18 ديسمبر، 2024 11:03 م

تعالوا نعصي آبائنا !

تعالوا نعصي آبائنا !

اكمالا لسلسلة مقالات تدور حول – استعمل عقلك – نكتب اليوم بعد أن اوصلنا الاحساس الى وجود موقف غامض سيتبين بالسياق يحتاج الى معالجة وتفسير ثم حل,عن مسألة تبدوا الينا ولكل باحث حيادي وغير منحاز انها غريبة أو قد تكون بلا منطق .. وحين جربنا وسألنا البعض لم يجدوا جوابا !, فقمنا في محاولة حل هذه المسئلة ومن أجل تفكيك هذا اللامنطق لجأنا لعملية بحثية علمية ترتكز على ما متوفر من بيانات واقعية بعيدة عن الافتراضات الخيالية من أجل تنمية وتوجيه الجهد الخاص بهذا الحدث كي نصل لتفسير حدوثه بصورة منطقية وواقعية بعيدا عن التحيز..لذا قمت بجمع بعض البيانات التي وجدتها موجودة في واقعنا التراثي والحالي فأطّرتها بين قوسين لأجد فرضية بحث تقول ( لماذا دائما الابناء يتبعون ديانة او مذهب ابائهم بالرغم من أن أمهاتهم قد يكون دينهن او مذهبهن مغايرا للأب ؟!) .

سنحاول هنا صياغة هذه الفرضية بطريقة منطقية تتفق مع البيانات المتوفرة سابقا ..من ضمن هذه البيانات نأخذ شرح احدى الايات القرانية : (واذا قيل لهم تعالوا الى ما أنزل الله والى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه ابائنا) أي اذا تم دعوتهم لدين الله واتباع شرعه الصحيح وترك الخرافات وما حرم قالوا يكفينا ما وجدنا عليه ابائنا ,يقول تعالى اكمالا لايته ( أولو كان ابائهم لا يعلمون شيئا) ! أي كيف تتبعون من قد لا يعلمون ولا يفهمون لأنهم وفق هذا المنطق في اتباعهم لابائهم الذين اثبت القران انهم جهلة (لأنهم يتقربون لله بواسطة تماثيل أي كائناة ميتة لا روح لها لا تنطق و لا تجيب ,في الوقت الذي يقول تعالى أنا أقرب اليكم من حبل الوريد.. أدعوني استجب !) فاذن هذه الاموات ومن ينصح بالتقرب اليها او تعظيمها يكون من المضلين والمشركين فعلى الحالة هذه ايضا فأن من يتبعهم وفقا لهذه الفرضية يكون هو أجهل منهم وهذا هو عين الصواب .!

ولما حاولنا دخول هذه العقول لنكتشف كيف تفكر وكيف استقرت على هذه الرتابة من الاتباع وجدنا انها قد تكون مسألة عناد مع النفس تتشابه وعناد الطفل مع والديه لكن بصورة طردية فهو بدلا من معاندة والده بما يؤمن ورغم أنه في نفسه يدرك و يفهم أوحتى يشك انه خطأ لكنه يعاند عقله والحس الواعي فيه.! فلا بد ان الذي يدعوهم لهذا الموقف ناتج من تعرضهم الى ابتزاز عاطفي وخوف من أن يصيب ابائهم الضرر فيما لو هم خرجوا عن الاتباع والطاعة المفروضة عليهم لذلك فهم ضحايا والضحية تشعر بالابتزاز والذنب والخوف ومن الصعب انسلاخها من هذا الواقع لذلك يستولي عليهم العناد والجحود فحالهم كمن يعود للظلام بعد أن يتبين لهم النور فيرتدوا الى المكابرة حين يفقدون الحجة ويعوزهم الدليل ويرجعوا لنصرة الخرافة ! …فرغم ان النفس تحدث صاحبها ان هذا الفعل او ذاك هو فعل شنيع او اجرامي لكن وفق هذه الفئة تجد من يفعله المرة تلو الاخرى فلماذا؟! لقد جرت أختبارات عالمية كشفت عن سهولة انقياد الانسان لفعل الشر لو طلب منه ذلك صاحب قوة او منصب .!

هناك قطيع او بتسمية احلى أكثرية و شواذ ومفكرين ..فالاكثرية ينقسمون الى قسمين قسم لا يفكر ولا يريد أن يفكر ورضى بما وجد عليه اباءه واتبعهم وقسم وجد ابائهم على ما هم عليه وفكر واقتنع بصحة اتباعهم ,ثم شواذ :منحرفين سلوكيا فلا يتبعون الدين او المعتقد أو نتيجة تربية البيت القاسية خرجوا من الاتباع كرد فعل .. وثم هناك المفكرون الذين درسوا وبحثوا وفهموا وقارنوا ثم غيروا انتمائهم وانسلخوا عن اتباع الإباء أو الأسياد أو قادتهم وهم قلّة بدأت اعدادهم تزداد والحمد لله.ان ما ذكرناه ينطبق على السنة والشيعة او على أي دين او مذهب اخر . وهذا السلوك الانساني قد وجدناه قد انتشر بين شباب الانتفاضة فهم عصوا ابائهم أو من كانوا اسيادا لهم لانهم اقتنعوا انهم على خطأ وأن الخطأ جسيم لا يمكن التغافل عنه وبدأ يتجسم يوما بعد يوم حتى ضاقت النفوس بما وجدت ووصلت لحد الثورة من أجل تغيير هذا الواقع المزري الذي أوجده المحتل الامريكي و الفارسي وتجار الدين .