مثلما إنه لم يسبق لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أن واجه أوضاعا صعبة وبالغة الخطورة کما يجري الان، فإنه لم يواجه أيضا حالة إختلاف وإنقسام وتشتت في الاراء والمواقف بين القادة والمسٶولين الايرانيين بسبب الموقف الذي يجب إتخاذه من الادارة الامريکية أيضا.
التضاد والتناقض الحاد في التصريحات والمواقف بين قادة النظام والذي وصل الى حد المهاترة والتهديد وإطلاق التعليقات الجارحة والمهينة، يدل على إن الجميع يعلمون جيدا بأن الامور والاوضاع هذه المرة ليست کسابقاتها، وإن هناك في الافق نذر شٶم أکثر من واضحة للنظام، خصوصا وإن أمام النظام ثلاثة خيارات لارابع لها؛ الاول خوض المواجهة والحرب وهو ليس في صالح النظام الايراني بموجب مختلف الاحتمالات والتوقعات، والثاني هو قبول التفاوض بالشروط المحددة سلدا من جانب الادارة الامريکية والتي تعني إن النظام سيخرج منها منتوف الريش وليس کما حدث بعد التوقيع على إتفاق 2015، والخيار الثالث هو إلتزام موقف اللاحرب واللاسلم، أي جعل الشعب ضحية وطعما للأوضاع وهو أيضا في غير صالح النظام لأن الشعب وبإعتراف قادة النظام يغلي غضبا وقد يثور بوجههم في أية لحظة مع الاخذ بنظر الاعتبار وجود بديل سياسي معتد ومعترف به دوليا من جانب الاوساط السياسية الدولية ونقصد به المجلس الوطني للمقاومة الايرانية والذي أثبت قدرته ودوره وحضوره داخليا وخارجيا، ومن هنا فإن الاختلافات الحادة في المواقف ناجمة أساسا عن کون نتائجها في المحصلة النهائية لاتختلف عن بعضها کثيرا.
الصمت الغريب من نوعه والذي إلتزمه المرشد الاعلى خلال الفترة الاخيرة، يمکن تفسيره على أساس إدراکه أن المرحلة بالغة الخطورة والحساسية وإن إتخاذ أي قرار غير مفيد أو غير مناسب من شأنه أن يقود بالاوضاع في البلاد الى منعطف ليس بإمکان النظام إرجاعه الى ماقبل ذلك، خصوصا وإن الحديث صار يزداد أکثر من أي وقت آخر بشأن إن المقاومة الايرانية تنتظر بفارغ الصبر لحظة الانقضاض على النظام وحسم الامور کلها.
المشهد الايراني صار أوضح مايکون من أي وقت مضى والنظام کذلك يبدو أضعف مايکون من أي وقت آخر، في حين إن المقاومة الايرانية تبدو في أفضل وأحسن وأقوى حالاتها، ولذلك فإن النظام يتخوف کما ليس في أي وقت مضى، وإن الاختلاف الکبير الحاصل بين قادة النظام إنما سببه لکونهم يعلمون جيدا إنهم يلعبون في الوقت بدل الضائع والذي ليس في صالحهم أبدا.