20 مايو، 2024 7:04 ص
Search
Close this search box.

تعرف على مؤسس الصين الحديثة: هنري كيسينجر

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ ذلك اليوم الاسود على البشرية حينما ذهب هنري كيسينجر الى الصين منتصف السبعينات فجيرها شعبا، حكومة، ثروة و موارد رصيدا في جيب صناعة المال الامريكية – و العالم، بل و التاريخ كمفهوم، تغيرا مرة و الى الابد.

الاتفاق الذي ابرمه كيسينجر مع ماوتسي تونغ كان في منتهى البساطة و هو ان تتراجع امريكا عن اعتبار الصين عدوا شيوعيا، ثم تقبل امريكا بفتح باب نقل التكنولوجيا الغربية و فن ادارة الشركات المتطور للصين على مصراعيه، كما و تقسر امريكا اسواق العالم على قبول المنتجات الصينية بلا حدود مقابل امرين اثنين هما:

اولا، ان تبيع الصين بالدولار حصرا ثم تمر كافة اثمان المشتريات الدولية من بضائع الصين ببنوك نيويورك و تبقى هناك ودائعا، بغض النظر عن دولة المشتري.

الثاني، هو ان تشتري الصين بالمتراكم من هذه الودائع ما يدعى بـ سندات الخزانة الامريكية التي تعرضها امريكا في السوق المفتوحة امام المستثمرين.

منذ ذلك اليوم الشؤم توقفت كل امم الارض عن الصناعة عاجزة عن مجارات سعر السلع القادمة من الصين المتدني لزهد تكاليف العمالة الصينية المبذولة رخيصة رخص التراب يصبها ملايين البشر في الصين ليل نهار يصنعون البضائع و المنتجات، يسوقهم التوق الى هجران حياة الفاقة و العوز و الحرمان التي فرضها عليهم الحزب الشيوعي الصيني بالحديد و النار منذ مجيئ سفاك الدماء ماو للسلطة.

ان ما فعله كيسينجر في حقيقة الامر هو انه حرر طاقة عملاقة كامنة في العمالة الصينية الدؤوبة زهيدة الأجر الى ثراء يدخل بنوك نيويورك الخاصة في كل ثانية، دولارات صنعها عرق، كد و نضال المواطن الصيني الكادح الذي طبعت بكين له ورق العملة المحلية، اليوان، ليضعها في جيبه يقضي بها حاجته، من جهة، و اشترت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بتلك الدولارات التي استقرت في نيويورك ودائعا، ما يدعى بـ سندات الخزانة امريكية التي لا تتعدى ان تكون ورقا مطبوعا باناقة مليئا بعبارات رنانة تقول ان الاوراق هي سندات تستحق على امريكا اعادة مبالغها للصين بعد مضي فترة السند و ان سمعة الولايات المتحدة هي الضمانة.

بينما اثرى النظام المصرفي و القلة القليلة القائمة عليه في امريكا و توابعها من جراء هذا الاتفاق الملعون، انهارت عجلة الصناعة في معظم دول العالم سنة بعد سنة، و بالاخص في امريكا، فلم يعد هناك منتج ما، اينما بيع في العالم من واشنطن الى نيوزيلندا، لم يدمغ بـ صنع في الصين، فسرح مئات الملايين من احسن الطاقات البشرية الخبيرة بالصناعة و الانتاج في الغرب فاقدين مصدر ارزاقهم إلا لينظم غالبيتهم الى برامج المساعدات الاجتماعية التي لا تسد من جوع.

ان واشنطن، المفلسة حسابيا على الورق منذ السبعينات، لم يأت اتفاق كسينجر مع بكين إلا انقاذا لها، اذ خلق الاتفاق في واقع الحال واقعا شاذا، طفيليا، لصوصيا تفوز فيه طبقة علية القوم في امريكا، التي يعود لها كيسينجر، بجبال من ثروة تزيد علوا و علوا كل يوم – كلما كد الشعب الصيني اكثر، ملوثا انهاره و ارضه الزراعيه و مدنه باخطر السموم الصناعية على الاطلاق و اجواء مدنه الرئيسية باجواء لا تصلح لعيش البشر.

اما ورق سندات الخزانة الامريكة التي دفع مواطن الصين كد عمره لشراءها حتى دون ان تخبره قيادته العفيفة فلم تعد إلا حبر على ورق حيث ان مديونية الولايات المتحدة اليوم هي ازيد عن 4 مليار دولار لن تستطيع امريكا ايفاءها ولو ظلت تعمل و تسدد مبلغ الدين وان لا اكلت و لا شربت.

للمتوهمين ان الصين قوة كبرى مستقلة لها سيادة على مصيرها، تكفي هذه الحقائق ان تجعلهم يدركون ان الصين مهما كبر حجم شعبها ليلامس 1500 مليون نفر، فانها مرهونة بما تمليه عليها الدوائر الامريكية، ودائعها النقدية و سبائك ذهبها تظل في نيويورك و مستقبلها تقرره واشنطن.

و هكذا أذا كانت الصين بجلالة قدرها قد سقطت ضحية لـ مهندس الأمم فما بال السعودية، ايران، روسيا، ناهيك عن العراق؟

حينما وصل كسينجر بكين في السبعينات كان يرى احداث 2016 بأم عينيه. و بينما يرى هو الان بأم عينيه احداث 2040، نحن نعيش مستقبلنا و كأنه ماض، وقع و انتهى، و لو توهمنا ان الفضائيات تنقل لنا وقائعه حية – قرر مآسينا و خاتماته فيه مهندس الأمم 40 عاما مضت.

مستقبلنا المشحون بالحرب و الدم و الدمار الذي لا سيطرة لنا عليه مهما فعلنا و لا نعرف اين سينتهي بنا، هو في الحقيقة تاريخ، فقراته سجلت في مشروع مهندس الامم 40 سنة مضت، و بعض المحللين يقولون اكثر.

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب