19 ديسمبر، 2024 12:12 ص

شيء مفرح، ويبعث على الأمل أن ترى الحماس المجاني غير المدفوع الثمن والذي لاتقف وراءه أي أجندة خارجية أو داخلية سوى الامتثال لنداء الواجب، حين تبرعت الآلاف، بل الملايين، وبعفوية للانضمام الى القتال ضد تنظيم داعش، عفوية ومشاعر اطلقتها المرجعية الدينية، لذلك جاءت صافية نزيهة غير ملوثة لا بأدران السياسة ولا بأطماع الأحزاب. من حقنا أن نفخر بشعب مصرّ على الحياة، كما أن من حقنا أن نتساءل عن طبيعة تعامل الحكومة مع هذه الجموع، وكيف ستستثمرها؟ ولاسيما ان المرجعية أكدت أن القنوات الحكومية هي السبيل القانوني والشرعي الوحيد للدفاع عن الوطن.
ما حدث في الموصل وما تلاه، دافع إلى إعادة النظر بالسياسة الحكومية جملة وتفصيلاً، وبالخصوص القوات الأمنية، لا معنى لبناء جيش لمدة 10 سنوات يتضح فيما بعد أنه بلا عقيدة، أو أنه غير صالح للاستعمال، وأن جموع المتطوعين هم أكثر إيماناً بالوطن منه. الأزمة اليوم أزمة وجود، وأزمة كيان، وأزمة دولة، أنفقت من عمرها 11 عاماً انجزت فيها 5 انتخابات عامة واستفتاء، وعشرات الآلاف من الشهداء وأضعافهم من الجرحى، ومفاوضات شاقة مع الأمريكان ليتركوا البلد وشأنه، فيما تتوالى التنازلات والاتفاقات عند كل استحقاق حكومي للحفاظ على وحدة الوطن.
رواية مأساوية طويلة، ما زالت فصولها تتجدد يومياً: قتل، تهجير، معارك. وفي النهاية تلوح بوادر التقسيم، تقسيم بلد حاول أبناؤه الحفاظ عليه سالماً كما تسلموه من أسلافهم. ويتنافس السياسيون على والمحللون والخبراء على الترويج لفكرة التقسيم القبيحة وتجميلها بأي اسلوب، حتى لو كان ممجوجاً غير منطقي ولا عقلاني. بين تلبية نداء التطوع للدفاع عن الوطن، وبين دعاوى فدرلته أو تقسيمه بون شاسع لاتستطيع الشعارات الوطنية أو الأهازيج أو الاغاني الحماسية أن تملأه.