22 ديسمبر، 2024 2:01 م

تعويضات لمن قتل العراق

تعويضات لمن قتل العراق

من البديهي ان تكون للشعوب حكومات تدافع عن مصالح وامن هذا الشعب وتعمل وبكل قوة من اجل رفاهية وسعادة بلادها، من البديهي ان تسعى الحكومات الى العمل من اجل كرامة مواطنيها، وكذلك من البديهي ان يكون المواطن وضمن قوانين وتشريعات بلاده هو السيد الأول في الوطن ولا يتم تفضيل الأجانب مهما كانت مسمياتهم على هذا المواطن.

هذه الأمور وكما ذكرت من البديهيات ولا تحتاج الى تفصيل وشرح في الدليل المنطقي على صحتها وشرعيتها، كون الامر وبكل بساطة ان الشعب فوض الحكومة من خلال ممثلين عنه وبغض النظر عن طبيعة هؤلاء الممثلين (مجلس اعيان، مجلس امة ، برلمان ، مجلس وطني … الخ)، أقول فوض هذا الشعب الحكومة لكي تدير أمور البلاد بالنيابة عنه وهذا هو جوهر العملية الديمقراطية واساسها ، ومن خلال هذا التفويض تقوم هذه الحكومة بتنفيذ مهامها وما يعرف عنه ب (السلطة التنفيذية) .

تعمل هذه السلطة وفق المنظور الفلسفي للحكم على ثلاث أسس ، وهي :

1. السلطة الأولى والأخيرة للشعب.

2. سلطة القانون والتشريعات.

3. المصلحة العليا للبلاد.

أي أن سلطة الشعب وبكلمة أوضح إرادة الشعب هي الأساس الأول للحكم ، ومن دونها لا وجود للأساسين الاخرين. من حيث ان سلطة القانون والتشريعات هي وليدة وتعود في الأساس الى سلطة الشعب ، كون ان القوانين والتشريعات تصدر من خلال ممثلي هذا الشعب ، وكذلك ان الذي يحدد ويرسم مصالح البلاد العليا هو الشعب أولا واخرا .

ومن خلال ما تقدم نرى ان الحكومة والسلطات التي تتفرع عنها ما هي الا ممثل وراعي لمصالح الشعب ولا يمكن –وفق الأساس المنطقي- ان تخرج هذه الحكومة عن إرادة الشعب . وهذا ما نراء في اغلب دول العالم وبغض النظر عن مسميات هذا العالم (العالم الأول او الثاني او الثالث)، فالكل تسعى الى مصالح شعوبها باستثناء البعض الذي سيرد توضيح حولهم في قادم الأيام (اذا بقيت الحياة) وفي هذا المقال .

هنالك دول تتولى فيها حكومة السلطة التنفيذية وهي كما هو مفروض منبثقة عن برلمان والبرلمان هو ممثل للشعب، غير ان هنالك توضيح مهم ينبغي ان نشير اليه، ان نسبة مشاركة الشعب في انتخاب هذا البرلمان لم تتجاوز الـ18% ، أي ان هذا البرلمان يمثل 18% من الشعب ، وهو وفي كل الأعراف لا يمثل الشعب باي حال من الأحوال، الامر الاخر ان الحكومة التي صوت عليها البرلمان تمت اقالتها (بغض النظر عن ظروف وأسباب هذه الإقالة التي سنعرض اسرارها لاحقا) وتم الاتيان بحكومة وبرئيس حكومة اخر ، نعم صوت عليه البرلمان ولكن بعد تدخلات وضغوط وظروف لا يمكن ان تعتبر (صحية) لانتاج حكومة، هذه الحكومة الجديدة وبرئيسها تم تسليمها السلطة التنفيذية وفق امرين أساسيين (الأول- من هي الجهة التي قتلت المتظاهرين، انتخابات مبكرة خلال 6 اشهر).

غير ان الذي حدث على ارض الواقع والسبب من وراء تشكيل الحكومة والمهام التي أوكلت اليها جرى فيها التسويف وتصفية حسابات خارجية قبل ان تكون داخلية وجرى تحديد موعد لأجراء الانتخابات غير الذي حدده البرلمان (الذي يمثل 18% من الشعب) .

وكذلك بالنسبة للامر الأول لم يتحديد الجهة الفعلية التي قتلت المتظاهرين ومن يقف وراء تلك العمليات، ولا نريد هنا ان نطلق الاتهامات بشكل عشوائي او ما يطلق عليه (نظرية المؤامرة)، بل ان هنالك أسباب ونتائج يمكن على أساسها ان نؤسس لنظرية –وأقول هنا نظرية- من الجهة الفعلية التي افتعلت الازمة قبل 3 سنوات مضت ونحلل الأسباب لكي نصل الى النتائج التي خلفتها هذه الحركات وعلى أساس هذه النتائج والمستفيد الأول يمكن عندها ان نحدد من الجهة الفعلية غير ان هذا الامر متروك للمقالات القادمة –اذا بقيت الحياة- .

اعود الى ما أوردته في بداية مقالتي هذه من ان الحكومة يجب ومن المسلمات ان تكون راعية ومدافعة عن مصالح الشعب، وما جاء بعده هو عبارة عن تمهيد لما اريد ان اوضحة في قادم الاسطر.

حيث وبسبب رعونة وعمالة اللانظام السابق ارتبط ولف حبل التعويضات على عنق العراق ومنذ عام 1989، عندا انتهت الحرب الرعناء مع ايران واقر العراق دوليا انه هو من اعلن الحرب والغى اتفاقية الجزائر ومن ثم عاد اليها في عام 1988 وفق قرار مجلس الامن الدولي 588، وحسب القانون الدولي ان من يعلن الحرب على دولة أخرى ويلغي اتفاقيات السلام الموقعة يكون ملزم بدفع تعويضات الحرب الى الدولة الأخرى.

وكذلك رعونة أخرى من مسلسل الفشل الصدامي فبعد عام 1991 قيد شعب العراق بعقوبات قاسية ساهم فيها جميع دول العالم بدون استثناء والهدف منها وكما عشنا فصوله هو تجويع ومن ثم قتل العراق أولا ومن جانب اخر ارجاع العراق الى عصر ما قبل الصناعة وهذا ماصرح به وزير خارجية العدو (جيمس بيكر)، والزم العراق إضافة الى ذلك بدفع تعويضات الى الكويت والسعودية والأردن ومصر بمبلغ يفوق الـ 10 مليار دولار كان اخرها قبل شهر 490 مليون دولار للكويت.

غير ان الطريف بالامر ان العراق الزم بدفع تكاليف حرب الكويت (1991) ، حيث شاركت اكثر من 35 دولة بضرب العراق وبالفعل دفع العراق من ثروة شعبه مبالغ المقذوفات والصواريخ التي قتلت ابناءه ، غير انه ومن منطلق الدفاع عن حقوق الشعب – وكما ذكرنا سابقا في مقدمة هذا المقال- لم تدافع أي حكومة سابقة ولا اعتقد سوف تفعل أي حكومة قادمة –كونها جميعا صنيعة خارجية- لم تدافع ولم تطالب هذه الدول بتعويضات عن الخسائر التي تكبدها العراق بسبب ضرب وتعدي هذه الدول على ارض وشعب العراق، فضلا عن ذلك لم تقدم أي حكومة بشكوى – ولو بشكل صوري- ضد الكيان الإسرائيلي لضربه مفاعل تموز عام 1982 – نعم واعتقد ان هذا الامر من المستحيل ان تفعله أي حكومة في العراق .

هذا الامر يقودنا الى حقيقة واضحة للعيان لكن يحتاج الامر الى تذكير، وهو ان أي حكومة او سلطة في العراق لن ولم ترعى مصالح أبناء الشعب العراق لا سابقا ولا لاحقا، كون ان –اللعبة- واضحة المعالم لا تحتاج الى منجم او قارئ طالع ، ولا يحتاج الامر سوى ان تكون هناك يقضة شعبية عارمة في جميع انحاء البلاد ، ولا احسب هذا الامر من المتيسر كونهم يعلمون ما يفعلون عن علم وعمد، فالبعض (اقصد الشعب) البعض مرتبط بحبل يقوده رجال دين اوسياسية والبعض الاخر ومن باب الانفتاح خرج من الدين والأخلاق كرد فعل على تسلط الدين – غير الأصيل – وخرج من ثوب الوطنية ولبس ثوب اخر ، والبعض الاخر وفي سبيل مصالحه مستعد لبيع شرفه ….الخ الى الكثير من الأمور التي شغلوا بها أبناء الشعب الواحد وجعلوهم في واد ومصالح البلد في واد اخر….ولنا تتمة في المقالات القادمة … اذا بقيت الحياة.