18 ديسمبر، 2024 5:04 م

تغييب دور السلطة الرابعة.. كلمة السيد المالكي أنموذجا

تغييب دور السلطة الرابعة.. كلمة السيد المالكي أنموذجا

لأول مرة في تأريخ العملية السياسية ينبري قيادي فيها وقد تولى رئاسة الوزراء لولايتين وهو رئيس إئتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي الذي يعد أحد رموز العملية السياسية وكبار سياسييها وإذا به يخفي مكانة السلطة الرابعة وهي الصحافة والإعلام عموما وممثلها هي نقابة الصحفيين العراقيين ويمنح صفتها ومهامها للقوى والأحزاب السياسية التي تشكلت منها العملية السياسية حصرا، وهي سابقة لم تعهدا مسيرة الصحافة وسلطتها الرابعة منذ عشرات السنين .

وقد عبرت أوساط صحفية وسياسية عن إستغرابها من تجاوز السيد المالكي على السلطة الرابعة وهي الصحافة في كلمته مساء الخميس 12 أيلول 2024 ناسيا أو متناسيا دورها المشرف في الرقابة والحفاظ على الخطاب الإعلامي العراقي الموحد المعتدل ليسبغ هذا الوصف أي السلطة الرابعة ويمنحها للقوى السياسية العراقية في أول تجاوز من مسؤول رفيع في الإطار وقيادي كبير يفترض أن لايورط نفسه في إطلاق تسميات للآخرين على هواه ، وإن وصف السلطة الرابعة كما هو متعارف عليه منذ عشرات السنين يقتصر على سلطة الصحافة والإعلام وليس على القوى السياسية بأي حال من الأحوال.

وأشارت الأوساط الصحفية في برامج حوارية وعلى منصات التواصل الاجتماعي وفي مقالات عدة نشرت بالمواقع الإخبارية بعد كلمة السيد المالكي الاخيرة الى أن هذا الإنكار يحدث لأول مرة في العراق منذ أكثر من عشرين عاما من قيادي كبير في الاطار كان هو رئيس وزراء فيه لدورتين وكان يقدر الصحافة ويضعها نصب عينيه ، لكن هذه المرة ذهب كثيرا في إطلاق أوصاف وسمات على الاحزاب السياسية ورددها أكثر من مرة واصفا إياها بأنها السلطة الرابعة وهي ليس (زلة لسان) كما يتوهم البعض بل ينبغي أن يتراجع عنها السيد المالكي ويعتذر عنها كونها تعد تجاوزا على هرم كبير وهو نقابة الصحفيين العراقيين وعلى عشرات الآلاف من الأسرة الصحفية التي عدت تصريحات من هذا النوع بأنه مستغربة وغير مسؤولة.

الأوساط الصحفية العراقية ونخبها المثقفة دعت نقابة الصحفيين العراقيين من جانبها الى توضيح موقفها وإصدار بيان عاجل يرفض التنكر للسلطة الرابعة أو يتناسى كائن من كان دور ومكانة الصحافة كسلطة رابعة ، في وقت يتهافت السياسيون أنفسهم على وسائل الإعلام والفضائيات والمواقع الإخبارية لأغراض الظهور في الخطب والتصريحات وكل الفعاليات السياسية وأخبار البلد بمختلف أنواعها وتوجهاتها ، وهم أي السياسيون هم من يطلبون تغطية تلك الأنشطة السياسية التي تخدم توجهاتهم أنفسهم إعلاميا ثم بدأت موجة أخيرة من بعض مستشاريهم والمقربين منهم من يحمل الصحافة مسؤولية إثارة الأزمات التي يفتعلونها هم وليس الإعلام.

وتعبر تلك الأوساط الصحفية عن إستغرابها من إطلاق تلك المهمة على القوى السياسية التي هي نفسها موجودة في الرئاسات الثلاث التي تشاركها هذه السلطة وتتقاسم معها غنائمها ، ولا علاقة لها بالسلطة الرابعة وهي الصحافة التي هي من تراقب أداء كل تلك السلطات وليس الأحزاب السياسية علما بأن السلطة الرابعة وهي صاحبة الجلالة تمارس دورها الإعلامي والريادي وفق الدستور والقانون وليس من حق أحد سلبها هذا الإختصاص أو تلك المهمة.