليه في كل منصب شاغر وذي اهمية، طبعاً الحال لايختلف في كل الوزارات، كل وزير وجد في الوزارة ضيعة للجهة التي يمثل، وبالتالي تواطأ مجلس النواب وغفل عن دوره الرقابي وعطله بارادته.

ان التجربة التي بنيت غير طبيعية وليست سوية، فهي قائمة على المحاصصات المختلفة، فهذا التكنوقراط الذي سيجلب للوزارة لا يمكن ان يكون الا (فلاحاً) لدى (السركال) العبادي فمن المستحيل ان تكون لديه عصا موسى ويغير الامور رأساً على عقب او يقلب البناء الخاطىء ويعيد جدرانه المعوجة.

ان التكنوقراط لا تعني شهادة فقط من اولى مقوماتها اتخاذ القرار على وفق معطيات محسوسة من دون الالتفات الى الولاءات، أي التعامل بتجرد في اصدار القرارات، لا يحكمها الا علميتها وعقلانيتها  ومهنيتها وتخصصها  وخدمتها لشعبنا.

أي وزير تكنوقراط يمكن ان يتخذ قراراً يتقاطع او يتعارض مع مصالح الاحزاب الكبيرة والنافذة او مع الميليشيات والاجنحة المسلحة للاحزاب، ستصطف هذه القوى جميعاً وتتوحد وتتناسى خلافاتها وتذبحه من الوريد الى الوريد اذا لم يحسن السير على صراط المحاصصة.

مرة اخرى نقول ان المشكلة في النظام كله، ولا بد من ان يتوجه اليه، والتغيير ان يكون شاملاً بما في ذلك يطول مرشح التسوية حيدر العبادي والا كل حديث عن برنامج ويحاسب امام الائتلاف الذي رشحه هذا كلام لا يقدم ولا يؤخر، الم ينال الثقة على اساس الاتفاق السياسي الذي ركن في الارشيف ولم يطبق منه الا ما توافق مع سياسات جهات محددة وضيقة.

اذا كانت النخب الحاكمة جادة في معالجة عجزها وتخطيه عليها ان تختار رئيس وزراء جديداً من خارجها وتخوله باختيار الفريق الذي يدير دفة الحكومة معه وتراقب تنفيذه لبرنامجه في مجلس النواب على ان تحضر وتستعد لاجراء انتخابات مبكرة نهاية العام الحالي لعل المواطن يبتعد عن من جربهم وفشلوا.