22 نوفمبر، 2024 9:56 م
Search
Close this search box.

تظاهرات العراق والبصمة العراقية

تظاهرات العراق والبصمة العراقية

يقول المفكر والسياسي الفرنسي لابويسي (القرن السادس عشر) “أينما تواجد الأشرار في العالم، لا يكوِّنون دولة بل مؤامرة، ولا يشكلون حكومة بل عصابة” ويضيف في كتابه مقالة في العبودية المختارة “إننا لا نولد أحرارا فقط، وإنما نولد أيضا بغريزة الدفاع عن الحرية ورفض العبودية”.
من البديهي أن يحتجَّ الذين أتْعبتهم العبودية في كل زمان، وهم يكابدون مرارة الفقر والحرمان، سيما حين يرون سرقة وتبديد ثروات الأوطان تفوق الخيال.. فيَنْتفِـضون ويصرخون، لأنهم بكل بساطة غاضبون ويتألمون.

هكذا نفْهم الاحتجاجات اليوم في ، العراق، لبنان وغيرها من دول العالم.. وكي لا تتحول الاحتجاجات السلمية إلى فوضى يستثمرها المرتزقة والخونة من تجار الدين والدنيا لتدمير الوطن الحبيب الجريح، فهو الجريمة الكبري التي لاتغتفر خرجت الجموع العراقية الهادرة الي ساحة التحرير ليس من اجل النزهة بل من اجل ان تصل اصواتهم الي الحكومة التي تم دعمها شعبيا واعلاميا ودوليا بعد ان تكفلت بمحاربة الفساد السياسي والمالي والاداري بكل انواعه الذي جثم فوق الصدور لسنين عدة من خلال المحصاصة المرة والعقيمة التي كانت السبب الاول والاخير في تدمير بلد مثل العراق يملك كل الخيرات والخبرات وتحول الي بلد يحجز الرقم 12 من بين دول العالم في الفساد وكانت المهلة السنوية التي منحت الي الحكومة بحجة انها لاتملك عصا موسي السحرية التي اصبحت وسيلة للتبرير الفشل وقد مرت السنة والشعب يجتر الوعود عسي ولعلي ان يستفيق النائم المدلل ويرفع الدثار السميك الذي تدثر ت به ولكن خاب الظن بها والتفت الساق بالساق وتحول الامل الي خيبة وخذلان الي حكومة تتنفس وتعتاش من السحت الحرام بل ازداد وانتفخت البطون الي حد ان الفساد اصبح ظاهرة عامة لديها وحالة طبيعية واصبح قوة لايستهان بها وتفرض وجودها في كل مفاصل الدولة وهي الامر والناهي بل وصل الحد الي مجاملة الفاسدين حي علي الصلاة عندها اصبح الحال لايطاق وخرجت النبال من قوسها وتحول السخط والتذمر الي غضب عارم وامواج بشرية عفوية هادرة ببصمه عراقية لاشرقية ولا غربية وكان لابد من ذلك عندما يشعر الشعب ان ولي امره في اذنه وقر ، ويقابل اهات وانين الشعب، بصمت مطبق واهمال متعمد ولا مبالاة، من جهة من انتدبوا أنفسهم للقيام على خدمتهم، وانحرفوا بشكل متعمد عن الشعب والتصقوا وتبنوا الغلوا في احتضان الفاسدين اذن لابد من صرخة تخترق طبلة الاذن ليسمعوا كلمة الشعب ويتغير مسارهم المتعرج وكان لابد من الخروج الي ساحة التحرير بجموع سلمية لاتملك غير الحناجر ولكن من يملك ناصية الفساد ويتحكم في العراق اغاضه هذا الجمع الخير الشبابي لاجيال لم تعش مذاق النظام السابق ومن مختلف مكونات الشعب ويلتقون جميعا في هدف هو انقاذ العراق من هذه المطحنة التي اهلكت الحجر والبشر فلابد من احاطة هذه المسيرة بكل الطرق الوعود الكاذبة اولا والتهديد والوعيد والقاتل المجهول والخطف للناشطين في مجال حقوق الانسان وتغيبهم في سراديب العتمة المجهولة دون الافصاح عن اماكنهم مثل الدكتور البروفسور الحلو كما اوضحت شقيقته في قناة الشرقية وارادوا ان تتحول إلى اتجاهات غير منضبطة، وإلى ردود فعل غير مأمونة العواقب. وا ن يقظة المتظاهرين وحرصهم علي دماء الشباب الابرياء دعتهم الي الانسحاب وكذلك احتراما الي اربعنية سيد الشهداء بعد ان اطاح القاتل المجهول اكثر من مائة شهيد و6000 مصاب وجريح من المواطنين والاجهزة الامنية الرسمية المنظبة وبذلك احبطوا شر الاشرار والمنتعشين من النهج الحكومي لكي يحموا انفسهم من غضب الشارع الذي امتد من جنوب العراق الي بغداد السلام انهم يريدون عراقيا لا يغضب حين يجوع فلا يأكل، أو يمرض فلا يجد علاجا، أو يجن عليه الليل، فلا يجد مأوى وسكنا. ولم يخطر ببالهم ان الاستمرار في الاهمال وغض النظر عن طيش الفاسدين وغرورهم يمر مرور الكرام وان العراق حي لايموت هكذا هو الحال علي مر التاريخ وسبقهم الكثيرين عندما تخلوا عن شعبهم وكانت مصائرهم بلا رحمة ولاشفقة وان السياسة عندما تتقاطع مع الشعب ، وتنحرف، وتفقد منطقها، وتتحول إلى فوضى منذرة بخراب العمران. إن السياسة لا تموت، لأنها تعني السؤال الدائم عن الجدوى من الحياة، عن معنى العيش الكريم، عن معنى الانتماء إلى وطن، تريد أن تفخر بالانتساب إليه فإذا به يجافيك، ويبالغ في صدك، ويصر ان يكون جبارا على قتل ما تبقى فيك من فسحة للأمل.

، حين يتعب المواطن فيصمت كلية، خوفا أو يأسا، أو يغالي في الغضب، حين يزداد الغني غنى، والفقير فقرا، حين يأخذ البعض كل شيء، ولا يجد الآخرون أي شيء، حين ينتقل البعض على وجه السرعة للعلاج في كبريات المصحات، خارج الوطن، ويموت الآخرون على أبواب مستشفيات بئيسة، حين يتخذ البعض عشرات الكيلومترات مرتعا للنزهة، ولا يجد الآخرون غرفة تؤوي أجسادهم المنهكة، في آخر النهار. حين يحدث كل هذا، ثم يقابل ببرود عجيب، وبخطب ووعود وإنشاء، ومن طرف من يملكون القرار، وحق التصرف في مقدرات البلاد والعباد، هنا تنحرف السياسة، وتتحول إلى منطقة الخطر. وإن من المهام الرئيسة، لمن انتدبوا أنفسهم لسياسة أمور البلد والعباد، أن يحرصوا دوما على ضمان عدم انحراف السياسة، لأنهم، هم وحدهم، من يتحمل القسط الأكبر في هذا الانحراف.

لا تتحدثوا عن موت الشعب ولا تبحثوا عن ذلك، ولا تنتظروه، بل فكروا مليا في تعديل نهجكم واستعيدوا رشدكم لان عواقب ذلك النهج ليس من صالح الجميع ولا تتقيدوا بمقولة الفوضي الخلاقة انها برنامج اميريكي لتمزيق الشعوب وانهاكها والسعي الي تحولها الي ماكينة لطحن البشر وعواقب ذلك على البلاد والعباد. وخيمة ولا عفو عند المقدرة علي الفاسدين ومصاصي دماء الابرياء.

أحدث المقالات