لا يمكن الجزم ولا القَسَم بأغلظ الإيمان .! أنّ الأمريكان تعمّدوا إرسال طائرة الإستطلاع الخاصة المسيّرة بأتجاه المجال الحيوي الأيراني وبالأرتفاع الذي يمكّن وسائل الدفاع الجوي الأيراني لإصابتها وإسقاطها .! , او أنّ القيادة العسكرية الأيرانية ” وبتنسيقٍ تامّ مع وزارة الخارجية الأيرانية ” ربما تعمّدت التحرّش بالأمريكان عبر إسقاط هذه الطائرة في المياه الدولية ” حسب ما تؤكده القيادة الأمريكية ” لأجل الظهور والتظاهر من موقع القوة , بغية ارغام الأدارة الأمريكية وإشعارها بما يعرّضها للأخطار جرّاء عقوباتها في عرقلة تصدير النفط الأيراني < الذي تسميه طهران بالحرب الأقتصاديه , والذي نرى في الإعلام ما يمكن تسميته بحرب الإستنزاف > .. وفي كلا الإفتراضين او حتى غيرهما , فلا يمكن التأكيد والتشديد بأنّ سقوط واسقاط هذه الطائرة سيغدو بمثابة ” القشة التي قصمت ظهر البعير ” , ولربما ساعدت او غدت كعاملٍ مساعدٍ على قصمه .! , فهنالك تراكمات على المديات القريبة والبعيدة تبدو وكأنها تتجه الى المرور في الخط السريع نحو التصعيد , وبتغطيةٍ مموّهة او مغايرة من خلال تصريحات الرئيس ترامب ! والمختلفة عن تصريحات اركان ادارته السياسية والعسكرية .! , فلس عبثاً أن يحصل للمرة الأولى ليلتقي وزير الخارجية الأمريكي ” مايك بومبيو ” في اجتماعٍ مغلق مع قادة الجيش في مقر القيادة المركزية الوسطى في القاعدة العسكرية الجوية ” تامبا ” < التي جرت فيها ادارة حرب عام 1991 ضد العراق > , وخصوصاً اجتماعات ” بومبيو ” مع الجنرال – كينيث ماكنزي – قائد القيادة المركزية ومع الجنرال – ريتشارد كلارك – قائد القوات الخاصة الأمريكية , حيث توحي هذه الأجتماعات كأنّ شيئاً ما سيظهر في الأفق ويجري التحضير له , وخصوصاً أنّ هذا اللقاء جرى قبل ساعاتٍ من لقاء الوزير الأمريكي مع منسقة السياسة الخارجية في الأتحاد الأوربي السيدة ” فيدريكا موغريني ” في مقر وزارة الخارجية الأمريكية .
من الملاحظ في هذا الشأن أنّ الدبلوماسية الأمريكية منكبّة على اجراء مشاورات واتصالات مكثفة مع حلفائها الأوربيين لضمّهم للإصطفاف مع الموقف الأمريكي بالضد من طهران , ولا سيما أنّ بعض هذه المشاورات تجري بعيداً عن اضواء وسائل الإعلام , حيث يؤكد ذلك على الأقل التفاجؤ في ارسال بريطانيا 5000 جندي من القوات الخاصة البريطانية لتأمين الحماية لناقلات النفط والسفن التجارية التي تبحر وتمخر مياه الخليج , حيث الموقف البريطاني كان سريعاً بعد تعرّض ناقلتي نفط الى عمليات تخريبٍ وتفجير , إذ تأخذ العملية ابعاداً اكبر بتهديدها لعمليات تصدير النفط من دول الخليج الى الغرب ومعظم دول العالم , والأنكليز او البريطانيين يمتازون ببعد النظر السياسي والهادئ .. والى ذلك فأعلان البيت الأبيض عن زيارة سيقوم بها مستشار الأمن القومي الأمريكي ” جون بولتون ” في 23 من الشهر الجاري الى اسرائيل لبحث ” الأمن الأقليمي ” في المنطقة , فلا ريب انها توحي لإستكمال الإستحضارات العسكرية لأمرٍ ما قريب الحدوث .
عموم الصحافة الأمريكية وخصوصاً ” الواشنطن بوست و نيويورك تايمز ” التي في موقفٍ متضاد من الرئيس ترامب والتي غالباً ما تتهمه بأنه رجل مال وليس رجل حرب , لابدّ أن تترك مضاعفاتٍ نفسية ” على الأقل ” للرئيس الأمريكي الذي يراهن ويجاهد للفوز في الأنتخابات المقبلة , لابدّ لها ايضاً أن تلعب دوراً في قرارات الرئيس الأمريكي وخصوصاً بعد تعرّض منشآتٍ نفطية وعسكرية امريكية لقصف الكاتيوشيا من جماعاتٍ موالية لأيران في العراق , دونما ردّ فعلٍ امريكي لذلك وكأنها استكانة واهانة للولايات المتحدة .. وكلّ هذه التراكمات وغيرها من الأهداف غير المعلنة تشير الى احتمال توجيه ضربة عسكرية خاطفة الى اهدافٍ ايرانيةٍ محددة , وهذه الضربة الأفتراضية هي التي ستحدد وقوع او عدم وقوع حربٍ مفترضة .!