23 ديسمبر، 2024 3:30 م

تعريف اللاتعريف !

تعريف اللاتعريف !

يبدو أننا نعرّف الأشياء كما يحلو لنا , لا كما هيّ عليه!!

وهذا خلل فكري وحضاري عربي دامغ ومروّع , إستهلك الأجيال ودحرجها نحو مهاوي الضياع والنسيان!

وعلة ذلك إلقاء ما فينا من مُدركات سلبية خاطئة على ما حولنا من مواقف وتحديات وموجودات متفاعلة , وتدفع لهذا السلوك العواطف والإنفعالات المتراكمة فينا على مرّ العصور!

فمداركنا مصابة بتشوهات متنوعة , ومواقفنا متمترسة خلف ثوابت بالية , وتصورات متأسنة , ومعتقدات ذات أضرار فادحة , تعزز فينا إستلطاف التظلم ودور الضحية , وكأن فينا توق شديد لذرف الدموع ونزف الدماء وإلغاء ما عندنا من طاقات الإبداع والحياة الأبهى.

والأمثلة كثيرة , وآخرها تعريفنا للديمقراطية , وسلوكنا الناجم عنه , حيث عفرنا أسمى المثل والقيم والمعاني الإنسانية , بأقبح الأفعال والأعمال المخزية السقيمة الخالية من قدرات بناء الحاضر والتطلع لمستقبل أفضل وأجمل.

ولا تزال تعريفاتنا متعارضة ومناهضة لجوهر فكرة الديمقراطية , لكننا نحسب تعريفنا الناسف لها هو الديمقراطية التي علينا أن نجسدها ونعمل على تحقيقها , حتى ولو دمرنا البلاد والعباد.

ومن الأمثلة الأخرى , تعريفنا للوطن والوطنية والمواطنة , التي لا تزال مجردة من تعريف ثابت معلوم تتوارثه الأجيال , فكل نظام حكم يأتينا بتعريفاته ومنطلقاته التي تخدم مصالحه الضيقة , ويتجنب الخوض في ممارسات ذات نتائج تعزز سلوك المصالح الوطنية المشتركة.

ويبدو أن مسيرة الأجيال ستمضي في هذه الدائرة المفرغة من التداعيات , إن لم تنهض عقول الأمة النابهة المنورة , وتتحدى بمنطقها وعملها الفكري الريادي , لصناعة التعريف الواقعي الحقيقي للكثير من المنطلقات والمسميات , التي أسهمت في إيقاد مراجل التداعيات والخسران على مرّ العقود.

إن الأمم والمجتمعات لا تكون من غير منطلقات حضارية واضحة , وقابلة للأخذ بالطاقات الإنسانية إلى آفاق التحقيق والتأثير الإيجابي في الحياة , ولهذا كان للفلاسفة والمثقفين دور فعّال في صياغة خارطة الإنطلاق الحضاري , المؤيدة بتفاعل وتواصل الأجيال الواعدة بالعطاء والإبداع الفياض.

فهل لدينا قدرات التعريف , أم أننا منهمكين بالتحريفات والتخريفات التي جلبت علينا من السوء أسوءه؟!!