تغير التناسب بين ايرادات القطاعات الاقتصادية

تغير التناسب بين ايرادات القطاعات الاقتصادية

كان المتوقع ان تزداد نسبة الايرادات غير النفطية في الاقتصاد الوطني بعد التغيير عام 2003 ورفع العقوبات وارتفاع الايرادات النفطية الى مديات غير مسبوقة , الا ان الحال بقى على ما هو عليه, اقتصاد ريعي , وخطط اقتصادية  مشوهة , ولم تتطور القطاعات الاقتصادية غير النفطية , انتجت مجتمعا استهلاكيا بامتياز, واكثر من ذلك اضعف الانتاج الوطني العام بشقيه , العام والخاص .

فقد كشفت وزارة المالية الاتحادية  أن حجم الإيرادات في الموازنة الاتحادية منذ كانون الثاني لغاية آذار 2025 تخطى 27 ترليون دينار، مع مساهمة النفط بنسبة 91% من مجموع الإيرادات .

ان جل هذه الموارد انفقت على استيراد السلع الاستهلاكية , واستمر الاهمال للصناعات التحويلة , وبقي الاقتصاد رخوا , ولم يجر تأهيل القطاع العام , بل ان غالبية منشاته توقفت عن العمل وجرى سعي محموم لبيعها برخص التراب او تفكيكها لولا مقاومة العاملين فيها لهذه السياسة , ولتم انهائها كلها , ومن ثم اللجوء الى الشراكة مع  القطاع الخاص لأفضلها عن  طريق ما سمي بالاستثمار الذي تشوبه اتهامات الفساد  ..

كان يمكن زيادة الايرادات غير النفطية من خلال تحديث القطاع العام ودعم القطاع الخاص وتقديم التسهيلات لهما والحماية للمنتجات الوطنية اسوة بالبلدان الاخرى , الى جانب اتباع سياسة ضريبية سليمة لا يمكن التهرب منها و لا يشوبها الفساد .

ان تطوير قطاعات الانتاج  الصناعي والزراعي والخدمي والسياحي وضبط التجارة ومنافذها الحدودية من التلاعب وغيرها من المجالات تسهم في تعظيم الموارد المالية وبالتالي رفد الدخل القومي وخزينة الدولة بما يسهم في تنمية  القطاعات الاقتصادية وتصيح المعادلة  بشكل معقول بينها وبين المورد الرئيسي المتأتي من القطاع النفطي الذي يكرس الطابع الريعي .

لقد مضى على اطاحة النظام الدكتاتوري اكثر من عشرين عاما , وهو وقت طويل كاف ان يحدث الفارق الملموس , ولكن الحصيلة هزيلة في التنمية المستدامة , وخصوصا في المشاريع الاستراتيجية , بما في ذلك في القطاع النفطي الذي تصدع الحكومة الرؤوس بإنجازاتها فيه , فلا يزال العراق يستورد المشتقات النفطية بمليارات الدولارات , وصناعته البتروكيمياوية المدرة للدخل لم ترى النور وغازه يحرق وفي باطن الارض ويستورد ما يحتاجه من الجارة ايران .

اذا ما بقيت الامور على هذه الوتيرة والظروف , دون الاعتماد على سياسة اقتصادية ناجحة ومعللة علميا ,  فان تعديل الاختلال بين القطاعات لن يكون في المدى المتوسط , البلاد بحاجة الى نهضة شاملة تعتمد على التوظيف الجيد للموارد المالية والبشرية والامكانات الاخرى  والاعتماد على الكفاءات المشهود لها بعفة اليد ,بعيدا عن المحسوبية والمنسوبية والاستغلال لموارد الدولة وانتهاك حرمة نزاهتها لمنفعة القوى الحاكمة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات