22 نوفمبر، 2024 12:12 م
Search
Close this search box.

تعريف جديد لتنظيم القاعدة

تعريف جديد لتنظيم القاعدة

بقلم / كاثرين زيمرمان
ترجمة / احمد عبد الامير
وهي أحد كبار المحللين في مشروع التهديدات الحاسمة التابع لمعهد المؤسسة الأمريكية
صحيفة الواشنطن بوست
ما هو تنظيم القاعدة بالضبط؟ ومن الذي يبدي له إهتماما؟ هناك إرتباك كبير بشأن كيفية تحديد المجموعة الإرهابية. هل القاعدة ضالعة في هجوم 11 سبتمبر 2012 ببنغازي ليبيا والذي خلّف أربعة قتلى أمريكيين؟ تقول إدارة أوباما: لا. وهل المجموعات الآخدة بالإنتشار حول إفريقيا والشرق الأوسط هي حقا جزء من تنظيم القاعدة الذي اسقط مركز التجارة العالمي وضرب البنتاغون؟
ليس هناك من إجابة بسيطة لذلك. إن تنظيم القاعدة ما هو إلا منظمة إرهابية عالمية تعتمد على السرية لديمومة بقائها، وتختلط الأمور حتى على أعضاء التنظيم أنفسهم بشأن وضع بعضهم البعض، فقد طلب قائد مجموعة في اليمن من نظيره الجزائري توضيح علاقة جماعة أنصار الدين بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. إن الطبيعة السرية للشبكة تحجب بصورة متعمدة، العديد من العلاقات.
هنا تكمن المشكلة: وفقا لشهادة رفعت عنها السرية أخيرا، أدلى بها الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة أمام لجنة الخدمات العسكرية بمجلس النواب في أكتوبر، فإن الجيش الأمريكي يعتبر نفسه ممنوعا قانونيا من ملاحقة مرتكبي هجوم بنغازي (وكذلك ممنوعا افتراضا من ملاحقة اخرين هاجموا امريكيين) مالم يكونوا تابعين للقاعدة.
ولكن ليس بوسع الولايات المتحدة تعطيل أو الدفاع عن نفسها ضد عدو لا تستطيع تحديده. ولا أننا أكثر أمنا بسبب التعريفات الاعتباطية. فالسؤال يتطلب إجابة: ما هو تنظيم القاعدة؟
لقد قامت قيادة القاعدة بتنظيم استخدام اسمها ومواردها، واعترفت رسميا وعلنا بفروعها في اليمن والعراق والصومال وسوريا وغرب إفريقيا، وفي كل حالة من هذه الحالات، تعهدت القيادة الإقليمية هناك بالولاء لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي قبل بدوره هذاالعهد. ولربما تكون المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جن بساكي على حق عندما قالت الشهر المنصرم “إنهم لا يقومون بتوزيع الـ تي شيرتات أو بطاقات العضوية”، إلا أن اي تعريف معقول لعضوية المجموعة يجب أن يعترف صراحة وعلنا بقسم الولاء والقيادة المتبادل بين اسامة بن لادن والظواهري من ناحية، وقادة الإمتياز العلني من القاعدة من جهة أخرى. 
ويختلف العديد من الخبراء حول مدى كون الميليشيات، الموجهة محليا، جزءاً من تنظيم القاعدة، وقد ركز البيت الأبيض على الإرهابيين الذين يقومون حاليا باستهداف الولايات المتحدة، والذين يشكلون مجموعة فرعية صغيرة من تنظيم القاعدة إجمالا. وفي سياق النقاش حول بنغازي، تم تضييق التركيز أكثر إلى السؤال حول ما إذا كان “تنظيم القاعدة النواة” قد أصدر الأوامر بشأن القيام بهجوم معين.
