23 ديسمبر، 2024 1:51 م

تظاهــــرات لــلاصــــــلاح

تظاهــــرات لــلاصــــــلاح

مرة اخرى تلجأ الفعاليات والمنظمات الاجتماعية والسياسية الى سلاحها المجرب، وهو التظاهر للدفاع عن حقوقها ومكاسبها ولاجبار المسؤولين على الاستجابة لمطالبهم المشروعة. استمرار التظاهرات التي خرجت في بعض المحافظات ولاسيما البصرة التي نزفت دماً من اجل الحصول على التيار الكهربائي الذي اصبح حكاية ومسلسلاً طويلاً من الوعود.

جاءت التظاهرات في بغداد والنجف وكربلاء والسماوة وغيرها من المدن والقصبات، ويرجح انها ستعم البلاد كلها ما دامت الضغوط على المواطن في انعدام الخدمات مستمرة، ولا تلوح جدية مقنعة من الحكومة لحل الازمات والتخفيف عن كاهل المواطنين، بل انها تزيد من الاعباء عليهم وتثقل عليهم بفرض الضرائب الباهظة والتي لها مساس بحياتهم وتسهم سياساتها الاقتصادية في الهجوم على مداخلهم الشحيحة.+ ليس للمواطنين في ظل هذه الاجواء والظروف غير التظاهر والاحتجاج الى ان تتغير السياسات الحكومية وتتناسب الاجراءات مع الضخامة في الثروات والمداخيل والاجور، وتطبيق ما تم الاعلان عنه على كبار مسؤولي الدولة وترشيق وظائف الدرجات العليا لتوفير النفقات وتخصيصها للفئات الفقيرة والمعوزة ليس من المعقول ان في الدولة اكثر من 4500 مدير عام عدا المستشارين والوكلاء والوزراء.

والابواب ماتزال مفتوحة لتعين المزيد منهم فيما تم ايقاف الدرجات الوظيفية للمواطنين في الموازنة، فالان أي نائب او وزير يمكن ان يعين مستشاراً في

الرئاسات الثلاث دون النظر الى كفاءة ادائه ومستواه والحاجة الى وجوده سوى ارضائه بتقاسم المزيد من المكاسب.

يتوهم من يعتقد ان هذه التظاهرات سوف تخمد في الايام القادمة بفعل التعب والكلل والاجراءات الامنية المعيقة لوصول الناس الى اماكن التظاهرات او التمديد والتلويح بالقوة والعقوبات واطلاق الرصاص، بل بالعكس سوف تزداد اعداد المحتجين وتتسع فعالياتهم مادامت الحكومة لا تقدم حلولاً يثق المواطن بتحقيقها، فالكهرباء مشكلة لا تحل بوعد واشهر وانما أي تعاقد يحتاج الى ثلاث او اربع سنوات لبناء محطة مثلاً، ولكن عندما تكون هناك محاسبة للمفسدين وليس تقديم كبش فداء واحد او اثنين، وانما بالكشف عن المصدر وسرقة المليارات وتقديم المرتكبين الى القضاء، وكذلك مساواة المواطنين في القطع المبرمج والتقنين ولا ان تكون لناس وناس، ايا كانت مواقعهم.

عندما يلمس المواطنون ان الوزارات لخدمتهم وليست لخدمة الكتلة والحزب الذي ينتمي اليه الوزير واقاربه آنذاك تستعيد الجهات الرسمية بعض الثقة بها وتمنح الفرصة مرة ثانية. هناك الكثير على الحكومة فعله اولاً لترصين الجبهة الداخلية ولتجاوز الازمة الاقتصادية الخانقة من توجيه فرض الضرائب على الفئات الاجتماعية التي تتمتع برفاهية السلطة ومغانمها الى محاسبة الفاسدين السابقين واللاحقين والى اسناد المسؤوليات للكفاءات والطاقات المجربة وتشريع القوانين الوطنية ونبذ المحاصصة وتفريغ منظمات العنف واستخدام القوة والتجاوز على القانون.

ان سبيل وقف الاحتجاجات والتظاهرات صار معروفاً في كل العالم، وذلك من خلال معالجة اسباب نشوئها وحل الازمات على اسس سليمة صحيحة ووطنية من دون محاباة لهذه الجهة او تلك او وفقاً لاجندات لا علاقة لها بمصالح البلاد والعباد