11 أبريل، 2024 2:09 م
Search
Close this search box.

تعتيم الوعي الجماهيري وتوجيه الفكر الجمعي

Facebook
Twitter
LinkedIn

يذكر الكاتب (احمد بكر) وهو احد منظري الفكر الاشتراكي في احدى مقالاته
“يتكون وعي الإنسان بالأساس من الاحتكاك بالواقع المادي، فالوعي هو منظور الإنسان للعالم الذي يبني عليه طريقة تعامله مع العالم، ونتيجة هذا التعامل هو تغيرات جديدة في الواقع وبالتالي مؤثرات جديدة على الوعي وهكذا. يشبه الأمر تفاعلاً كيميائياً مستمراً، يؤدي تفاعل المركبات الموجودة فيه إلى تكوين مركبات جديدة، والتي تدخل بدورها في تفاعل مع باقي المركبات الداخلة في التفاعل بشكل دائم. هذا التفاعل بين الواقع المادي والأفكار هو المحرك الرئيسي لتاريخ البشرية طوال بقائها على هذا الكوكب.”

وتوضح السيدة (منى الطائي ) في مقال لها في جريدة الزمان ؛

“وفى السنوات الأخيرة اكتسبت وسائل الإعلام، باختلافها، أبعادًا جديدة زادت من قوة تأثيره على الأفراد والجماعات. أضف إلى ذلك أن الإعلام باعتباره مؤسسة اجتماعية هامة في المجتمعات البشرية يحمل مضامين اقتصادية، وسياسية، وأيديولوجية إن لم تكن لها القدرة على ترسيخ ثقافة المجتمع وهويته، فإنها تؤدي إلى تزييف الوعي وإفساد العقول. ولا بد من الاعتراف بأن الشباب العربي هو أكثر فئات المجتمع تأثرًا بعمليات الغزو الثقافي؛ “.

أي ان الوعي الجماهيري يتأثر بعدة عوامل تكون باجمعها محفزا وقائدا وموجها لجميع تحركات الجماهير ، وكذلك يدخل دور الاعلام وثورة المعلوماتية التي اتاحت كل شي (تقريبا) في متناول الجميع ، الامر الذي جعل لغة السيطرة على العقول سهلة إضافة الى السواد الأعظم من الجماهير (الشبابية على وجه الخصوص) لا تمتلك القدرة على التحليل والتمعن في المعلومة المنشورة ودراسة ابعاد نشر هذه المعلومة والغاية منها.

فمثلا (الامثال تضرب ولا تقاس)، عندما تعرض قناة فضائية خبر ما ، فان القائمين على هذه القناة يدرسون تاثير وقع هذا الخبر على الناس ، وما هي الغاية منه . والامر ليس ببعيدـ فان احدى القنوات الفضائية كانت تنشر اخبار القتل والتظاهرات في منطقة معينة في جنوب العراق ، وبالمقابل لا تنشر أي خبر حول منطقة أخرى يجري فيها اعمار وتتمتع بالهدوء ، وهم يعلمون ان عدم نشرهم الخبر الثاني مهم ، لانهم يريدون التركيز على الخبر الأول وتأجيج الموقف في هذه المنطقة والابتعاد عن المنطقة الأخرى كانها غير موجودة في خارطة العراق.

المشاهد في اول وهلة يتفاعل مع هذا الامر ، غير ان الواعي والمحلل والذي يقراء ما بين السطور يتساءل ، لماذا لا يتم التركيز على المنطقة الثانية يوتم التركيز على المنطقة الأولى.

