تعليق أوّلي هادئ على اللحظة السعودية، وسوريا الراهنة

تعليق أوّلي هادئ على اللحظة السعودية، وسوريا الراهنة

هذه ليستْ صورة لحدثٍ عابر، إنها درسٌ بليغ في رسم السياسات وبناء التحالفات، واختيار الشركاء والحلفاء المناسبين في اللحظة الفارقة، وفرصة لمتتبعي المفارقات الكبرى أن يستمتعوا بمشهد نادر.

مَن لا يقرأ بعين فاحصة الذي جرى في آخر ٤٨ ساعة تحديدًا، وآخر ٦ شهور عمومًا؛ واعتبرَ بها وبنتائجها فلا مكان له بين الفاعلين في العالم اليوم، لأنه أحمق، والحمقى لهم مكان آخر في هذا الكوكب.

بتقديري، لقد ارتكبَ العراق عدة حماقات عبر تاريخه الحديث (غزو الكويت نموذجًا)، والكثير من الأخطاء الكارثية خلال الـ٢٢ عامًا الأخيرة؛ لكن أخطرها وأصعبها وأشدها مضاضةً كان اصطفافه (مختارًا أو مرغمًا كما يدّعي لأنها لم تكن إرادته بل إرادة مشغّلي نظامه الحالي – وأعني #إيران تحديدًا) أقول أخطرها على الإطلاق انغماسه المشين والمخزي في الحرب الأهلية السورية التي جاءت على أنقاض ثورة شعبية عارمة، واصطفافه مع نظام الإجرام الأسدي البائد، الذي قتل من العراقيين واللبنانيين ودول أخرى كما قتل شعبه السوري. قلنا هذا في عام ٢٠١١ – ٢٠٢٤… كل الأخطاء خطايا، وخطيئته تلك كانت إثمًا من الكبائر، وأي مبررات ومسوغات لهذا التدخل الإجرامي لا معنى لها، لأنها تجيء تحت لافتة طائفية لا يمكن تجميلها أو مكيجتها مهما حاول أهل البلاغة والكلام المعسول والمدهون فعل ذلك… ونفس رأيي هذا ينطبق على تدخل حـ . ـزب الـلـ . ـه كذلك، وقد جهرت بذلك يوم كان الجهر مكلفًا.

في الصورة المرفقة رجلٌ كان مطلوبًا بتهمة الإرهاب لعقدين من الزمن، سجنته أميركا يوم كانت تحكم العراق كدولة احتلال، ووضعت مقابل رأسه مكافأة بملايين الدولارات… لكنه استطاع (somehow) عبر ترتيب إقليمي ورافعة شعبية سورية لا يمكن تجاهلها، استطاع أن ينجو… وأن يذهب بعيدًا عمّا توقعه أكثر المنجّمين تفاؤلًا.

أما أنا فلستُ منجمًا، ولا أعلم ما تخبئ الأيام لسوريا العزيزة، أو للحكم السوري الجديد في ملفاته الداخلية (قلاقل الساحل والسويداء وقسد) أو علاقاته الإقليمية والدولية، لكنه سيكون قطعًا أفضل من الـ٥٠ عامًا التي حكم بها نظام الأسدين، وكل ما مرّت به البلاد معهما، ورأس النظام الحالي يدرك تمامًا ما يفعله، علينا أن نعترف له بذلك على أقل تقدير إن كنا نحترم أنفسنا، ولا أشك بأنه سيقلم أظفاره بيده قريبًا وينهي الانفلاتات الحاصلة؛ ما دامت هناك رغبة دولية جامعة على احتضان الشعب السوري الذي ظُلم كثيرًا.

[استطراد بالغ الحساسية:
باستثناء الحمقى آنفي الذكر؛ لا يوجد عاقل ينكر أن #السعودية اليوم ليست السعودية عام ٢٠٠٣، يوم كان جورج بوش الابن الأرعن يحمل هراوته في المنطقة محتلًّا بلادًا ومطالبًا بتغيير مناهج أخرى، وفرض “الديمقراطية المزعومة” على فئة ثالثة.
تخلّصت السعودية، اليوم، مما كان يعيقها، فثمة رؤية واضحة تسير بالبلاد إلى غاية ومنزلة واضحة؛ سواء كره معارضوها ذلك أم أحبوه تلك ليست مسألة.
تمسك السعودية، اليوم، بمعظم مفاتيح الحل في المنطقة: اليمن، #سوريا، فلسـ . ـطين، لبنان… ومن المحتمل سيكون لها دور فاعل أكبر في السودان وليبيا، ولها قول وثقل واضحان في رسم مدى مرونة الموقف الأميركي من إيران أو رعونته التي تحاول فرملته، وبوسعها كذلك تأنيب وتوبيخ إسـ . ـرائل دون أن تشعر بالقلق من العاقبة… هذه حقائق، وإنكارها لا يعني عدم وجوده].

الآنَ، ودائمًا بتقديري، على #العراق (وأقولها كعراقي يشعر بالأسى ولا يلعب على الحبال ولا يقيم وزنًا لأحد) أن يصحو… فثمة عربة أخيرة في هذا القطار، عسى أن يجد له مكانًا فيها… أقول هذا ولا أدّعي بأن أميركا ورضاها غاية، بل أقوله لأشير إلى القمر فلا تنظر لإصبعي يا … إلخ!

أخيرًا، آمل أن تنعكس بعضُ قوة اللوبي السعودي “الراهنة” على وضع المظلومين والمحاصرين في غـzـزة… أتمنى حقًّا ولن يكون ذلك بقليل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات