9 أبريل، 2024 12:56 ص
Search
Close this search box.

تعاطف, تخوين, تهديد, استبداد… و انصاف!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

ماذا يممكن للفرد الشرقي ان يتعلم مما يجري في الولايات المتحدة من قرارات للرئيس و تجميد لأحكامه من القضاة؟فرغم كل الدموية التي شهدتها الثورة الفرنسية والتي أدت الى قيام الجمهوريات الحديثة المؤسسة على مبادئ الحرية و العدالة و المساواة, و رغم كل ما عانته الحضارة الإنسانية الحديثة الا ان السر يبقى في دول العالم الاول في ركن واحد فقط, ولا شيء غيره, فهذه بلدان يعود كل تطورها , صمودها, قوتها, نشاطها الاقتصادي و الفكري, ثقافتها و فنونها, و انتشارها وهيمنتها, كلها تكمن في القانون و العدالة. فكواليس السياسة في أوربا متورطة حتى بحقوق الانسان ولكن القوانين هي من تحمي هذه الاسس لان اغلب سياسيي العالم لا يؤمنون بشعره من حقوق الانسانلا شيء سوى القضاء و العدالة و قوة القانون. ففي أوربا او اميركا لا يطرح الا سؤال واحد امام أي قرار او اجراء حكومي, هل هو قانوني ام لا؟ كل التعاطف و الضجيج الاعلامي يتراجع امام هذا التساؤل, لماذا؟! لأنه الاقوى و الاقدر على ايقاف أي شخص, وعلى استفزاز حتى رئيس الولايات المتحدة الذي انهال على التويتر بتعليقاته الغاضبة.الاوطان لا تبنى الا بالقانون, وبعيدا عن أي تعقيدات, نحن نتحدث عن القانون العادل لا أي قانون او نظريات انسانيه اخرى للغوص في دهاليز التفسيرات عن تطبيقات العدالة وماهية العدالة, بل نتحدث عن ابسط انواع العدالة لا اكثر, ففي شعوبنا الموضوع ابسط مما تحاول الأنظمة تصويره فالإنسانية لم تبتعد عن الامور البسيطة التطبيق كما فعلت مع العدالة التي يحاول البعض خداع نفسه بإقناعها بأنها مستحيلة.
لكنني لم اشعر وسط هذا النزاع القانوني و الدستوري في المحاكم الأميركية, الا بالخجل مما فضحته هذه الاحداث كما تفعل أي اهتزازت في مجتمعاتنا المريضة وانا ارى آلاف الاميركان بمختلف الالوان والاعراق والاديان يدافعون عن العرب و الايرانيين وهم غرباء بالكامل عنهم, لكنهم شركاء حقيقيين في الإنسانية.
الخجل من عشرات المحاميين الموجودين منذ اسبوع تقريبا في المطارات, متطوعين لمساعدة الناس بالمجان ومنهم امي التي ساعدها احد المحامين العراقيين- الامريكيين  قبل يومين لدخول مطار شيكاغو.
الخجل من مواطن أمريكي غريب بالكامل, لكنه شريك انساني حقيقي, يحرق ساعات من يومه الثمين جدا في اعداد لافته فقط ليقول مرحبا باللاجئين و ليساند من تقطعت بهم السبل, (لافته بسيطة يصرف عليها من جيبه لا تطبعها المطابع بآلاف النسخ لأحزاب تسرق اموال اوطان قتلها الجهل و الخرس.)الخجل من آلاف المواطنين الامريكان وهم يبيتون الليالي الباردة خارج المطارات, بالإضافة الى تعاطف العشرات من المؤسسات الحقوقية و الاعلام الاميركي بالكامل تقريبا مع ضحايا الازمه, بينما العرب.. ماذا يفعل العرب؟…يشتم بعضهم بعضا ويتشفى بعضهم في الاخر, هذا يقول عاش ترامب, و اخر يقول انقذوا اميركا من الايرانيين و اعوانهم العراقيين والسوريين و اخر يقول ان كل مهاجر من العراق لا يستحق الحياة اصلا  – ارهاب و وجه داعشي اخر – و يهدد شخص مثلي ويتوعده ان عاد الى العراق بالقتل لأنه خائن ( في نظره) للوطن, بينما هذا المتوعد يتمنى الحصول على فيزا من أي بلد ليغادر العراق اليوم قبل الغد.يتناسى هذا الارهابي ان رموزه السياسية و الدينية بالكامل عاشت لعقود لاجئة في أوربا قبل ان تعود فقط لتقود الشعب كالقطعان و تنهب الوطن و تحرق الاخضر واليابس, ولن ينسى التاريخ ما فعله ساسة العراق بهذا البلد ( والحديث منذ ايام نوري السعيد وحتى اليوم, كلهم شركاء في ذبح هذا الوطن).
و يستمر الاستهتار امام تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن ألمانيا وافقت على استقبال 500 لاجئ شهريا من تركيا بينما عراقي آخر لاجئ في المانيا منذ عقد من الزمن ,يتباكى يوميا على الإنسانية و ينشر سنويا دواوين الشعر الخاوي و يتشدق بالحريات وان أوربا انقذته من ظلم الشرق, ليهوي اليوم بمقصلته على اعناق  كل المهاجرين بأنهم لا يستحقون اللجوء او فرصة العيش في بلد اخر او حتى السفر, الازدواجية لم تبقي او تذر أي شيء من الشرق, لأن الحقد الاعمى اكبر من الوطن, فهكذا فقط و بجرة قلم, نقرر مصائر الناس!!!
اذا كان العشرات من العراقيين هاجروا برفاهية ولم يتعرضوا لاضطهاد حقيقي فهذا لا يعني ان الجميع كذلك, و اذا هاجرت انت ببساطه الى أوربا و كذبت و ادعيت امورا لم تحصل لك و انتحلت ادوارا ثقافيه او سياسيه لا تمت لها بصلة فلا تحكم على مصائر الأخرين لأنهم يعانون حقا وليسوا مثلك (موضوع نفاق و تحايل و ازدوجيه الكثير من العرب و العراقيين في المهجر بين الادعاء والحقيقة, حتى على القوانين,  سأتعرض له بالتفصيل في مواضع و نصوص اخرى, و بالأدلة.)
بالإضافة الى تعليقات عراقي ذهب كلاجئ منذ خمس سنوات الى الولايات المتحدة ليصرح بأن على اميركا ان تغلق الابواب بوجه كل (عراقي) و يصف ترامب بـ (حفظه الله)!!لكن الطامة الاكبر جاءت من عشرات المسيحيين الذين احترقت صفحات الفيسبوك بالدفاع عنهم منذ سنتين – وهذا واجب – مع انتشار صورة حرف نون الشهيرة في الموصل, لنتفاجأ بهم يشمتون في العراقيين فرحين بمنعهم من الدخول على انه منع للمسلمين (على الرغم من وجود عوائل مسيحيه منعت ايضا) و انا السائل متى كان العراق وطن المسلمين فقط!!و قامت مجموعه من الشباب المسيحي بضرب شاب عراقي مسلم قبل يومين في دالاس فقط لأنه اعترض على استهزاءهم بما يحصل للعراقيين في المطارات و قال لهم بأننا من وطن واحد و يجب ان لا نشمت في بعضنا البعض, رغم اعتراض العديد من العوائل المسيحية التي اعرفها شخصيا لكن الكارثة ان مسيحيين هاجروا حتى قبل 2003 يصرحون الان على الفيسبوك بان كل المسلمين ارهابيين, ربما انا لا يحق لي ان ادافع عن أي مسلم او مسيحي, فانا معروف بعدم انتمائي الديني, وقد كتبت في حياتي دفاعا عن المسيحيين اكثر من المسلمين و قد اشتغلت في الكنيسة وساعدت احد الاباء في الحرب الأهلية عام 2005-2006 بينما لم اساعد رجل دين مسلم في مسجد يوما في حياتي, لكن هذه الامور لا يجب تجاهلها, فنحن لا ندافع عن المظلومية لنتناسى الانتهاك الاخلاقي من أي فرد كان. (موضوع تهجم الكثير من المسيحيين العراقيين بالسب والشتائم على المسلمين و نبيهم في صفحات الفيسبوك سنتطرق له في مقال اخر لأنه ظاهره غريبه وانا من العراقيين الذي عاشروا المسيحيين اكثر حتى من المسلمين في بغداد واعرف طبائعهم وهم اهلي و ادرك ان الطبيعة الثقافية بالنسبة لمسيحيي العراق تختلف بالكامل عن مسيحيي مصر مثلا او بلدان شرقيه اخرى).لكن هذا هو ما نشهده بتكرار ممل, لا شيء سوى الصدمة, رغم اني تعلمت ان أتعاطف مع الانسان فقط, لا بكونه اقليه او اكثريه, صدقوني لا تحاولوا الدفاع عن التكتلات البشرية و اتجهوا الى الحالات الفردية الإنسانية, فكل دفاع عن قوميه او مذهب او دين او عقيدة سيكون خسارة لأن الأمر شائك جدا.فانا لا يهمني ان كان المظلوم مسيحيا او مسلما او ملحدا او ايزيديا, جاهل او عالم, غني ام فقير, قريب او غريب, فهو انسان فقط, ادافع عنه لأنه انسان, لن تخدعني لعبة الأقلية والأغلبية, فانا اعرف ان كل مجموعه في الشرق تتباكى فقط لأنها ضعيفة وفور امتلاكها للقوة ستستبد بالآخر, والدليل موجود على الاقل في العراق بعشرات الاحداث التاريخية منذ 1917 وحتى يومنا هذا, و ابسط دليل ما فعلته بعض قبائل الاكراد و الأيزيديين مع الجيش العراقي من سلب و نهب بالمسيحيين في قرى المسيحيين قرب بلدة سيميل شمال العراق عام 1933.اذن هي العدالة يا سادة, فتشوا فقط عن العدالة, فكل ما عداها هو امر ثانوي او مساند, حتى الصحافة والاعلام بشكل عام لا يتعدى دوره سوى لفت انتباه السلطة القضائية لما يجري, فلا يجب ان يحتارا الصحفي والاعلامي و الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي , فالهدف مازال واحد, وهو فضح المكتوم و كشف المستور والاستمرار بالنقد.انا لا اقول ان هذه الحقيقة قادره على تغيير شيء في هذا الشرق المتعفن و لكن عسى ان يتعلم احد ليفهم فقط طريقة عمل الامور بشكل صحيح, اما عن النتيجة, فقد فات اوان الانتظار و حان موعد ازالة ما تبقى بعدما انهار كل شيء و التوجه لبناء حضارات شرقيه جديده تتلاءم مع نشاط هذا العالم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب