23 ديسمبر، 2024 3:57 ص

تعظيم الايرادات الكمركية

تعظيم الايرادات الكمركية

ارتفعت الايرادات الكمركية خلال الأشهر الأخيرة بشكل ملموس. وذلك نتيجة لتحسين الرقابة وتطبيق التعليمات. وعلى سبيل المثال قال مدير منفذ سفوان الحدودي عباس كاظم ان ايرادات المركز بلغت ذروتها في ايار الماضي حيث تجاوزت الـ (17) مليار دينار, وعزا ذلك الى العمل على تطبيق التعرفة الكمركية.
الواقع ان الكمارك في كل البلدان تشكل دخلاً وموروداً مالياً للموازنات والدخل الوطني يسهم في سد نفقات الدولة بنسبة لا يستهان بها, الى جانب اهميتها الاخرى في الحماية الوطنية للمنتجات المحلية..
الموارد في الفترة السابقة هزيلة جداً وتكاد لا تذكر مع ما هو متوقع من جباية لو جرت بصورة دقيقة وجمعها بأمانة لا يشوبها الفساد المستشري في المنافذ الحدودية للبلاد مع دول الجوار.
ان اي منفذ حسب التقارير الاقتصادية يشكل منجماً للذهب ولكن بدلاً من ان يدر ثروات طائلة على العراق. تحول جزء كبير منها الى جيوب بعض العاملين والمسؤولين الذين اصبحوا في مدة قصيرة من الأثرياء ويمتلكون الكثير ليس في العراق وانما في خارجه.
المنافذ الحدودية الداخلية والخارجية تثير الضجة بين الحين والآخر على وفق حجم الابتزاز وفرض الاتاوات التي تفرض على المستوردين للبضائع, فحسب ما تسرب الى الاعلام ومن تصريحات المسؤولين في الحكومة ونواب ان لكل شاحنة تسعيرة, ولحمولتها ايضاً, ولكن المنافذ تتساهل وتفرض ضرائب ورسوماً اقل بكثير من التعرفة المطلوبة, والفرق يتقاسمه الراشي والمرتشي… الى جانب طرق كثيرة في الاحتيال والفساد.
اتخذت الحكومة اجراءات للحد من ظاهرة الفساد ولكنها ليست كافية, وما تزال ظروف الروتين والبيروقراطية والأداء السيئ والبطيء تدفع نحو ممارسة الفساد.. لذلك الفاسدون يتكيفون مع كل اجراء خصوصاً ان العقوبات ليست رادعة, بل انهم مستعدون لتحملها سلفاً, كونها لا تشكل الا نسبة بسيطة مما يدره الفساد على المفسدين.
الحكومة لجأت الى السيطرات الداخلية الطارئة والثابتة, صحيح انها حققت بعض النجاحات في ايقاف بعض التلاعب بالضرائب الكمركية والرسوم ولكنها لم تكن حاسمة, ولا تردع ضعاف النفوس عن تكرار فعلتهم, ربما قللت من حجم الرشاوى التي تدفع في بعض المنافع ولكنه لم تقض عليها, وذلك لخوف المستورد من تكرار الدفع في اماكن اخرى, ولكنه بقي عرضة للابتزاز.
من هذا وغيره نخلص الى ان هذا التحسن في الايرادات الكمركية ليس كافياً, وهناك امكانية ان يبلغ مدياته القصوى, اذا ما درسنا التجربة في التحسن والأخطاء والخطايا السابقة, وقطعنا مجاري الفساد, واستمعنا الى هموم المواطنين, وبسطنا الإجراءات واعتمدنا على التكنولوجيا وتشديد الرقابة, واختيار من تتوفر بهم النزاهة والكفاءة للعمل في هذه المنافذ, ومن المهم تغيير القوانين لجهة تشديد العقوبات على الذين يثبت تورطهم في الفساد بأشكاله وانواعه.
ان الايرادات الكمركية هي ليست ذات تأثير في تعظيم الموارد فقط, وانما لها تداعيات اجتماعية في تعليم الناس على الإلتزام بالقوانين, والارتقاء بمستوى الموقف من الحفاظ على المال العام وعدم التجاوز عليه ونهبه, وبالتالي ما يرد من اقوال تعم على الجميع, وعندما يتطور الاقتصاد الوطني والاهم ان مردودها على المواطنين يتجسد في التخفيض من فرض الضرائب المباشرة لسد العجز في الموازنات وتحميلهم اجوراً عالية عن الخدمات .