23 ديسمبر، 2024 1:34 ص

تعليل الحكم الشرعي و علة الحكم

تعليل الحكم الشرعي و علة الحكم

تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و اله الطيبين الطاهرين .

التعليل من الامور المستفيضة في النصوص الشرعية سواء الاعتقادات او الاحكام الفقهية . و اهمية التعليل لا تكمن فقط في اشارته الى علة الاعتقاد او التشريع ، بل ان التعليل في الاحكام الفقهية يكشف و يبين حقيقة مناط الحكام وهو امر بغاية الاهمية في فهم النص و بيان مدى موضوعية ما تبدو له الموضوعية و مدى عمومية الحكم لغير المورد . و مع ان الفقهاء يشيرون الى التعليلات في كلماتهم الا ان اهمية هذا المبحث و سعة تطبيقاته و تفصيلاتها يوجب ان يكون له بحث مفرد و تنقيح خاص سواء في مباحث العقائد لأجل المعارف الاعتقادية التي يكون للتعليل قوة بيانية ، او في اصول الفقه لأجل استناط الاحكام و بيان مدى موضوعية المواضيع التي فيها علل حكمية باعتباره قرينة بيانية كاشفة عن حقيقة المراد وهذه المقالة خاصة بهذا الجانب .

فصل : تعريف علة الحكم

في معجم اللغة المعاصرة : عِلَّة :- جمع عِلاّت وعِلَل : 1 – مَرَضٌ ، عكسها بُرْء :- أصابته عِلَّة ، – شفاه اللهُ من عِلَّتِه ، – لكُلِّ عِلَّةٍ دواء :- على عِلاّته : كما هو بعيوبه ، بدون تغيير . 2 – سببٌ ، حُجَّةٌ ، مُبرِّرٌ ، يتوقَّف عليه وجود شيء :- عِلَّةٌ واهية ، – لا تصطنع العِلل وأنت مُخطئ ، – عِلَّة أقبح من ذنب ، – لا معلول بدون عِلَّة :- • عِلّة الوجود : مُبرِّره . 3 – ( الفلسفة والتصوُّف ) كُلُّ ما يصدر عنه أمر آخر بالاستقلال أو بوساطة انضمام غيره إليه . و في المعجم الوسيط : العِلَّة : المرض الشاغل . و العِلَّة ( عند الفلاسفة ) : كل ما يصدر عنه أمرٌ آخر بالاستقلال أو بوساطة انضمام غيره إِليه فهو عِلَّة لذلك الأمر ، والأمر معلولٌ له . و العِلَّة من كلِّ شيء : سببه .) وهكذا في غيرهما و كذا هب عند العرف .

و لا يظهر في الشرع استحداث معنى لهذه اللفظة او تخصيص فيه ، بل ولا عند المتشرعة فان العلة في الشريعة ( هي ما يجب الحكم به معه ) وهي مصداق للمعنى اللغوي و العرفي كما هو ظاهر . و عرفت بانها ( مناط الحكم ) بمعنى ما أضاف الشرع الحكم اليه وناطه به ونصبه علامة عليه . و العلة عند البعض ( انها الوصف الظاهر المنضبط المعرِّف للحكم ) وهي وان لم تكن موافقة لكثير من صور العلة الا انها ايضا ليست الا مصداقا للمعنى اللغوي . و من هنا يظهر ضعف القول بالفرق بين العلة و السبب في الاحكام . ومع ان تعليل الاحكام صار ينصرف الى التعليل العقدي للاحكام ببيان المصالح منها، فان بيان علة الحكم فقهيا من

المهام التي يهتم بها في مبحث علم الاصول و الاستنباط ، وهي بيان سبب الحكم فقهيا ، لذلك يكون من المفيد للتمييز بين القسمين ان يشار الى الاولى ب( تعليل الاحكام العقدي ) المعرفي في مجال المعرفة و الى الثاني ( تعليل الاحكام الفقهي ) العملي في مجال العمل ، الاول موضع بحثه ابحاث العقائد و الثاني موضع بحثه اصول الفقه ، وقد يشار الى الاول بالتعليل الكلامي و الى الثاني بالتعليل الاصولي ، وهو جيد بنسبته الى العلم الذي يبحث فيه ، الا ان ما اشرنا اليه بيان قريب لذات المعنى و مستقل عن موضع بحثه .

