مالك المالكيالانسجام اللافت للأنظار في الحكومة الحالية بين رئاساتها الثلاثة، هو مما لا يمكن التغافل عنه..ويعتبر من المفاخر القليلة للنظام السياسي في العراق بعد عام 2003.
العراق البلد المتعدد المكونات؛ يحتاج إلى فريق قادر على إستيعاب الجميع وتهدئة مخاوف وهواجس الجميع، وهذا هو عين مايقوم به الفريق الرئاسي الحالي.. فعندما يشاهد المواطن التعاون والثقة المتبادلة بين الرئاسات ويشاهد رئيس الجمهورية يزور دول العالم ويتحدث ويتفق بأسم الحكومة العراقية، دون ان تعيق الصفة التشريفية لرئاسة الجمهورية، انما يتفوق عليها الانسجام والثقة المتبادلة وتحديدا ثقة رئيس الحكومة بقدرات وميزات الدكتور برهم صالح، في الحرص والوطنية والإمكانات العالية سواء في معرفة حاجات البلد أو التفاوض للحصول على المكتسبات للشعب العراقي، يشعر المواطن العراقي مهما كان انتمائه بالاطمئنان لمستقبل البلد والعلاقات البينية بين المكونات.
هذه الحقيقية المغيبة سابقا اثبتتها السنوات المنصرمة عندما فقدنا الإنسجام بين الرئاسات، لاحظنا كيف أصبحت الأزمات تتوالد على المستوى السياسي والشعبي.
إن التاريخ النضالي لرئيس الجمهورية والشعور الوطني الحقيقي، إضافة للخبرة السياسية الطويلة، عوامل اجتمعت لتنتج شخصية بكاريزما مميزة للدكتور صالح، اعطته مرونة وقدرة على حلحلة كثير من الملفات المعقدة بين العراق ومحيطه العربي والاقليمي والدولي، الحال الذي انعكس على سرعة وسهولة اعادة العلاقات الثنائية للعراق بما يخص الدول التي ليس لها علاقات مع العراق، وتفعيل وتنشيط هذه العلاقات مع الدول التي لديها علاقات لكنها خاملة مع العراق، لنثمر توقيع اتفاقات بمختلف المجالات انعكست بوضوح على وضع وموقف ومنزلة العراق. الواقع هذا استفز كثير ممن يراهنون على فشل التجربة العراقية من خلال الاثارة وخلق المشاكل البينية واشغال ساسة البلد بالخلافات والاختلافات الشكلية، فحاول هؤلاء تحريض رئيس الوزراء بعنوان ان العلاقات الخارجية والاتفاقات الخارجية من اختصاص رئيس الوزراء، وتحركات رئيس الجمهورية بهذا الاتجاه فيه تجاوز على صلاحيات رئيس الحكومة، وقد سمع كلام من أحد كبار الساسة هذا المعنى، وان عادل عبدالمهدي يضعف منصب رئيس الوزراء المخصص للطائفة الشيعية!
ان شخصية مثل برهم صالح لا يمكن لعاقل يبحث عن بناء وطن، ان يستغني عن ما لديها من قدرات وامكانات ومؤهلات تشكل عامل قوة يختصر الزمن كثيرا في احراز تقدم على كل المستويات، خاصة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ العراق، حيث تكاد ان تشعل المنطقة برمتها، فضلا عن وجود حلقات مستحكمة في الوضع العراقي الداخلي، تحتاج لحكمة وحنكة وتفاهم وانسجام لتفكيكها؛ وهذا ما أدركه السيد عبدالمهدي الذي هو اعرف بصالح من الجميع، لعلاقة نضالية وجهادية وسياسية وشخصية بين الاثنين، عندها تجاوز رئيس الوزراء هذا الاصوات الناشزة لمعرفته بغاياتها واهدافها، ليعلن دون ان يقول ان هناك فرصة سانحة لنهوض البلد شرط استثمار كل الامكانات البشرية والمادية في البناء بعيدا عن العقد والتعقيد، ويجب ان تكون العلاقة بين كل مؤسسات الدولة وخاصة الرئاسات هي (تعدد ادوار ووحدة هدف).
اما التفكير القاصر قوميا او دينيا او حزبيا الذي اثبتت التجربة فشله في البناء والخدمة لاي من مكونات الطيف العراق، فنتائجه لمسها المواطن قبل السياسي العراقي ومغادرتها انجاز يحسب لفريق الحكومة الحالي.