19 ديسمبر، 2024 7:17 ص

الشَّعْبُ: الجماعة الكبيرة ترجع لأبٍ واحد، وهو أوسع من القبيلة، و الشَّعْبُ الجماعة من الناس، تخضع لنظام اجتماعيٍّ واحد، و الشَّعْبُ الجماعة تتكلم لسانًا واحدًا.

هذا ماذكره قاموس المعاني، فهل نستحق نحن كلمة شعب؟

نحن جماعة كبيرة نعم.. كبرنا بسرعة، فبعد ان كنا بضعة ملايين في السبعينات صرنا (تلثطعش مليون نسمة) على رأي المرحوم داوود القيسي الذي أطلق على الشعب اسم (صدام). ثم ذكرت المصادر ان هذا الشعب وصل تعداده الى 21 مليون في نهاية الثمانينات رغم ان المقابر اتسعت وتضاعفت. وتقدر مصادر الدولة الديمقراطية الحديثة ان الشعب وصل تعداده الى ثلاثين مليون نسمة، رغم ان كل الامكانيات البرلمانية والمادية والميزانيات الانفجارية عجزت عن اجراء تعداد سكاني، ليس لانه صعب او ان اعداد الشعب انفجرت وفاضت حتى صار يصعب تعدادها ولا حتى لأن البرلمان لم يتفق او يصوت على مشروع التعداد، بل لأن التعداد سيكشف (الطابق المستور)، وستطفو على السطح الكثير من الشعارات التي تنفع في الانتخابات فقط، (وين يودي المسؤولين) وجوههم من احصائيات الفقر والارامل واليتامى والحاجة الى خمسة ملايين وحدة سكنية والمعاقين والعاطلين عن العمل. ثم، ان (ورانا) انتخابات مما يعني ان اعداد هذا الشعب يجب ان يكون جزءا من النسبة المشاركة في الانتخابات، لذا (خليها سكتة) فمن المرجح ان تدخل نسمات الهواء صناديق الانتخابات التي سيحرسها الموالون لكتلهم وأسيادهم.

اما ما يخص خضوعنا لنظام اجتماعي واحد، فهذه وصمة لغوية في جبين مؤلف القاموس، لاننا نخضع الى عشرات، بل مئات، بل الآف الانظمة التي تتفرع وتتشابك يوميا حتى صرنا نعيش على جزر متفرقة في بحر ليس له بداية او نهاية، لانعرف من يومنا نهارا او ليلا.افرادا.. يشغلنا زحام السابعة صباحا وخط الكيا ومفردات البطاقة التموينية وحصة النفط و(جلغ الوايرات) في مقر العمل الفئوي والطائفي، ويزيد من غربتنا حواجز ومفارز ورايات سوداء وصور تملأ الشوارع، وتدوخنا البضائع الصينية وتسكرنا المسلسلات التركية وبرامج عرب ايدول وذه فويس.

وفي جزئه الأخير يذكر التعريف، اننا نتكلم لسانا واحدا، فهل هو لسان عربي ام كردي ام تركماني ام شيعي ام سني ام سلفي ام حسيني ام يزيدي ام مسيحي ام صابئي، مع الاشارة الى ان آخر ثلاثة لايتكلمون كثيرا.

هل هنالك جماعة في العالم كلها -ولا اقول شعبا-لايمتلك عشرة فيها صوتا واحدا او فكرة واحدة؟ فما الذي يجعلنا شعبا؟ مجموعة سياسيين يغرد كل منهم خارج السرب؟ جيوش من المثقفين والمتثاقفين (المؤدبين) الذين انعم الله عليهم بساحة (الفيس بوك) ليخوض بعضهم معاركهم العنصرية والطائفية وكل منهم يفتخر بولائه القبلي ولقبه ولطمه وتظاهرات مساكينه، بينما ينغمس البعض الآخر في حرب عاطفية مع الجنس اللطيف، ويخوض آخرون حروبا على كراسي امبراطوريات اعلامية لا تقنع بخطابها الموجه والمدعوم حتى طفل في الاول الابتدائي؟

فمن نحن؟ ومنذ متى ضيعنا (نحن)؟ كل المصادر التي تتحدث عن التاريخ والحضارة الخ الخ.. تذكر ان هذه الارض هي منبت اول الحضارات، عاشت عليها معظم الشعوب من آشورييين وبابليين وسومريين واكديين وعباسيين وعثمانيين ومغول وشيوعيين وبعثيين وقوميين ووو. وفي كل هذه العصور والازمان، كانت هنالك سياسة واطماع وغيره مما قرأناه وحفظناه في كتب التاريخ والوطنية، لكن هل مر زمن تحول فيه هذ الشعب الى افراد كما هو حاله الآن؟

ضعوا جانبا نداءاتكم بالوحدة الوطنية.. ونبذ الطائفية والشفافية.. اخلعوا رؤوسكم وضعوها جانبا فهي بيت الداء لانها تأكل المستورد فقط. وتذكروا ان مؤلف القاموس الذي (صفن) ليالي ليجد تعريفا لكلمة شعب لو كان حيا، لاعلن توبته وخطأه قبل ان يكفره فلان او يهججه علان، وانه سيجعل منا (استثناء) ويغير كلمة شعب الى (تعب) العراق.

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات