18 ديسمبر، 2024 8:49 م

تظاهروا لحقن دمائكم

تظاهروا لحقن دمائكم

لم يجني البغداديون ومن تعاون معهم من محافظات الجنوب، من تظاهراتهم السابقة غير التعب والمزيد من إراقة الدماء، حالهم حال تظاهرات المناطق الغربية، والتي سميت بساحات العز والكرامة، فيما سماها مناوئوهم ساحات الذل والمهانة.

إن التظاهرات الموجهة غيرت وجه التاريخ، وأطاحت بأنظمة ديكتاتورية، كتظاهرات ثورة الملح “ساتياجراها” بالهند بقيادة المهاتما غاندي عام 1930، وتظاهرات طلاب جامعة طهران عام 1979والتي بدأت ب 200 طالب وانتهت بمليوني متظاهر، وأدت إلى انتزاع الحكم من أكبر طغاة العصر “الشاه محمد رضا بهلوي”، كذلك ثورة 25 يناير العظيمة في مصر، حيث تم فيها إسقاط  حكم مبارك والى الأبد.

تلك التظاهرات لها أهدافها المحددة، فما هي أهداف التظاهرات التي اجتاحت العاصمة بغداد قبل عام، أو قبل عدة أيام؟فهل هو التغيير-الإصلاح -التكنوقراط أم المحاصصة، كلها كلمات قابلة للـتأويل وقابلة للتفاوض، ومن السهولة عدم الالتزام بها من قبل المسؤول، لذلك لم تحقق التظاهرات هدفها السامي، وأصبحت الجماهير أداة لغرض التنافس والاستعراض السياسي.

اليوم وبعد انفجار 3000 سيارة مفخخة، خلفت وراءها مئات الآلاف من الضحايا، آن الأوان لأهل بغداد أن يتوحدوا ويخرجوا بتظاهرة عارمة لحقن دماءهم، ولإيقاف هذا العدد المرعب من المفخخات، وأن يكون لهم هدف واحد، وهو “لا مفخخات بعد الآن” و”لا مسؤول فاسد عن أمننا”، و”بمقابل كل سيارة مفخخة عليكم بالتضحية بمسؤول فاسد” .
وقبل أن تخرج الأهداف عن مسارها، علينا أن توضيح مسؤولية الأمن في العاصمة، فعمليات بغداد هي المسؤول الفعلي، حسب القرار الذي أصدره المالكي في 14 شباط عام 2007، ولازال العبادي متمسكا به، والقاضي بتولي مجموعة من ضباط الجيش، “أصحاب القبعات الحمراء” هذه المهمة، فهل نجحوا ….؟

بالتأكيد لا، لأن الأرقام تشير إلى أن عدد المفخخات وقتذاك لا يتجاوز ال700 مفخخة، إذن لماذا يستمروا بالفشل إن كانوا لا يملكون الحل؟ والجواب لأنهم يمثلون أجندات سياسية معينة، ووجودهم لا يعني حفظ أمن المواطن، بقدر ما يعني كسب المناصب والتنافس السياسي.
عمليات بغداد تتحكم كما تشاء، بمنتسبي الداخلية والياتها، ولها اليد الطولى حتى على وزير الداخلية، تغلق الطرق وتفتحها، تجيز وتمنع التجاوزات، تلغي وتؤسس السيطرات أينما تشاء، تسمح وتمنح السكن داخل أحياء بغداد، ومن مشاريعها العملاقة مشروع صقر بغداد، ومشروع السور الأمني حول بغداد، ومع كل هذه المشاريع والصلاحيات والخبرة، لا تستطيع أن تمنع سيارة مفخخة من الانفجار.
إذن فهي دعوة صادقة لأهلنا في بغداد، لتحمل مسؤولياتهم ولو لمرة واحدة، خاصة بعد الفشل في كل التظاهرات السابقة “الخالية من الأهداف”، لأن يتبنوا تظاهرة حاشدة، هدفها أعادة أمنهم وحقن دمائهم، والتخلص ممن يعبثون بأمنهم، فالداخلية هي الأولى بمسك أمن المدن، ووضع اليد على مسؤول واحد، أفضل من عدة رؤوس، وهي الخطوة الأولى في طريق تحقق الأمن.