18 ديسمبر، 2024 10:03 م

تعددية المرجعيات الدينية! بين الخلاف والاختلاف

تعددية المرجعيات الدينية! بين الخلاف والاختلاف

البحث في منشأ الأديان، يرضخ الى فكرة الإفتراض، وتستجمع آلية الدين من منشأ فكري وعقلي، وبالإفتراض نفسه، ترسم لوحة عن المخلوقات قديماً، أنها حيوانية الخلقة، ويقال إنها لا تميل الى أدلة العقل في تحديد ماهية الخالق، بقدر ما تميل للعواطف والإحساس، وكثيراً ما يتعبد قديماً، بمذهبية الأرواح الشريرة، والتناسخ بالأجساد، بسبب غياب صفة التعقل في أيدلوجية الحياة، وبتواجد المخلوقات الهائمة المخيفة، جعلت البشر يختلق الأديان، كمن خاف الشمس فعبدها، أو الجن وعبده أو القمر والجبال والحيوانات.
المخلوق، يدرك وجوده في الطبيعة على قدر عقله، ويؤمن بوجود الشيء الذي أوجده، ومن منطلق الحتمية في الإدراك، سافر في فضاء فكره ومخيلته، يبحث عن الخالق، يضع بين يديه قرابين الشكر والتعبد، بهذا الإستدلال الفطري، إسقطت نظريات الشيوعيين، وأفكارهم المنحرفة، ومنهم من تراجع فيما بعد، ليركن الى مذهبية الطبيعة، ومنهم من بقى يراهن مع عقله، بأنه وليد الصدفة وجنازة القدر.
من بعد محاكاة منشأ التدين، نذهب الى إستنباطية (تعدد الأديان)، إذا كان الدين في زمن أدم واحد، لفرد مع زوجته، يؤمن بالوجود والإقرار والعبادة لله! لماذا؟ وكيف؟ ومن أين؟ نشأت تعددية الأديان إذن! جزماً التعبد وإختلاق الدين، لا يصدر إلا عن عقل او إحساس، وإذا ما كانت الأديان متغايرة ومتعاكسة الإتجاة، مقارنة مع الدين الآدمي، إذن ندرك، إن تلك الأديان، أوجدتها الأهواء، والعواطف، والمصالح، بإختلاف رؤى الشعور والعقل.
بعد الإستدلال بتعددية الأديان والمذاهب والفرق، وصل بنا المطاف الى تعددية المرجعية،هناك حديث، يصف الإختلاف بين المرجعيات بالشيء (الإيجابي)! يقول الرسول محمد( إختلاف أمتي رحمة)، لانه قد يجنب مذهب الدين الإسلامي، دكتاتورية المذاهب، وتسلط الخلافة بلباس واحد، ينشأ عن وراثة وموروث، كما في فرنسا وبريطانيا، حيث سطوة كنائس الدين، بمعاول الرهبان والقساوسة، في تسيير ماكنة التعبد على الشعب تبعاً للوراثة.
مرجعية النجف؛ عراقة مذهبية، حيكت بمغزلي الدين الإسلامي، أيام رسول ألله، وأعلنت كمرجعية دينية، بعدما نقل أمير المؤمنين علي رحال الخلافة إليها، وبقت نكهة حكومة الخلافة العلوية، تجوب أروقة مدارس وحوزات النجف، حتى أتهمها بعضهم، بأنها (مرجعيات تقليدية كلاسيكية) قديمة لا تلبي طموح المتدين العصري، ولابد من كسر حاجز الصمت،الذي يقلب طاولة حديث رسول الله، من الإختلاف الى الخلاف.
بعد (15 أبريل) لعام 1998م، ذكرى أول خطبة في مسجد الكوفة، تقلب طاولة الحديث، زُرعت بذرة الخلاف هناك، ذكرى إختلاق مرجعية! وركن المرجعية ألأم قفص الإتهام، الذي مازال أثره قائم الى اليوم، وسبب ويلات المجتمع الشيعي، تقسيم المرجعية بخندقين،( الصامتة والناطقة)، زرع فسيل التفرقة، وباتت عواطف الناس، تنقاد حسب القناعة السياسية، ومقبولية الصفات، دون الرجوع الى آليات إختيار المرجعية الصحيحة بالأعلمية، ووصلت المرحلة، الى تهميش المقابل، بالسب والشتم المعلن.
التشكيك بنسب “مرجعية السيد الخوئي “التقليل من شأن مرجعية الشيخ النجفي” والوصف الباكستاني المستهزء “إرجاع نسب مرجعية حسين الصدر للكاظمي” “إتهام مرجعيتي السيد (السيستاني والحكيم) بالعمالة للسلطة الحاكمة” بذرة طائفية في رحم المرجعية، لتبعدها عن الجمهور الشيعي، رؤى المرجعية الثابتة و تعاملها الصحيح، مع المرحلة جنبها الإنقسام والتعددية، بعد رحيل زعيم المرجعية العصرية، برصاصات البعث الصدامي، إنتقلت تلك البذرة تلقائياً الى حيث المنشأ، لتجد المناخ المناسب لها.
إنقسامات المرجعية الناطقة، لم تكن غائبة تماماً، جل ما كان يخفيها نسيج عنكبوت، مزقته أصابع الخلاف، ليعلن أقلها عن (9) مرجعيات تشوبها رائحة الخلاف المرجعي والسياسي،( مرجعية السيد الحائري، الشيخ اليعقوبي، الصرخي، قاسم الطائي، وقيس الخزعلي، أوس الخفاجي، أحمد اليماني، ومقتدى الصدر، ومن بقي على المرجعية الناطقة)، ومن الملفت للنظر، رجوع تلك المرجعيات الــ(9)،لتلقي أحقية وجودها ومواقفها، في أحضان المرجعية الصامتة سابقاً.
وأخيراً”ان الرجال تعرف بالحق، ولا يمكن إدراك الحق بالرجال” والمرجعية الدينية تعرف بموقفها ولبان منشأها، أحقيتها تنشأ من وجودها، وإمتدادها الإسلامي الديني، إمتهان حرفة الأحقية، لا يمكن ان تضفي صبغة الحق على المنتج، إلا إذا عجن بأسس صحيحة ، مرجعية السيد السيستاني، هي نتاج حكومة الطيف العلوي، ولا يمكن المتجارة بعواطف المجتمع، عبر الاعلام المضلل،أو التدين العصري، أو النطق بالإختلاف، لغرض زحزحتها عن ثوابت ومسلمات المذهب.