عملية تغيير تفكير الانسان وفق ا يحمل من مباديء تحمل عدة عناوين وحسب الكيفية والغاية من عملية التغيير فتسمى استبصار وقد تسمى غسل دماغ وقد تسمى دفع اوهام وغيرها ، ولان الانسان هو مشكلة الكون بين ان يتسلط ا وان يُسلط عليه لهذا فالاحزاب والحكومات تعمل جاهدة على تطويع عقل الانسان نحو مبتغاها ، واهمية هذه العملية وثمنها اشار له النبي محمد صلى الله عليه واله عندما قال للامام علي عليه السلام : “لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم”.
وحمر النّعم هي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب، يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وأنّه ليس هناك أعظم منه
الحديث عن هذا الحديث بمحورين الاول ان عملية تغيير فكر انسان قصد به هداية وهذا وفقا للرسالة المحمدية التي جاءت من اجل هداية الناس ، والمحور الثاني ثمن الهداية أي ثمن تطويع العقل وفق المفاهيم التي يريدها رسول الله (ص) .
هذان المحوران تفتقدمها كل الحكومات الاسلامية بشكلها المهني ، فبعض الحكومات تشتري الذمم بالمال او ترعب الاخر بالمال بينما الفكر الذي يحملونه فكر اهوج اعوج ، وحتى الدوائرالاستخباراتية الاسلامية لا تعمل على المدى البعيد بل سخرت لمراقبة الانسان واعتقال او اغتيال من يعارض الحكومة ولا تعمل على تجنيد مبلغين ومفكرين لكسب عقول الناس بالفكر طواعية .
بينما الدوائر الاستخباراتية وتحديدا الامريكية والصهيونية فانها تعمل على الامد البعيد ومهما كانت التكلفة المادية طالما الهدف المرجو كبير ويعود عليهم بالمكاسب الفكرية وحتى الاقتصادية والسياسية .
عندما تكسب فكر انسان وفق مبادئ انت تعمل عليها يكون ثمنها باهض لان العقل اهم من المادة لان العقل هو من ياتي بالمادة وليس المادة تاتي بالعقل .
عند قراءة كتاب حروب العقل تاليف ماري د. جونز فانها تسلط الضوء على الخطط بعيدة الامد للاستخبارات الامريكية في كيفية غسل العقول ساعدهم على ذلك الخطط الجهنية لوسائل الاعلام التي تستدرج العقل حتى ينسلخ من معتقداته ويكون طوع الجهة الاعلامية المسخرة لنقيض معتقداته .
اما الوسائل غير الشرعية في غسل الادمغة فتلك التي تعتمدها الاستخبارات في تعذيب المعتقلين وقد قطعوا شوطا طويلا في السجون العربية التي تعذب المعتقل حتى تجعله مجنونا أي بلا مبادئ وليس تغيير مبادئ.
ان مشكلتنا في العالم الاسلامي ننظر الى التراث الاسلامي بلحاظ قوله بينما المطلوب ان ينظر له على المدى البعيد ، فالكلمات والمفردات التي تحاكيها الشريعة الاسلامية هي وفق حضارة تلك الحقبة الزمنية اما المفاهيم المطلوبة فهي ثابتة في كل زمان ومكان وفي هذا الحديث الثابت فيه هو تغيير مبادئ الانسان حتى وان تطلب بذل جهود كبيرة لذلك ، فالاساس هو فكر الانسان وليس جسده او عمله او عشيرته او حتى قوميته .
فعندما نتمسك بالنصوص على وجه الخصوص وبمفاهيمها لا نغوص فان التفكير يكون منقوص دون النظر بعمق لهذه النصوص لاننا نسمح للاخر بان يصفنا بالعاجزين وان الشريعة الاسلامية كانت لزمان معين لا تتفق وزماننا هذا ، بدليل كلمة حمر النعم وهي الابل النفيسة كما اشرنا انفا وهؤلاء الذين يستهدفون الاسلام تراهم ينتقدون هذا النص لانه من وجهة نظرهم الحديث خصص بالابل وعصرنا اليوم لا يهتم للابل لانه ليس لها ثمن عند الغرب .