منذ ان هبّت علينا نقمات ( وليس نسمات ) ما يسمى بالربيع العربي منذ اكثر من عامين وحتى اليوم ..ومنذ ان اشعل بو عزيزي التونسي النار في نفسه فخسرها هو فقط ؛ فقد ازدحم يوم الجمعة الذي خصّه الله تعالى بالصلاة والذكر والاستغفار والابتغاء من فضله ..ازدحم في اكثر من حاضرة عربية .. بعشرات المسميات التي ظاهرها حق وباطنها في علم الغيب والتي يعتقد كثيرون ان غالبيتها تحركها ايادٍ من خارج الحدود هي وحدها التي جنت الارباح من هذه الفوضى ..والتي معها تتعطل الحياة وتتوقف عجلة العقل والزمن ويذهب بعض البسطاء دون غيرهم فقط ضحايا للفورة غير المحسوبة العواقب ..فهذ جمعة مليونية الغضب وتلك جمعة الفرصة الاخيرة وتينكم جمعة التحدي ..والاخرى جمعة الصمود وخامسة للثار ولتثبيت المطالب وسادسة للقصاص وسابعة للرد وثامنة لتغيير المسار وتاسعة للصمود وعاشرة ومئة ومئتان…. ومازال الحبل على الجرار
ابتداءً ابادر بالقول اولاً : بانني لن اسمح لاحد ان يتصور انني اداهن على التبرير او السكوت على ممارسات وافعال الانظمة السياسية ( كلها دون استثناء ) التي تحكمنا وتتحكم بمصيرنا منذ ما يقارب القرن من الزمن وكيف ان مهمتها كانت فقط سحق الوطن والمواطن وتحويلنا الى كومة من الجياع التابعين والمشردين واللاجئين سواء في اوطاننا او في خارجها..وثانيا ان قناعتي راسخة بالدفاع عن حق وحرية الراء والتعبير عن رفض الظلم والاقصاء والفقر والتسلط بوسائل حضارية مقنعة وعلى اساس مبدأ الاسلام العظيم ( لاضرر ولا ضرار )..وعلى هذا الاساس لننظر الى الواقع ولنسال انفسنا : الى اين قادتنا فورات الربيع العربي مع تحفظي الدائم على هذه التسمية
تغيرت انظمة وسقطت عروش وانعدم الامن وتراجع الاقتصاد وتوقف النمو ..وباتت نذر التقسيم والانفصال واضحة وعلنية ..بل وقعت فعلا على ارض الواقع ..وبتنا ناكل من احتياطاتنا النقدية من العملات الصعبة ونفقد فرص العمل والعيش الرغيد جراء انعدام الامن الذي هو اساس الاستقرار والرخاء وننزف المزيد والمزيد من الكفاءات والاختصاصات النادرة ورؤوس الاموال والاستثمارات الوطنية والاجنبية ..ولم نسمع من المسميات التي حملتها الينا رياح ( الربيع ) كالاحزاب والتيارات والتكتلات والجبهات والحركات والمنتديات ( والميليشيات طبعا ) ..سواء ما كان منها سلفياً او اخوانياً اسلامياً او علمانياً او قومياً اوتقدمياً او اشتراكياً وغيرها الكثير ..اقول لم نسمع منها او عنها انها دعت الى جمعة التسامح وتوحيد المواقف او سيادة العدل والقانون ونبذ العنف او التطرف او نصرة الوطن او تعزيز الاقتصاد او تنظيف الشوارع وتشغيل المصانع وايجاد فرص العمل للعاطلين والشباب او التوجه الى المزارع او التبرع للايتام والمعاقين او تعزيز السياحة او ترسيخ التعايش المجتمعي والتداول السلمي للسلطة ودعم الذوق واشاعة الجمال وغيرها من الفضائل التي حضّت عليها الاديان ..ويحتاجها كل مجتمع من مجتمعاتنا بشكل ماس الان وليس غدا
بالمحصلة الختامية فقد تعددت مسميات يوم الجمعة ..وتنوعت اهداف التجمعات المليونية واغراضها ..ولكن لم يحصد احد حتى الان اي محصول سوى المزيد من الدماء والكبت والقمع والظلام والمجهول وتفريخ انواع واشكال جديدة من الدكتاتوريات الجماعية او الحزبية ..ووتقدمت الصفوف ( العمامة ) التي تفتي وتحلل وتحرّم وتحكم في الوقت ذاته وما علينا الا ان نقبل او نذهب الى النار
والسؤال : هل نحن قوم لا نعرف كيف نتحكم بعواطفنا وافعالنا ؟ ام اننا نلعب ونتلاعب بالعملية الديمقراطية كلعبة البيضة والحجر عندنا ..او لعبتي الروليت او القمارعلى رأي اهل الغرب ؟
[email protected]