تنتج محافظة البصرة بحدود أربعة ملايين برميل نفط يومياً عدا الغاز، ولو أن محافظة أخرى مثل أربيل أو الأنبار أو كربلاء تنتج مثلما تنتج البصرة لطالبت بالاستقلال والانفصال عن العراق، فليس من المعقول أن تعجز حكومة بغداد في توفير خدمات باتت من الضرورات للحياة ومنها الكهرباء والماء، وبالإمكان الاستفادة من تجارب دول الخليج في معالجة شحة الماء، وفوق هذه المعاناة يأتي المتحدث بأسم وزارة الكهرباء، ويعلن على الهواء مباشرة عبر قناة دجلة من أن تجهيز الكهرباء لمحافظة البصرة هو ثلاث وعشرون ساعة يوميا ويكون التجهيز كاملاً في المساء، ولحظتها اتصلت بأصدقائنا في البصرة لأتأكد من صحة ما يقوله المتحدث، فقالوا لي: إن أفضل تجهيز لنا هو أربع عشرة ساعة، وبعضهم قال يتراوح بين عشر ساعات إلى خمس عشرة ساعة يوميا، فكيف تريد من الناس أن تصدق وعود الحكومة وهي غير قادرة على محاسبة وزارة لا تصدق مع ناسها؟.
رجل دين سياسي يقول: إن الكهرباء في البصرة مستمرة والتجهيز ممتاز فَعَلام يتظاهر أهل البصرة، ورئيس الوزراء يقدم ارقاماً خرافيةً عن قيمة الأموال التي تدفعها الحكومة لصيانة المحطات وشراء الوقود، وأنا على يقين أن أكثرها يذهب إلى جيوب الفسادين، وقبلها يقول: إن أحد أسباب أزمة الكهرباء هو تشغيل السبالت في الحمامات، وهذه المعلومة ربما سمعها من أبو (الكيزرات)، أو من أبو (التانكيات)، أو من أبو ( البواسير)، ويجوز سمعها من أبو (الصخرة)، وإحتمال من صاحب مطار (أور)، أو من أبو( حمودي)، والقائمة تطول مع تصريحات غريبة جداً صادرة من مسؤولين يقودون الدولة، ويصرون على اتخاذ قرارات خاطئة تضر شعبهم وتضر بمستقبلهم السياسي.
ومن حقنا أن نتساءل لماذا لم يتم المساس بممتلكات الأحزاب؟ أو لماذا لم تداهم الجماهير الغاضبة مقرات الأحزاب الحاكمة لغاية اليوم؟! على الرغم من أن أصحاب هذه المقرات هم رأس البلاء الذي أصاب مدينة البصرة والعراق، والأغرب والأشد ألماً أن جميع رؤساء الأحزاب في العراق يطالبون الحكومة في تنفيذ مطالب المتظاهرين.
وبحسب التقارير الرسمية فأن حكومة محافظة البصرة إستلمت بحدود سبعة مليار دولار ولم تتمكن من استثمارها بالشكل الصحيح ولم تنشئ اية محطة كهربائية أو مشروع تحلية للمياه أو تحل مشكلة السكن الخانقة التي تعاني منها مدينة البصرة وأقضيتها، وحولوا هذه المليارات لأجل تحقيق طموحات أحزابهم، والدفاع عن شخصيات فاسدة حكمت البصرة كما أن تجاهل الحكومة المركزية لوضع البصرة هو مؤشر على عدم جديتها في حل مشكلاتها، ولا ستبعد أن يكون هناك دور لكتل سياسية مناوئة لسياسة العبادي في ما يحصل في البصرة، لاسّيما وكما ذكرنا أنه لم يتم المساس بمقرات الأحزاب الحاكمة على الرغم من أننا جميعاً نعرف أنها سبب البلاء، ونعرف اين يكمن رأس الأفعى، وبدأ بعض السراق بمغادرة البلد مع اموالهم بعد شعورهم بالخطر على حياتهم.
والاحداث تتسارع بشكل كبير جداً ومؤكداً أنها ستكون الشرارة الأولى لتغير نظام الفساد الذي يسيطر على مقاليد الحكم، وهنا اقترح على رئيس الوزراء الخطوات الآتية لمعالجة الأزمة التي يمر بها العراق: أولاً إعفاء وزير الكهرباء ووكلاؤه والمديرين العامين في وزارته وأحالتهم إلى القضاء فوراً بتهمة الخيانة العظمى للشعب، وثانياً: إلغاء قوانين الامتيازات سيئة الصيت التي بددت اموال الخزينة العراقية، ثالثاً: مراجعة الأعداد الهائلة من الأفراد الذين منحوا رواتب تقاعدية شهريا من دون اي وجهة ولم يخدموا يوما واحداً في الدولة العراقية ويقدر عددهم نصف مليون شخص اغلبهم كان يعيش في دول اوربا، رابعاً: الغاء قرار السماح بتعدد الرواتب للشخص الواحد، خامساً: إعادة العقارات التي تم منحها مجانا أو في بدل نقدي متواضع لمن درجته مدير عام فأعلى ومن ضمنها الفلل وأراضي النظام السابق والشقق السكنية وغيرها، سادساً: السيطرة على المنافذ الحدودية وغلق مكاتب الاحزاب التي تتولى بعض العمليات المشبوه في المنافذ الحدودية، سابعاً: مراجعة شاملة للاجهزة الرقابية كافة ومنحها الصلاحيات الكاملة في إداء واجباتها، ثامناً: إلغاء قانون الانتخاب على نظام سانت ليغوا المعدل واستحداث نظام الدوائر المتعددة على مستوى المحافظة الواحدة، تاسعاً: الاتفاق فوراً مع شركات عالمية لحل أزمة الكهرباء من دون تأخير، عاشراً: إحالة الوزراء السابقين الذين عبثوا بالمال العام إلى القضاء، وهناك مقترحات كثيرة إذا ارادت الحكومة حل مشكلات الشعب العراقي ان تتخذ القرارات الشجاعة حيالها.