قبل أن تعجب أخي القارئ: اعلم أنه ليس في الدين عهر، لكن من أحسنوا الظن عرفوا بأن الياء التي لحقت كلمة “دين” في هذه الجملة تعني: العهر المنسوب إلى الدين؛ وإلا فكيف يصير العهر دينا ثم ينسب إليه؟! عندما يصير الدين ألعوبة في أيدي التجار والنافذين الذين أتقنوا النفاق وامتلكوا كلَّ أسلحته؛ ثم أحكموا حصارهم على شريعة الله وعلى المستمسكين بالدين الحق فاعلم بأننا في زمن الفجور الديني.
عندما يُستغَلُّ مالُ الله في شراء التافهين من المعمَّمين في الأرض لتعلو أصواتهم، وتصير جَلَبَتُهَا إيمانًا، وخزيها إحسانا، وتفاهاتها إيقانا فاعلم بأننا تحت سُلطة الفراعنة المعمَّمين، ومرجعيات المجرمين؛ وعندما تصادِر عمائمُ الأقوياء فكرَ العلماء وتقضي عليهم قتلا أو إبعادا أو نفيا أو حجزا أو حصارا أو تشويها لسمعتهم أو محاربة لوجودهم وتأثيرهم؛ فاعلم بأننا نعيش مرحلة فجور المعمَّمين.
عندما يدعو رجال الدين _ على اختلاف مذاهبهم _ إلى التقوقع وتكفير الآخر واستباحة دمه وماله وعرضه في جلساتهم الخاصة، ثم يتظاهرون أمام الملأ بالانفتاح على الآخرين, ثم إذا اطلعتَ على الساحات المتباينة التي يمتلكونها ويبسطون سيطرتهم عليها، ويمارسون على أرضها كل أنواع الإجرام باسم الإسلام, فإنك لن تتعرف إلى علامة فارقة تدلك على أنهم يختلفون مذهبا, هنا فاعلم أن الفجور الديني قد بلغ ذروته!!.
عندما يعمل رجال الدين بسياسة الملاعين، ويَجِدُّون في لقاءات الفراعنة والمتجبِّرين، ويهرعون إلى مساندة آكلي لحوم الناس ودمائهم وحقوقهم؛ ويتسابقون إلى بذل المال والنفس تحت أقدامهم رخيصة؛ وعندما ينسون الفقراء والمستضعفين، وينبذون أهل الله وأصحاب الحكمة والعقل والضمير والدين، ويهجرون عباد الله المتواضعين…، فلا تغترَّ ساعتئذ بمرجع ولا عمامة ولا مذهب؛ بل تَيَقَّنْ أنَّ الله قد تخلَّى عنهم، ولذا حرَمَهَمُ ْدعواتِ المساكين، وأدناهم من الشياطين المرجومين.
عندما ترى رجال الدين يخرجون بتظاهرات مساندة لطائفة دون أخرى وفي بلد دون آخر وينسون شعبهم الذي مات وجاع وهجر وقطعت عن كل مقومات الحياة من خدمات وكهرباء ومفردات بطاقة تمونية وخدمت صحية وتعليمية وأمنية وغيرها فلا تعجب ولا تستغرب من هؤلاء لأنهم عواهر ترتدي عمامة من أجل أن تتستر على عهرها وفجورها.
من يشاهد ما قامت به حوزة النجف من تظاهرات أسمتها بالتضامنية مع البحريين ما هي إلا قمة العهر والفجور الذي يمارس بإسم الدين, فمن يقارن الوضع العام للشعب البحريني بكل النواحي وبأدق التفاصيل مع الوضع العام للشعب العراق يجد الفرق واضح حيث وقعت وتقع المظلومية الأكبر على الشعب العراق المحروم ومع ذلك تخرج حوزة النجف بوقفة وتظاهرات احتجاجية تضامنية مع شعب البحرين ؟ فلماذا لم نرى أو نسمع أو نشاهد أو نقرأ أو نلحظ مثل هكذا وقفة لحوزة النجف تساند بها الشعب العراقي ؟!.
هل ما فعلته الحكومة البحرينية بحق شعبها أكثر وأكبر قبحاً وفساداً مما فعلته الحكومة العراقية بحق شعبها ؟ لماذا هذه الإزدواجية ؟ لكن هذا إن دل على شيء فإنه يدل على إن ما مارسته و تمارسه الحكومة أو الحكومات العراقية بحق العراقيين هو بإمضاء من حوزة النجف وبفتوى منها ولهذا لا نجد لها موقفاً مسانداً للشعب العراق كموقفها مع الشعب البحريني.