لا توهموا الرئيس.. العبادي في مهب المجاملات!
دخل صدام حسين، الحرب، ضد أمريكا بناء على معلومات سياحية، في العام 1991، من دون تأمل عسكري، بعناصر القوة والضعف، في كفتي ميزان الجيشين المتواجهين.. العراق في الكويت الشقيق وأكثر من ثلاثين جيشا، تناظره على حدود السعودية، فوقعت الكارثة، التي ما زلنا ندفع ثمنها منذ حماقة الغزو في 2 آب 1990، ولحد هذه اللحظة؛ لأن الآحداث التاريخية لا تنتفي بمجرد إنتهاء العمل، إنما لها تبعات كاليورانيوم المنضب، الذي يستمر تأثيره، حيثما تفجر في بقعة ما، لمدة 300 ألف سنة، وقس على ذلك ما يفعله المخصب.
وبالحسابات الميدانية؛ تعد “الوهابية” وما أسفرت عنه من تمظهرات إرهابية.. “القاعدة” و”داعش” وسواهما؛ صفعة نووية لقدسية الإسلام الحنيف؛ دحرتها قواتنا البطلة، التي تجسدت فيها الوحدة الوطنية المثلى، في التصدي للمحن، بشعور عراقي مطلق وليس فئوي نسبي، ضم تحت جناح العراق عربا وكردا وشيعة وسنة ومسيحيين وإيزيديين؛ فحققنا النصر الناجز على “داعش” في “الموصل” بإعتبارها الرفسة الأخيرة في عفن جثة الوحش النافق.. إن شاء الله.
السؤال التاريخي الذي يطرح نفسه تلقائيا: في عهد من تحقق ذلك؟ وكيف أنجز على أرض الواقع؟ فيحق لقاعدة الهرم البسيطة، أن تفخر بالنصر، مثلما تفخر قمته.. مِن قائد عام للقوات المسلحة ومَن حوله، الى أبسط جندي!
ومشكلتنا بمن حوله! الذين أتمنى عليهم ألا يوهموا رئيس الوزراء د. حيدر العبادي، بمعلومات غير دقيقة، عن ضراوة المعارك الشرسة، التي تستنزفنا شبابا ومالا، وفيها قدر ما، من كر.. يتطلب إقداما جسورا، وفر.. ينطوي على تحايل مدبر وإلتفافات خادعة و”الله خير الماكرين”.
فلا تجاملوا الرئيس بتعظيم ذاته؛ لأنه يعمل موظفا منتخبا بصفة رئيس وزراء، حاله كحال أي موظف آخر، مع فارق طبيعة المسؤوليات الجسيمة، التي يتحملها؛ ونحن 30 مليون مواطن عراقي، إن شاء الله، عون له في تخطي المرحلة الحربية، وعون في الولوج الى مرحلة السلام، أوان البناء الحضاري لعراق يترفه أبناؤه بخيراته.. نزاهة من دون فساد.
يشهد التاريخ بالجودة، لمن أجاد.. وبالسوء لمن أساء، وهو فلتر لن يخطئ التمييز بين جان ومجني عليه، ولا بين ظالم وضحية، ينصفهما ولو بعد حين…
مؤكدا، يجب ألا يعد الإنتصار منجز شخصي للعبادي، بقدر ما هو منجز وطني تحقق بقيادة العبادي؛ وفي ذلك إنصاف لشخص رئيس الوزراء.. القائد العام للقوات المسلحة، ولكل مقاتل أسهم في المعركة، حتى الجندي البسيط.. مثل شقيق صديقي ذي الـ 25 ربيعا، الذي أصيب بالعمود الفقري، وسيقضي ما تبقى من زهرة شبابه، قعيد الكرسي المتحرك.
كل هؤلاء مساهمون بتحقيق النصر على “داعش” جنبا الى جنب مع العبادي؛ فإمدحوهم بنفس ما تمدحونه وأكثر، من دون المبالغة بتعظيم المتحقق ولا تخفيف الخسائر ولا إحباط الهمم ولا تدفق نشوة النصر حد التيه غرورا.
ومن ذلك.. حرائق آبار النفط التي تستوجب الإستعانة بشركات عالمية متخصصة والإستئناس بمشورة دولة الكويت الشقيقة، التي لها تجربة ناجحة في هذا الميدان عام 1991؛ بعد تحررها من غزو الطاغية المقبور صدام حسين، الذي أحرق آبار النفط، وهو يهزم، تواصلا مع ما فعلت “داعش” خليفته، في نفط الموصل،…
خلاصة القول، العبادي أدى واجبه بجدارة.. مشكورا، وحوله رجال أشداء، معظمهم حشد طوعي وسرايا قاتلت وإستشهدت وتعوقت وتركت أرزاق عوائلها بشعور ديني في خدمة الوطن، فضلا عن عسكر محترفين و… فلا تعظموا ذوات بل مجدوا المنجز، وكل من أسهم في تحقيقه.. من رأس الهرم الى قاعدته.