الامر الاخر توجيه المشاهد الى صب التهم والعداء الى جهة دون أخرى ، نعم ان قتل المتظاهرين امر مرفوض ومدان ويجب ان يقدم الجناة الى العدالة بغض النظر عن مسمياتهم وانتمائهم، غير ان الامر المثير للاستغراب ان هذه الجعجعة الإعلامية لم نشاهدها مثلا عندما حدثت مجزرة سبايكر، او القتل الطائفي في داقوق او عدم التطرق الى حادثة هدم المرقدين في سامراء، لماذا لا تتوجه الماكنة الإعلامية الى مناطق الديوانية وتعرض المعاناة مثلا هناك ، لا يوجد شارع او مؤسسة حكومية او مدرسة منذ اكثر من نصف قرن ، لماذا يتم التستر على جرائم صدام في مناطق السماوة والناصرية ، في حين يتم تهويل وتعظيم واعداد تقارير مطولة حول عمليات القتل للناشطين ، الناشطين بشرا يتم المطالبة بالقصاص من قاتليهم في حين ان والمجازر التي ارتكبها صدام بقتل الاخرين وتهجيرهم لا تعتبر جرائهم بنظر هذه القنوات.

هذه الأمور بالإضافة الى الظروف التي خلقتها الحكومة والساسة ورجال الدين مع الدفع الإعلامي والانفتاح وترسيخ فكرة رجعية الأعراف الاجتماعية باجمعها أدت الى (تغليف) الوعي العام للجماهير (الشباب على وجه الخصوص) بطبقة استطيع ان أقول عنها طبقة سميكة من الصعب تكسيرها ، وامتازت هذه الطبقة بالإضافة الى سماكتها بانها متغيرة التوجهات غير ثابتة فمرة تراها ذات توجه ديني (طبعا دين محرف وليس الدين الحقيقي) ومرة أخرى تراها تمتهن الخلاعة والفجور، وتنتقل الى الملاعب وكرة القدم وتتوجه تارة أخرى الى التظاهرات وشغل الشارع بالخدمات.

نعم، ان الساسة الى نسبة كبيرة منهم (مرتاحين) لهذا الامر كونه يلبي طموحاتهم ضمن مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) ، فزج الجماهير وغسل الادمغة (مثلا) بالعداء وكره وزرع البغضاء للحشد الشعبي هو نتيجة تعتيم الوعي ، وتوجيه الجماهير الى صب العداء الى دولة مجاورة دون غيرها وتعليق كافة النكسات والويلات التي حلت بالعراق عليها (طبعا لا انكر انه كانت لها اليد في تدمير العراق) وغض الطرف عن دول أخرى ساهمت بشكل اكبر بتدمير البنية الاجتماعية العراقية قبل البنى التحتية، من الذي احرق المؤسسات من الذي ادخل المفخخات بداية عام 2003 ، فلتراجع ملفات وكالة المخابرات الامريكية ، نعم اتحدى كأن من كان ان اللبنة الأولى للمفخخات في العراق هي بالحقيقة جاءت من دولة تقع في جنوب العراق وتطلب العراق والعراقيين بالثأر .

لا يمكن انكار ما للقنوات الإعلامية وتحشيدها من تاثير على الفكر الجمعي للجماهير من حي توجيه هذا الفكر في مسالك وافرع لا تخدم مصالح الشعب ، بل تخدم مصالح ساسة ودول أخرى – الجوار منها على وجه الخصوص- .

وعلى هذا المنوال جرت الأمور وفق ما هو مخطط لها ، فبحجة التظاهرات ومجازر تم ارتكابها من قبل جهات مرتبطة باجندة معدة مسبقا تم الإطاحة بحكومة وليس كرها بهذه الحكومة او لانها حكومة وطنية … الخ من العناوين ، بل ان مجمل الامر هو ادخال العراق في متاهة وهرج ومرج للإتيان بحكومة تم اعدادها بشكل افضل من سابقتها لتنفيذ المسلسل إضافة الى تقديم المكافاءة لشخص خدم الكيان خدمة لم يقدمها أي فرد منذ اكثر من الف سنة (منذ عهد السبي البابلي ) وهو ما عبر عنه رئيس وزراء هذا الكيان من شكره وتقديره للحصول أخيرا على الأرشيف اليهودي ، الذي يثبت ان التوراة كتبت في العراق وان ليس من النبي موسى وغيرها من الحقائق التي سنعرضها لاحقا – اذا بقيت الحياة

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب