18 ديسمبر، 2024 5:56 م

تعددت الديمقراطيات والديمقراطية واحدة !

تعددت الديمقراطيات والديمقراطية واحدة !

بعد التغيرات التي اجتاحت العالم الغربي اثر الثورة الصناعية وظهور الفكر الرأسمالي الذي تحكم بالانتاج وادارة رؤوس الاموال رافقها تطور الانظمة السياسية التي تبنت الديمقراطية نهجاً وسلوكاً وادى الى  تعدد الديمقراطيات في العالم المعاصر وانظمتها السياسية الا انها في مجمل طروحاتها الفلسفية والاجتماعية تعني حرية الفرد والمجتمع . وجوهرها في الحرية ان تكون نهاية حرية الفرد بداية لحرية الاخر وهكذا . وجراء ذلك تنوعت الاراء والافكار و تتحررت الرؤى من اطرها التقليدية الضيقة وبالتالي ازداد التفاعل بين الافراد وارتفع الاداء في تقييم الاحداث واصبح  فهم مشترك في تفسير الديمقراطية وتجلياتها الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية . في نفس الوقت عندما تتعدد الرؤى لا يعني التجرأ على الاخرين بامور الذوق والاداب العامة فضلاً عن الاراء المتطرفة في منظور التكفير والتشدد وفرض الرأي الاوحد بحجة حرية الرأي . وكلما كان المجتمع اكثر استقراراً وهدوءاً يفرز نماذج ونُخب قادرة على التأثير في شرائح المجتمع المختلفة لبناء شخصية ذات مسؤولية مجتمعية تؤمن بحرية الرأي الاخر.  اما في العراق نجد ان افرازات المرحلة انتجت ديمقراطية جاهزة غلفتها ارادة الاحتلال الامريكي لتسوقها بشكل بضاعة للشارع العراقي فتلاقفها الساسة الجدد  مما زادت في تشويه الذاكرة العراقية التي عانت  كثيراً من تداخلات الافكار الماركسية والقومية والاسلامية والليبرالية والصراعات المحتدمة بينها طيلة اكثر من سبعة عقود . امام هذه التناقضات والتأثيرات الجانبية كيف سيكون شكل الديمقراطية التي ينتهجها الفرد والمجتمع ؟،  هل ستكون ديمقراطية ناشئة ام ديمقراطية تستلهم روح ومقومات الشعب باعتبارها وسيلة وليس غاية و هدف . فتحولت ديمقراطيتنا المستوردة الى  فوضى في الشكل والمضمون مما فرضت شكلاً اخر يُعتمد لمجابهة هذه الفوضى وبالتالي اختفت صناديق الديمقراطية المستوردة  ولم نرى الا قشورها وملامحها . وما يحدث اليوم هو اساءة للديمقراطية  في التطبيق والتفسير ليس من عامة الناس فقط وانما من قبل الساسة ، وهذا بحد ذاته هو نوع من النكوص والتراجع للمجتمع وعدم قدرته على المحافظة على انجازاته في التغير . واذا اردنا تطبيق الديمقراطية في ظل هذه الظروف فسنخسر الكثير لان قيم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ستذهب . اما ثقتنا وايماننا بالديمقراطية بات ضعيفاً لاننا فقدنا البوصلة الدقيقة التي توجهنا اليها باعتبارها المبدأ والوسيلة والاسلوب . وبالرغم مما حدث دعونا نختار أي نوع من الديمقراطية  تقودنا الى ضمان حرية الفرد وبناء المؤسسات وتعريف المواطن بحقوقه وواجباته  والمسؤولية الاجتماعية التي ينبغي ان يتحلى بها ، وسموها ما تشاؤون  حتى لا يكون الحل بـ (دكتاتورية رشيدة ) تقربنا من تطبيق الاحكام العرفية وسطوة الحاكم على المحكوم   .