23 ديسمبر، 2024 5:30 ص

تظاهرات أم تصادمات … قراءة في تظاهرات الجمعة المقبلة

تظاهرات أم تصادمات … قراءة في تظاهرات الجمعة المقبلة

من المستفيد من الصدام بين العلمانيين والاسلاميين
بعد ان بدأت التظاهرات الشعبية المطالبة بالخدمات ومحاسبة الفاسدين في البصرة خصوصا ثم امتدت الى محافظات واقضية اخرى دخلت العاصمة بغداد الى المشهد الساخن بقوة وشاركت في تظاهراتها جموع كبيرة بحالة عفوية في غالبيتها استجابة لدعوات من هنا وهناك وكانت التظاهرة الاولى في بغداد ، ساحة التحرير ، مثل تظاهرات المحافظات تطالب بالخدمات ومحاسبة الفاسدين الا انها تحولت تدريجيا جمعة بعد اخرى الى مطالب سياسية وتخللتها خلافات ايديولوجية متمثلة بصيحات جموع من المتظاهرين مطالبة بدولة مدنية ظاهرها المواطنة وحقيقتها دعوة لسحب البساط من الاسلام ورجاله وفصلهما عن التشريع والممارسة السياسية من خلال استغلال الفشل والفساد الكبيرين الملازمين لاداء الاحزاب الاسلامية خلال السنوات الماضية والتي هي المسيطرة على الحكومة ومجلس النواب لكونها الاكثرية العددية فيهما .
 ويقابل هذه الدعوة حملة كبيرة على موقع الفيسبوك لاستنكار واستهجان الوجود الاسلامي في التظاهرات حتى المعارضين منهم للحكومة واحزابها ومطالبين بابعاد اي شخص يرتدي زيا دينيا اسلاميا عن التظاهرات ووصفهم باشنع واقذر الاوصاف والكلمات ولصق الفشل والفساد الحكومي للسنوات الماضية وفشل النظام السياسي بالاسلاميين جميعا ومحاولة خلق شرخ كبير بين المتظاهرين والاسلاميين الذين لاينتمون الى الاحزاب الحاكمة وهذا خطا كبير ترتكبه الجهات المحركة لبعض الفصائل المتظاهرة لانه يجعل التظاهرات تخسر قوة كبيرة واساسية ومؤثرة في الشارع العراقي وهم الاسلاميين الناقمين على السلطة واحزابها الفاشلة .
وهنالك دعوات اخرى من بعض الاسلاميين وبعض العلمانيين بتحدي كل منهما الطرف الاخر والحضور بقوة في التظاهرات المنتظرة يوم الجمعة المقبل لاثبات الوجود بالتحدي فكل منهما يريد ان يبين انه صاحب قدرة في التاثير على الشارع العراقي مما يعني ان التظاهرات مؤهلة ان تنحرف عن مسارها المطالب بالخدمات ومحاسبة الفاسدين الى منحى الصراع الايديولوجي وكاننا في حلبة انتخابية بين برامج احزاب يمين ويسار بينما الصحيح ان يتلاحم الشعب بجميع فئاته وشرائحه وتوجهاته الفكرية من اجل تحقيق مطالبه الاساسية وترك الخلافات الفكرية لمرحلة وتوقيت وظروف ملائمة .
وعلى هذه القراءة فاني اعتقد ان الجمعة القادمة ستشهد تظاهرات متشنجة وذات حساسية وستكون ساحة التحرير ملعبا تنفذ فيه جهات معينة اجنداتها وكإن هدفها ليس المطالب المعلنة انما اسقاط الاسلاميين باي شكل كان وخلط الاوراق واتهام جميع الاسلاميين بالفساد حتى من كان منهم معارضا للحكومة واحزابها .
فهل ستنجح قنوات فضائية معينة معروفة بعدائها للحكومة وبذلها الاموال لكسب المؤيدين لها وتشكيلها تجمعات من المتظاهرين يهتفون ويرفعون لافتات ومطالب كما تريد منهم مستغلة الوضع العام السيء ونقمة المواطن العراقي على هذا الوضع وكذلك الفساد والفشل الحكومي في اثارة الفتنة بين المتظاهرين .
وهل تنجح بعض منظمات المجتمع المدني واصواتها الفيسبوكية في اثارة الشارع العراقي ضد الاسلاميين جميعا دعما لمشروعها الاصلي وهو التنكيل بالاسلام .
ندعو السيد العبادي الى توجيه بيان الى الشعب العراقي يبين فيه مشروعه الاصلاحي مقرونا بجدول ومواقيت لتنفيذ تلك الاصلاحات والطلب من الشعب ان ينهي التظاهرات لاسباب امنية ومجتمعية وسياسية .
وندعو المرجعية الدينية التاكيد على هذا الموضوع ودعوة الشعب بذات الاتجاه الى انهاء التظاهرات والطلب من السيد العبادي اعلام الشعب بجدول تطبيق الاصلاحات .
وعلى الشعب ان يستجيب لذلك حفاظا على الارواح والوضع الامني والتلاحم بين شرائح المجتمع وان يراقب اداء الحكومة وتطبيقها الاصلاحات والا فساحة التحرير مفتوجة للجميع مرة اخرى وهي فرصة لاعادة دراسة التظاهرات وما رافقها من كل الجوانب .
وليعلم العلمانيين والاسلاميين المعارضين للحكومة ان اي نوع من الصدام بينهما يضعفهما جميعا امام الفاسدين ويساهم في افشال التظاهرات ويقوي موقف الرافضين لخطوات الاصلاح .
وعلى القوى العلمانية الوطنية المعروفة بسلوكها العقلاني واخلاصها للعراق وتضحياتها التاريخية ان توجه انصارها ومؤيديها الى الترحيب بالاسلاميين والابتعاد عن اي سلوك يستفزهم وان تبتعد عن جموع اهل الاجندات الاخرى التي تثير الفتنة لغايات غير اصلاحية…
وليكن شعارنا جميعا البعيد عن الايديولوجيا والمتفاعل مع الحدث والمتعانق مع العراق هو :
(عراقية عراقية لاشيعية ولاسنية) …