هناك إختلافحتى حول تعريف “نواة” تنظيم القاعدة، حيث يقترح معظم مسؤولي الإدارة إنها تلك المجموعة الصغيرة التي تستمر برفقة الظواهري في باكستان، ويعرّفها آخرون على أنها مكونة من محاربين قدامى في شبكة القاعدة، كانوا نشطين قبل هجمات 11 سبتمبر 2001، ولكن هذه النواة أصابها التشتت لفترة طويلة، مع وجود جزء صغير منها فقط مازال في باكستان، وإن بعض أعضائه يقودون الآن الفروع الإقليمية لامتيازات القاعدة، منهم ناصر الوحيشي، السكرتير السابق لابن لادن، وهو أيضا أمير تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والمدير العام لتنظيم القاعدة على حد سواء.
في الواقع، إن أهداف تنظيم القاعدة قد تعززت بفعل ما تسمى النواة، والإمتياز والجماعات المحلية التي تتمتع بعدم وجود علاقات رسمية مع فريق الظواهري، فشبكات كل من جمال في مصر و”الملثمون” في منطقة الساحل وتحريك إي طالبان (طالبان الباكستانية) لها علاقة مباشرة ولكن ليست رسمية بتنظيم القاعدة، وطرحت طالبان باكستان مشكلة تعريف خاصة لأنها لم تسع ولم تتلق العضوية الرسمية من القاعدة، ومع ذلك فقد أدارت محاولة تفجير التايم سكوير في مايو 2010.
ويشكل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية التهديد الأعظم للولايات المتحدة، فقد حاول هذا التنظيم مهاجمة الولايات المتحدة ثلاث مرات منذ العام 2009 وإن زعيمه- كما هو واضح- عضو في تنظيم القاعدة النواة، على الرغم من وجوده في اليمن، وماتزال معظم جهود القاعدة في شبه جزيرة العرب خلال السنوات الأخيرة تتجه إلى فرض سيطرتها على أجزاء من اليمن، مما يجعلها “مركّزة محليا”. ما الذي كوّن “الشباب”، وهو التنظيم التابع في الصومال والمعترف به ولكنه لا يستخدم اسم تنظيم القاعدة؟ ويتركز في الصومال ولكنه قام بشن هجمات في أنحاء المنطقة ويقوم بالتجنيد بصورة مباشرة، مستخدما اللغة الإنكليزية، من بين الجالية الصومالية الأمريكية.
إن القاعدة اليوم ما هي إلا تحقيق لرؤية بن لادنالأوسع، فإنه لا يحدد نفسه فقط على تأسيس وإدارة القاعدة ولكنه تخيل شبكة تتوحد فيها الجماعات التي تحمل فكرا متشابها وتمتد إلى ما هو أبعد من حدود الدولة. إن نشطاء القاعدة العاملين حول خليفة بن لادن في باكستان هم- على الأقل في الوقت الحاضر- مطوقون من قبل القوات الأمريكية في أفغانستان، ومحاصرون جراء الهجمات التي تشنها الطائرات المسيّرة الأمريكية من قواعدها في أفغانستان. ولكن شبكة القاعدة- المجموعة المعرّفة المكونة من جماعات تعمل من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا- وتقوم بتنفيذ تركة بن لادن، ماتزال تشكل خطرا.  
إن التعريف الضيّق للغاية لتنظيم القاعدة لايقل خطورة فقطعن ذلك الذي يشتمل على كل مجموعة متطرفة مسلمة سنية. من الواضح ان ليس كل أجزاء شبكة القاعدة الواسعة تشكل خطرا متساويا، ولا التعامل مع كل منها يتطلب استخدام القوة العسكرية بصورة تلقائية. إن القرار باستخدام القوة ضد تنظيم القاعدة يجب أن يتشكّل من خلال الاستراتيجية وتحديد الأولويات، مثل أي قرار آخر يتعلق بالأمن القومي، ولكن استثناء أجزاء كبيرة من شبكة القاعدة من الأخذ بها بنظر الاعتبار والاختباء وراء دلالات الألفاظ يضمن فشلا ستراتيجيا. إن تعريف العدو بالأدنى هو ليس بالجواب.

أحدث المقالات