تنبيه (1) : قد عرفت ان معنى العلة معنى عرفي و استعمالها في الفقه كان وفق ذلك وهي ترادف السبب ، الا انه قد ميز بينها و بين السبب فقيل ان السبب ( معنى ظاهر منضبط ، جعله الشارع إمارة للحكم ) ، وقيد بعضهم السبب بما ليس بينه وبين المسبب مناسبة ظاهرة ، وقيل إن كان يعقل وجه كونه مظنة لتحقيق الحكمة يسمى علة الحكم ، وإن كان لا يعقل وجه هذا الارتباط يسمى سبب الحكم . الا ان كل ذلك من دون مستند عرفي او شرعي و ليس فيه كثير ثمرة .

تنبيه (2) : عرفت ان علة الحكم تارة يراد بها علة التشريع و الحكمة و المصلحة وهي امر معرفي اعتقادي و يسمى التعليل بها ( تعليل الحكم الكلامي و اسميناه العقدي ) و اخرى يراد بها العلة الحكمية و يسمى التعليل بها ( تعليل الحكم الاصولي و اسميناه الفقهي ) . وحكمة التشريع هي بصورة اجمالية المصلحة أو المفسدة التي تترتّب على متعلّق الحكم وقيل انها ( المصلحة المقصودة للشارع من تشريع الحكم ) ، و قد توصف ايضا بالداعي الى الحكم .اما العلة فقد عرفت انها مناط الحكم .

فصل : اصولية و لفظية مسالة التعليل

مع ان التعليل و علة الاحكام بحث علميا لبيان علة الحكم معرفيا الا للتعليل فائدة مهمة عملية هي استنباط الاحكام بصور مختلفة اهمها التعميم على المشتركات بالعلة و بيان مدى موضوعية ما يبدو موضوعا للحكم المنصوص العلة . و لكبروية علة الحكم الفقهية في عملية الاستنباط فانها مسألة اصولية بامتياز ، اذ من الواضح ان التعليل في الاحكام له مصاديق مختلفة متباينة . و من الظاهر التسالم بين المحققين على اصولية مسالة التعليل . قال في الروضة البهية (ويدخل في أصول الفقه معرفة أحوالها (اي الاخبار) عند التعارض وكثير من أحكامها – الى ان قال – ودلالة العقل من الاستصحاب والبراء ة الاصلية وغيرهما داخلة في الاصول، وكذا معرفة ما يحتج به من القياس( قال في الهامش المراد من القياس الذي يحتج به: هي العلة المنصوصة المعبر عنها (بالقياس المنصوص العلة).وهو تام . وقال في الرياض ( فإن العلة المنصوصة يتعدى بها إلى ما عدا موردها وإن اختصت به الإضافة، على الأشهر الأظهر بين الطائفة، كما حقق مستقصى في الكتب الاصولية، مضافا الى التصريح بالكلية ) . و في كشف اللثام ( ويمكن التعلق بالافتاء معرفة تسعة اشياء الكتاب والسنة – الى ان قال –

والقياس مع الاشتراك في العلة المنصوصة ومفهومي الموافقة والمخالفة ونحو ذلك ولسان العرب )

من الظاهر ان اهمية العلة المنصوصة في مبحث علة الاحكام الفقيهة ،و تركيز ابحاث استفادة الفوائد الاستنباطية من تعدية الحكم او تنقيح الموضوع تعتمد اساسا على المفاد الدلالي و البحث اللفظي لها ، من هنا فان مسالة علة الحكم مسألة لفظية . .

فصل : فائدة مسألة التعليل

قد بينا ان من اهم فوائد بحث التعليل و علة الحكم انها تصحح تعديته الى ما يشترك معه بها ، و انها تفيد في تنقيح موضوعه . و في الاخير هي جزء من عملية ( تنقيح الموضوع ) ، اما في الاول أي تعدية الحكم الى المشترك بها فقد يطلق عليه بشكل عام و مطلق ب( القياس ) وهو غير جيد لان من القياس ما لا احراز فيه للعلة الفقهية . لذلك يكون من الجيد وصف عملية تعدية الحكم الى المشترك معه بالعلة بعملية ( تعدية الحكم ) .من هنا تكون اهم فوائد مبحث التعليل هو تنقيح الموضوع و تعدية الحكم .

فصل أقسام علة الحكم

قسمت علة الحكم الى منصوصة و مستنبطة ، لكن لو اخذ احراز العلة في تحقيقها وكون العلة غير المحرزة كما العدم ، فانه لا يبقى وجه لهذا التقسيم ، و تكون علة الحكم مقتصرة على المنصوصة ، اما غيرها من مستنبطة فغير محرزة بحكم العدم . بل ان هذا التقسيم بلا فائدة مطلقا لاعتبار احراز العلة في حجيتها ، ولا احراز للعلة في غير المنصوصة قال في انوار الاصول (إن كان استنباط العلّة استنباطاً ظنّياً فحجّيته أوّل الكلام، والأصل عدمها، وإن كان قطعيّاً فلا إشكال في حجّيته لأنّه حينئذ إمّا أن يكون من قبيل إلغاء الخصوصيّة وتنقيح المناط أو من قبيل المفهوم الموافق أو المستقلاّت العقليّة، ولكنّها بأسرها خارجة عن محلّ النزاع ) .

تنبيه (1) قال في أنوار الاصول ( تقسيم مفهوم الموافقة إلى الأولويّة والمساواة لا يكون تامّاً لأنّ منصوص العلّة في المساواة لا ينطبق عليه تعريف المفهوم، لأنّ المفهوم هو حكم غير مذكور . وقال ( يكون النظر في القياس المستنبط العلّة إلى علّة الحكم، بينما هو في تنقيح المناط يكون إلى موضوع الحكم، والفرق بين الموضوع والعلّة واضح حيث إنّ الموضوع هو عنوان مشتمل على جميع ما له دخل في تنجّز التكليف وفعليّته كعنوان المستطيع في وجوب الحجّ، وأمّا العلّة فإنّها داخلة في سلسلة المبادىء والأغراض ) .

تنبيه (2) قيل بالعلة المستنبطة حينما لا تكون العلة منصوصة ، و قالوا بطرق للتوصل اليها . منها المناسبة وهي الملائم لافعال العقلاء في العادات و منها المؤثر وهو الوصف المؤثر في جنس الحكم و منها الشبه وهو الوصف المستلزم للمناسب و منها طريقة السبر

والتقسيم بأن يقال : لابد للحكم من علة ، والوصف الفلاني لا يصلح لذلك ، وكذلك الوصف الفلاني ، فبقي الثالث، و منها الطرد وهو : أن يكون الوصف الذي ليس بمناسب و لا مستلزم له ، لا يتخلف الحكم عنه في جميع الصور . و كلها كما ترى اذ لا احراز للعلة معها كما هو ظاهر . قال المظفر في اصول الفقه (ان القياس نوع من ( التمثيل ) المصطلح عليه في المنطق وقلنا هناك : ان التمثيل من الادلة التي لا تفيد الا الاحتمال ، لانه ل ايلزم من تشابه شيئين في أمر ، بل في عدة أمور ، ان يتشابها من جميع الوجوه والخصوصيات . نعم ، اذا قويت وجوه الشبه بين الاصل والفرع وتعددت ، يقوى في النفس الاحتمال حتى يكون ظنا ويقرب من اليقين . والقيافة من هذا الباب . ولكن كل ذلك لا يغني عن الحق شيئا . ) و قال في بيان تعذر احراز العلة استنباطيا ( ان ملاكات الاحكام لا مسرح للعقول ، أو لامجال للنظر العقلي فيها ، فلا تعلم الامن طريق السماع من مبلغ الاحكام الذي نصبه الله تعالى مبلغا وهاديا . والغرض من كون الملاكات لا مسرح للعقول فيها أن أصل تعليل الحكم بالملاك لا يعرف الامن طريق السماع لانه أمر توقيفي.)

و صرح صاحب المعالم بعدم حجية المستنبطة حيث قال ( أصل القياس هو الحكم على معلوم بمثل الحكم الثابت لمعلوم آخر ، . لاشتراكهما في علة الحكم . فموضع الحكم الثابت يسمى أصلا ، وموضع الآخر يسمى فرعا ، والمشترك جامعا وعلة . وهي إما مستنبطة أو منصوصة . وقد أطبق أصحابنا على منع العمل بالمستنبطة إلا من شذ . وحكى إجماعهم فيه غير واحد منهم ، وتواتر الاخبار بانكاره عن أهل البيت عليهم السلام . و بالجملة فمنعه يعد في ضروريات المذهب . و قال في انوار الاصول (أنّ القياس الظنّي لا دليل على حجّيته بل قام الدليل على عدم الحجيّة، وهو الذي وقع النزاع فيه بين العامّة والخاصّة بل بين العامّة أنفسهم. و أنّ القياس القطعي حجّة سواءً سمّي قياساً أو لم يسمّ، وهو إمّا راجع إلى قياس الأولويّة، أو قياس المنصوص العلّة، أو تنقيح المناط، أو المستقلاّت العقليّة وشبهها.)

فصل : طرق تحصيل العلة المنصوصة

قد عرفت ان التعليل بالعلة المنصوصة مسألة أصولية لفظية ، و لا يظهر من الشرع تخصيص في هذا الشأن، فيكون طريق تحصيل جارٍ وفق طريقة العقلاء في الاستفادات اللفظية .و بحسب العرف يكفي الظهور في الحراز ، و كفايته واضحة في كلمات الكثيرين . قال في المدارك (ردا لاستدلال ) ويمكن المناقشة في هذه الاولوية ، أما أولا فلعدم ظهور علة الحكم في الاصل التي هي مناط هذا الاستدلال ) .انتهى .وفيها تصريح باعتبار الظهور فيها . و في الجوهر ( إلا أنه قد يشكل مضافا إلى ما يظهر من بعض الاخبار من كون علة الحكم حرمة ونجاسة الاسكار ، وأن كلما عاقبته الخمر فهو خمر) فان الاستدلال بظهور الاخبار في العلة ظاهر . و في مشارق الشموس ( في استدلال ) و وجه الاقرب ظهور اشتراك علة الحكم ) و فيه ايضا (وما ذكره العلامة من اختصاص الذكر بالحباء ففيه أنه لا يفهم من الاخبار أنه علة الحكم وإن كانت مناسبة ) فانه ظاهر في اعتماد الفهم العرفي و الظهور فيه .بل قد صرح في المكاسب المحرمة بعرفية ذلك حيث قال ( لكن يمكن ان يقال: الاشتراء لدفع المضار أو جلب منافع مشروعة غير كامنة في نفس المتعلقات داخل فيها بالغاء الخصوصية أو فهم العرف علة الحكم) انتهى .

و لا بد ان يكون الظهور بحيث لا يقبل الاحتمال و لا يكون في مجال الظن قال في المسالك (وهل يلحق بها أمة العنين والمجبوب والصغير الذي لا يمكن في حقه الوطء نظر، من المشاركة فيما ظن أنه علة الحكم وهو الامن من الوطء، ومن أنه قياس. والمناسب للاصول الشرعية عدم اللحاق. ) انتهى ، بل انه عُبّر اعتبارالعلم بالعلة و الظاهر ارادة ما تقدم من

ارادة العلم العرفي و ما يعتبر فيه لا القطع ففي المستند ( والثاني: بمنع الفحوى، لانها إنما هي إذا علمت علة الحكم في صورة الشك، وهي غير معلومة، فلعله لخصوصية الشك فيه مدخلية ) انتهى .

تنبيه (1) : يميز الوصف الذي تعلق به الحكم بعملية تنقيح المناط بحيث لا يزداد عليه ولا ينقص منه ، كأن يكون الشارع قد نص على الحكم في عين معينة وقد علم بالنص والإجماع أن الحكم لا يختص بها بل يتناولها وغيرها فيحتاج أن ينقح مناط الحكم .

حجية العلة المنصوصة

قال في المعالم : وأما المنصوصة : ففي العمل بها خلاف بينهم . فظاهر المرتضى رضي الله المنع منه أيضا . وقال المحقق رحمه الله : اذا نص الشرع على العلة وكان هناك شاهد حال يدل على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلة في ثبوت الحكم جاز تعدية الحكم . وكان ذلك برهانا . وقال العلامة : الاقوى عندي أن العلة إذا كانت منصوصة وعلم وجودها لذلك : بأن الاحكام الشرعية تابعة للمصالح الخفية والشرع كاشف عنها . فاذا نص على العلة عرفنا أنها الباعثة والموجبة لذلك لحكم . فاين وجدت وجب وجود المعلول ثم حكى عن المانعين الاحتجاج بأن قول الشارع ( : حرمت الخمر لكونها مسكرة ) يحتمل أن تكون العلة هي الاسكار ، وأن يكون إسكار الخمر بحيث يكون قيد الاضافة إلى الخمر معتبرا في العلة . وإذا احتمل الامران لم يجز القياس . وأجاب : بالمنع من احتمال اعتبار القيد في العلة ، فان تجويز ذلك يستلزم تجويز مثله في العقليات – الى ان قال – سلمنا إمكان كون القيد معتبرا في الجملة ، لكن العرف يسقط هذا القيد عن درجة الاعتبار . – الى ان قال- سلمنا : عدم ظهور إلغاء القيد ، لكن دليلكم إنما يتمشى فيما اذا قال الشارع (: حرمت الخمر لكونه مسكرا ) .أما لو قال ( علة حرمة الخمر هي الاسكار ) انتفى ذلك الاحتمال . – الى ان قال – (والتحقيق في هذا الباب أن يقال : النزاع هنا لفظي ، لان المانع إنما منع من التعدية ، لان قوله ( حرمت الخمر لكونه مسكرا ) محتمل لان يكون في تقدير التعليل بالاسكار المختص بالخمر فلا يعم ، وأن يكون في تقدير التعليل بمطلق الاسكار فيعم ، والمثبت يسلم أن التعليل بالاسكار المختص بالخمر غير عام ، وأن التعليل بالمطلق يعم . فظهر أنهم متفقون على ذلك . و قال في المعالم أن المتبادر من العلة حيث يشهد الحال بانسلاخ الخصوصية منها تعلق الحكم بها ، لا بيان الداعى او وجه المصلحة .

فصل شروط تعدية الحكم منصوص العلة

لا بد من احراز امور لأجل تعدية الحكم منصوص العلة الى غيره :-

الاول : ان يكون الدليل ظاهرا فيها .

قد عرفت اعتبار ذلك ، فلا بد ان يكون الدليل ظاهرا في العلة المنصوصة و ان لا يتطرق اليها الاحتمال ، و كل ما هو غير ظاهر يكون بحكم عدم التنصيص لان العلة المنصوصة ظاهرة لفظية .

الثاني : ان تكون العلة تامة للحكم .

قال المحقق رحمه الله : اذا نص الشرع على العلة وكان هناك شاهد حال يدل على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلة في ثبوت الحكم جاز تعدية الحكم . وكان ذلك برهانا ، و قال في اصول الفقه : اذا ورد نص من قبل الشارع في بيان علة الحكم في المقيس عليه فانه يصح الاكتفاء به في تعدية الحكم إلى المقيس بشرطين ( : الاول ) ان نعلم بان العلة المنصوصة تامة يدور معها الحكم اينما دارت .

تنبيه (1) : من تنقيحات العلية التامة هو احراز عدم مدخلية المتعلق الاول في الحكم

قال في الذخيرة ( التحقيق فى العلة المنصوصة ان الحكم يتعدى الى كل موضع يوجد فيه العلة اذا شهد الحال والقرائن على ان خصوص متعلقها الاول لامدخل له فى الحكم لامطلقا )

تنبيه ( 2) : مع ظهور العلة المنصوصة لا عبرة باحتمال مدخلية غيرها . قال الاشتياني في القضاء ( بل هو ما عرفت من ظهور العلة المنصوصة ومعه لامجال للاعتناء بساير الاحتمالات )

الثالث : وجود العلة في المعدّى اليه .

قال في المسالك ( وذلك يوجب التعدي إلى ما توجد فيه العلة المنصوصة ) . و قال في الجواهر (وذلك يوجب التعدي إلى ما توجد فيه العلة المنصوصة ) . و قال في الحدائق ( وقد عرفت مما تقدم في كلام شيخنا الشهيد الثاني أن العمل بالعلة المنصوصة يقتضي وجود تلك العلة في المعدى إليه ) . و قال في اصول الفقه ( اذا ورد نص من قبل الشارع في بيان علة الحكم في المقيس عليه فانه يصح الاكتفاء به في تعدية الحكم إلى المقيس بشرطين – الى ان قال – و ( الثاني ) أن نعلم بوجودها في المقيس .

تنبيه (1) : ان التعدية بالاشتراك يسلك مسلك العموم فتكون العلة بصورة العام للاصل و المعدى اليه ، و ربما يعتبرالبعض العموم في العلة وهو تام و يرجع الى هذا الشرط . و من هنا فالعلة باعتبارها عموما او سلوكها مسلك العام تجري عليها احكامه من تخصيص و نحوه بحسب التفصيل الذي يبحث في مبحث العام فلا موجب لبحث تخصيصها مستقلا .