9 أبريل، 2024 2:01 ص
Search
Close this search box.

تعال .. يا مصطفى جواد

Facebook
Twitter
LinkedIn

يبدو ان كل شيء في العراق صار مجازا .. وكل عمل للتخريب متاحا .. لم نجرب علما جديدا الا و شوهناه .. حتى وصل التشويه الى لغتنا الجميلة ، فنال من أدبها ، وبلاغتها ، ورصانتها .. ولو عاد العلامة مصطفى جواد الى الحياة ، لأصيب بغيبوبة و ما استفاق ، من خطر استخدام اللغة في شبكة انترنت العراق .. وهو يرى بألم ان برنامجه ( قل .. ولاتقل ) قد تغير الى : ( قل .. وقل ) واسمع اغنية / يا حلو صبح .. يا حلو فل .

واللغة العربية .. سواء كانت دارجة ام فصحى ، اعلامية ، ام وسطى .. هي الاكثر انتهاكا على منصات الفيسبوك ، بعد ان تغيرت ، وتشعبت ، و ترهلت ، حتى اصيبت بداء الركاكة ، ونقص البلاغة .

صرنا نكتب / كيفما اتفق ، بلا اكتراث ، ولا قلق .. ( انتي ، وكنتي ، وشلون صرتي ) ونحن نخاطب نُون النسوة .. و الكلمات المبتذلة تاخذ طريقها بلا استحياء .. وحلت مكان الفصحى ، بتحد وصلافة ، بلغة فيسبوكية مستباحة .. لها قواعدها وكتابها ، ومعجبوها .. هذا ما نجده على مواقع التواصل الاجتماعي ، وهي اقرب الى سوق الهرج .. ولا خلاص منها ولا فرج .
اما الألقاب فصرنا نوزعها بالمجان ، برياء ومن غير حسبان .. / هذا اديب رائع ، وذاك عالم جامع ومانع .. فالقزم في العلم والادب تحول الى عملاق ، والأمي في السياسة والصحافة ، صار بليغا وصاحب قول وكياسة ، والكل منور .. والدردشة الهابطة ، لها صدى و اخبار و انوار .. حتى ظن البعض .. اننا نعيش عصر التنوير و الفلاسفة الابرار .

وليس هناك من عنوان او لقب ، ينسجم مع مضمونه ، وليس هناك من مديح ينسجم و موضوعه .. حتى صارت اللغة حقلا ، يزرع فيه التفاح مع البصل .. والورد مع الفجل .. فغدت المجاملات سوقا للنخاسة .. و مؤشرا على التفاهة .

اقول هذا …وانا ارى لمن يصف ( شخصية ) برامجية.. بأنها على ( خلق عظيم ) وهو يعرف ، وانا اعرف ، وانتم تعرفون ان هذه الشخصية ، ( شيطان رجيم ) ، وهي من فرط السفاهة .. جعلت من برنامجها ، قاموسا زاخرا في السب والشتم والوضاعة .

واخر .. يصف لنا ، شخصية اكاديمية.. بأنها ترتقي الى الكمال والرقي وعشق الجمال .. وانا اعرف ان هذه ( الشخصية ) سوداوية في نظرتها ، وطائفية في احاديثها .

اما عنوانات البرامج ، فحدث ولا حرج .. فليس هناك من انسجام ، ولا رابط يربط بينها ، وليس من علاقة بين العنوان وقصده ، لغة ودلالة ، حصافة وجزالة .

واغرب ما ارصده .. ان مراسلي الفضائية العراقية يبعثون برسائلهم الى ( imn ) ولا ادري لماذا غاب الحرف العربي عنهم .. وكأن الفضائية العراقية في حالة ( تؤمة ) مع البريطانية ( BBC ) لا سامح الله .

اما برامج التسويق السياسي .. فحدث ولا حرج ( شي مايشبه شي ) فالحرف الواحد .. صار حروفا متطايرة ومتنافرة ، مرة محجبة ، ومرة سافرة .. والمناورة تسويق ومغامرة .
اما ( بشير شو ) فقد بشرنا وأغوانا ، واضحكنا ، وابكانا ، فهو لم يلجأ الى اللغة العربية لعنوان برنامجه ، الا انه راوغ و بالغ في استخدام لغة ( الچايخانة ) و صار البطل المنقذ سخرية وسلطانا .
وفي الأطراف .. نجد الكروش والاصناف .. وحديث في الفن والسيرة أوصاف ، فلا المقدم نبش في سيرة ضيفه ، ولا الضيف وفق في الحديث عن نفسه .

نحن نعيش مرحلة ( الحاكم بامره ) .. فكل من امتلك صفحة الكترونية صار كاتبا مقداما .. وكل من قدم برنامجا اصبح قاضيا مهذارا .. فأعطى الحق لنفسه في استباحة كرامة العباد ، و خرق حرمة البلاد .

وَيَا قوم .. / نحتاج الى القليل من الكلام.. والكثير من الاصغاء .. فحكمة الخالق الحامد ..ان جعل في مخلوقه أذنان ، ولسان واحد .. لكننا جعلنا لأنفسنا ألسنة كثر ، وأذنا واحدة .

و اليوم .. نحن ساهون ، وفي السياسة لاهون .. حتى ضاع من أيدينا القلم و الماعون .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب