ومع بداية قراءتي عند الفجر لما ملقى أمامي على المنضدة فقد قرأت الحركة الرابعة التي تتناول النار في (لتل جندنج ) وهي غنائيات كتبها أليوت ووصفه للحمامة في هبوطها الهواء وبالتأكيد فأن أليوت عبر عن اتجاهاته الدينية ورؤيا الآخرة التي وقودها الناس والحجارة ،عند هذا الحد (ضاق صدري ) لأن المشهد الذي حضر أمامي من قراءة أليوت تلك وما شاهدته شخصيا من القبور كاف لآن يحضر أمامي الشياطين والآبالسة والجان والجنيات والطرق التي ربما طرأت عليها تعديلات في الآخرة عندما يقاد البشر أفواجا أفواجا للحساب ، فالمشاهد التي صورها البعض في كيفية تعذيب الإنسان يوم القيامة مريعة وليت هناك ممثلا لحقوق الإنسان ليرى ليرى الضباع والقدور الضخمة والنار اللهابة التي يرمى فيها الُمذنب المُبجل لذلك راودتني فكرة من أن الاشياء تتطور وتتغير فلربما ضمن هذا التطور يكون عذاب الذي لايكمل مسيرته فوق الحبل المستقيم عذابا مريحا سريعا ويُقضي عليه في اللحظة ولايؤهل مرة ثانية للقيام من حياة الأموات الى حياة الأحياء ولاتُكرر الإسطوانة عليه ، أراد أليوت أن يسلك شارعا مشوها قبل أن يسلك طريق الآخرة لذلك عند نهاية ذلك الشارع تذكر وقال أنا الخليفة أنا الخليفة ،تنحنح كي ينجو من الشبح وتنحنح ولم تكن هناك أي من الأمكانيات التي تقنعه بسيرته هل كانت من السير النظيفة أم القذرة ، أردت أن أستمع الى موعظته في ورطته الذهبية ولعل أربعاء الرماد تلك كانت بها شفاعته ، شفاعته الغامضة من لمعان العظام المبعثرة إلى بركات الرمل إلى العباءة البيضاء التي أرتدتها سيدته حين إنصرفت ،
كان أليوت يبحث عن جحيم له قد يكون كجحيم دانتي نفسه أو مشابها له ، وتوقفت كي أستعد لملاقاة صبح جديد وما أن أطلت عيناي من النافذة حتى رأيت الغبار ألواحا سميكة تنقلها الريح من ممر لآخر ومن بيت لبيت ومن أفق لأفق ، كانت بداية هذا اليوم البداية الأولى لأول يوم صيفي قد يمتد الى ستة أشهر قادمة
عدتُ وقرأت :
وسبح الدلفين المنحوت
على كف الإله الذي يُصدر الأوامر
وعكس النور المائدة الربانية التي أعدت للأصحاء
وظهرت النقوش في العينين والجناحين وكل شئ بدأ بأُبهته الفارهة في سماء لاتتجول أمام التعساء ،
وبالتدريج مسك بالصوت
وأخرون مسكوا بملاعق الشاي
كانت النار قد علت في (تل جندنج ) وعلت المياه في البحر المتوازي
وظن أن الرسالة التي بعث بها الى (روز لاتوش ) قد إحترقت
ومثلما تنحنح من شبح ما ، تنحنحتُ وأنفرجت بعض الشئ أساريري حين قرأت موعظة النار وأزحت ستارة النافذة ورايت الغبار – التراب قد غطى هذه المرة بعضَ الأشياء التي لم تغط عند الفجر ،تذكرت أني ذبحتُ ديكاً ذات يوم لشجرتنا التي لاتنمو ومررت بدم رقبة الديك على ساق الشجرة وماهي الا إسبوعين ونمّت الشجرةُ وأسبوعين وعلت بعلو السياج وأسبوعين وأثمّرت وحين سُئلت قلت أتت لي هذه الفكرة من روايةٍ (لشتاينبك ).. سعدت لأني لن أقرأ المتبقي من أليوت فجهنم سأقول لها إلى جهنم وبئس المصير وليس أمامي الآن إلا أن أزيح الغبار عن المساحات التي تتجول بها العيون ولكن قلت لنفسي لا أملك ديكا .. ؟ثم فاصل العقل لايقنع بتغيير هذه الآزلية الخالدة وقدرة الخالق بالطبيعة ورجها رجا متى يشاء ، شئٌ ما شيطانٌ ما قال لي جرب
ما أكثر الديكة وما أكثر الدجاج ،
كان ذهني عاصفا ويومي كَدراً وشيطانيَ يكاد يشل رغبتي للإستسلام للمُدبر ، سمعت صياح ديك جاري ونهضت وسكيني بيدي وتذكرت من أنني سأقول قبل ذبحه سأقول (بسم الله الرحمن الرحيم ) وما أن نطقت إرتحلت عن سمائي الجنيات وعادت الشياطين الى أبراجها ولم تعد الآخرة قدوراً وبراميلَ بل هي رحمة من الخالق لسعادة أبدية إذ حسنت السريرة وتم التصديق على المعروف
لم تعد حاجة لي بالسكين ولابديك جاري
حين إنبلج صباحٌ وضاءٌ لاغبار فيه
دعوت لمن في خاطري ،
نحو سماء لن تنسى عُباد خالقها أبداً
[email protected]
شاعر عراقي- مقيم في قطر