23 ديسمبر، 2024 11:45 ص

تغير المعطيات يضعف الأقليات ” الاقليم انموذجاً ”  

تغير المعطيات يضعف الأقليات ” الاقليم انموذجاً ”  

الاكراد بيضة القبان في كل المعادلات ، بسبب طبيعة المجتمع العراقي ، والتنافس الحاصل على السلطة ، لمركزيتها في استحصال الحقوق في ظل نظام غير مستقر ، فقبل هذا التنافس كان الاكراد هم حلفاء الشيعة الاستراتيجيون ، نظراً لمعاناتهم المشتركة من نظام المقبور هدام ، وتطلعاتهم المشتركة في ازاحة هذا الظلم ، اتسمت علاقتهم بالتفاهم حتى وصلت أشباه القيادات الى الواجهة ، ولم تكن تجيد الفن الدبلوماسي وسياسة الحوار ، والتفكير الاستراتيجي الذي يقدم تنازلات بسيطة من اجل خطط استراتيجية بعيدة الامد ، وانما انتهجت سياسة تقديم التنازلات الكبيرة من اجل مكاسب انية غير مؤثرة استراتيجياً ، كولاية ثانية وما شابهها ، فحصلت اتفاقية أربيل وتنازلاتها مقابل الولاية الثانية ، ولايزال الكثير من بنودها غير معلوم ، عدا جيش الاقليم ، وتصدير النفط ، وتقاسم الثروات ، وزيادة حصة الوزارات ، وهذا لم يكن ذنب الاكراد ، وانما هدايا السماء تساقطت عليهم ! 
اختلفت المعادلات بعد دخول داعش ، اختلطت الأوراق ، زال المالكي الحليف السلطوي ، وسقطت الموصل ، وتهددت حدود الاقليم بين ليلة وضحاها ، اضافة الى الأزمة المالية الخانقة التي ألقت بضلالها على المنطقة برمتها ، بات الاقليم في موقف لا يحسد عليه ، وقد مر بظروف أفضل من هذه بكثير ، كان فيها صاحب المبادرة 
انتهج البرزاني الخطاب القومي بعدما ضعفت شعبيته ، وابتعد عنه شركاؤه ، باحثاً عن مخرج لازمته الداخلية ، يشد انتباه الجماهير اليه ، بعدما وجهت أنظارها اليه متسائلة ، أين مليارات تصدير النفط الى تركيا ؟ ، وقد اصبح الاقليم غير قادر على دفع رواتب موظفيه منذ شهور عدة الاقليم ورئاسته تخضع لضغوط لم تتعرض لها مسبقاً ، ( ٢٥ ) مليار دولار ديون الشركات النفطية ، تعجز عن تسديدها ، مما يدفعها بأتجاه بغداد ، والقبول بجميع شروطها ، فضلاً عن تصفير ازماتها معها ، طمعاً بال( ١٧ ٪‏ ) كاملة ، خصوصاً بعد توقيع الاتفاق النفطي الذي يشترط إعطاء موازنة الاقليم مقابل تسليم الاقليم لنفطه لبغداد ، فأصبح الاقليم بين مطرقة الشركات ، وسندان العاصمة التي ابتدأت تجيد اللعب مع الاقليم بوجود بعض الشخصيات الحكيمة التي تعرف اللعبة جيداً ! 
الراعي الاقليمي منشغل ومتناقض معهم تبعاً لمصالحه ، بعدما كان الاقليم يستقوي بتركيا ، اصبح محرجاً من تصرفاتها تجاه أكراد تركيا وسوريا ، خصوصاً وان شعار دولتهم قومي ، وهم يتحالفون مع مضطهد اخوتهم الاكراد ، مما جعل شعارهم القومي خاوياً هزيلاً ، كشعارالبعث الذي لم يحقق لا الوحدة ، ولا الحرية ولا الاشتراكية.
كركوك الحلم الثاني بعد الدولة ، وضمها الى إقليمهم تمهيداً لإعلان الدولة الكردية ، يصطدم بشركائهم السنة ، كون هذه الاراضي ذات امتدادات عشائرية سنية ، ولن يسمح السنة لهم بالاستيلاء عليها ، وهذا يمهد لصدام بينهم وبين الاخير ، مما يجعل الطرفين بحاجة بغداد ليستقوي احدهم بها على الاخر ، وفق نظرية الحليف الاقوى والمسيطر ، فكل الأجواء مهيئة لان تلعب بغداد الدور الابرز ، وتعيد المبادرة للعاصمة بعدما كانت تحركاتها عبارة عن ردات فعل ، والتساؤل الابرز لا يرتبط بالسنة او الكرد ، وانما يرتبط ببغداد نفسها ، فهل بغداد مستعدة لاستثمار هذه الفرصة لتدخل على الخط وتلعب دوراً محورياً في لملمة الأوضاع ؟ ، وهل تترك العناد والاستئثار بالسلطة وتلجأ لشخصيات حكيمة عرفت بقدرتها التفاوضية وحل النزاعات ، اضافة الى تأثيرها الكبير على الاكراد ؟!