اصدر السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي قرارا بتعيين خمسة عشر موظفا بالدرجات الخاصة شملت تعيين محافظا جديدا للبنك المركزي العراق ورئيس لهيئة الاستثمار وهيئة النزاهة وهيئة الأوراق المالية وامين العاصمة بالإضافة الى مناصب أخرى . وهنا لسنا في محل الحكم على الأشخاص المعينين ولا طريقة تعيينهم فمن عينهم هو اعرف بهذه التفاصيل وبالتأكيد هو احرص على اختيار فريق عمل ينسجم مع توجهاته وما يراه من مصلحة يتطلع لتحقيقها من اجل تعزيز أداء فريقه الحكومي . لكن هنا نريد ان نعرض موضوع التعيينات على الدستور والقوانين النافذه لنرى مدى خضوعها للدستور وللقوانين التي صدر الامر بموجبها .
اذا رجعنا الى الدستور العراقي النافذ نجد ان الفرع الأول من الدستور المخصص للسلطة التشريعية قد ذكر في المادة 61 اختصاصات مجلس النواب وذكر في الفقرة (ب) ان تعيين أصحاب الدرجات الخاصة يكون من ضمن اختصاصات مجلس النواب بناء على اقتراح من ” مجلس الوزراء ” حيث نصت المادة “المادة 61 ” على مايلي ” خامساً:- الموافقة على تعيين كلٍ من:
أ- رئيس وأعضاء محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الادعاء العام، ورئيس هيئة الإشراف القضائي، بالأغلبية المطلقة، بناءً على اقتراحٍ من مجلس القضاء الأعلى.
ب- السفراء وأصحاب الدرجات الخاصة، باقتراح من مجلس الوزراء.
ج- رئيس أركان الجيش، ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات، بناءاً على اقتراحٍ من مجلس الوزراء” .
استنادا الى النص أعلاه فأن صلاحية التعيين ترجع الى مجلس النواب وصلاحية مجلس الوزراء تقتصر فقط على ” اقتراح ” الأسماء .
وقد تم التاكبد على ذلك في نص الفرع الثاني من الدستور الخاص بمجلس الوزراء حيث ذكرت المادة (80) على مايلي ” يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات الآتية:
أولاً:- تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة، والخطط العامة، والإشراف على عمل الوزارات، والجهات غير المرتبطة بوزارة.
ثانياً:- اقتراح مشروعات القوانين.
ثالثاً:- إصدار الأنظمة والتعليمات والقرارات، بهدف تنفيذ القوانين.
رابعاً:- إعداد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي وخطط التنمية.
خامساً:- التوصية إلى مجلس النواب، بالموافقة على تعيين وكلاء الوزارات والسفراء وأصحاب الدرجات الخاصة، ورئيس أركان الجيش ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات الوطني، ورؤساء الأجهزة الأمنية” .
فالفقرة “خامسا” قصرت صلاحية مجلس الوزراء بالنسبة للتعيينات لاصحاب الدرجات الخاصة بالتوصية فقط وليس التعينات .
قد يقول قائل ان التعينات كانت ” بالوكالة ” ولكن لو رجعنا الى النظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم (19) لسنة 2019 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4533 ) والصادر بتاريخ 25 اذار 2019 . نجد ان الفقرة سابعا من المادة الثانية من النظام تنص على ” سابعاً: التوصية إلى مجلس النواب بالموافقة على تعيين وكلاء الوزارات والسفراء وأصحاب الدرجات الخاصة ورئيس أركان الجيش ومعاونيه ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق ورئيس جهاز المخابرات الوطني ورؤساء الأجهزة الأمنية على وفق أحكام الدستور والتشريعات ذات الصلة النافذة بموجبه .”
اذن النظام الداخلي لمجلس الوزراء أيضا يؤكد على ان صلاحيات مجلس الوزراء تقتصر على التوصية بالنسبة للدرجات الخاصة وليس التعينات . وهنا قد يقول قائل نعم ولكن التعينات جاءت بامر رئيس مجلس الوزراء ، وهنا لو رجعنا الى النظام الداخلي سنجد انه قد حدد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء في الفصل الثالث في المواد ” 14 ، 15، 16 ” وليس من ضمنها تعيين موظفي الدرجات الخاصة ولا حتى التوصية. كما ان النظام الداخلي قد حدد ان القرارات في مجلس الوزراء كما ورد في المادة (7) أولاً ” مع مراعاة أحكام البند (ثانياً) من هذه المادة ، يكتمل نصاب عقد المجلس بحضور أغلبية عدد أعضائه وتتخذ القرارات فيه بأغلبية عدد أصوات أعضائه الحاضرين وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوت معه الرئيس” .
كما ان من الجدير بالذكر ان البرنامج الحكومي اكد على انهاء ملف التعيينات بالوكالة من اجل تعزيز استقرار العمل الحكومي ولكن ماجرى يعاكس ما تم إعلانه وخصوصا ان هذه التعينات قد شملت اهم الهيئات غير التابعة لوزارة والمختصة بجهود الحكومة في مكافحة الفساد المالي والإداري والملف النقدي وملف الاستثمار ناهيك عن الملف الامن في جهاز المخابرات والامن الوطني .
في النهاية انما هذا رأي شخصي ويبقى القرار يعود لمن أصدره فهو اعلم بمصلحة إدارة فريقه الحكومي .