19 ديسمبر، 2024 8:11 م

تصفية مصرف الوركاء الأهلي المعسر منذ سنة 2010

تصفية مصرف الوركاء الأهلي المعسر منذ سنة 2010

نشرت العديد من الوكالات الإعلامية خبرا مفاده ، إن البنك المركزي العراقي وافق في 6 / 9 / 2015 ، على إعادة تأهيل مصرف الوركاء الأهلي ضمن خطة أعدت من قبله بهذا الخصوص ، وقال مصدر في البنك المركزي إن ( مجلس إدارة البنك المركزي قررت الموافقة على إعادة تأهيل مصرف الوركاء الأهلي ضمن خطة معدّة من قبله لهذا الغرض ) ، وكان البنك المركزي العراقي ، قرر في 6 شباط 2015 رفع الوصاية التي فرضها على مصرف الوركاء منذ عام 2012 لتعثر عمله منذ عام 2010 ، كما ان البنك المركزي العراقي أعلن في (5 آذار 2012) الوصاية على مصرف الوركاء أحد أكبر المصارف الأهلية العراقية ، عقب فشل المحادثات مع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني التي بدأت في نيسان 2011 لشراء حصة فيه بعد تعرضه لأزمة مالية استدعت وضعه تحت الوصاية بسبب تأشير بعض الإشكاليات المالية في تعاملاته ، وأكد البنك المركزي آنذاك بان فرض وصايته على مصرف الوركاء العراقي للاستثمار والتمويل جاء استنادا إلى نص المادة 59 من قانونه التي تجيز له وضع الوصاية على المصارف وتتضمن تعيين إدارة مؤقتة لأي مصرف تحصل فيه مشاكل مالية ، فيما تشير المادة 66 من القانون إلى أن الوصي بعد أن يعينه البنك المركزي يمكنه أن يلتمس من خلال البنك المركزي بطلب قرار من وزير المالية لإنقاذ المصرف في حال وجد أن هناك إمكانية لإنقاذه .

وكل ما يتم تداوله بخصوص مصرف الوركاء منذ 2010 ولحد اليوم مجرد وعود وأوهام لم تنتج شيئا لصالح المودعين ، فأموال العراقيين محجوزة خلال هذه السنوات وقد تآكل جزءا مهما منها بسبب التضخم وإدارة المصرف لم تعمل شيئا لهم بل إنها لا تعطي آذانا تصغي للتساؤلات المشروعة للمودعين ، فرغم وجود بناية تشغلها إدارة الوركاء في بغداد بساحة ألخلاني بمنطقة ألسنك وهي مستاجرة من إحدى شركات التامين العراقية والعقد يتجدد كل فترة بانتظام ، وتواجد عدد من الموظفين يزاولون أعمالهم بانتظام ويستلمون رواتبهم حتى وان تأخرت شهريا لأيام ، إلا انه لا جواب لما يتم طرحه من قبل العملاء فكلمة ( انتظر ) باتت تتكرر بشكل ممل منذ ستة سنوات ، وعند عرض حالات إنسانية تتطلب السحب تجد الجواب جاهزا وهو خضوع المصرف لوصاية البنك المركزي العراقي الذي بيديه الحل والربط ، ولا نعلم هل إن البنك المركزي العراقي هو نعمة أم نقمة على المودعين ففي بياناته يقول انه الضامن لحقوق المودعين في المصارف الأهلية ، وفي أفعاله لم يجد الجمهور سوى البطء في إجراءاته التي لم تثمر عن شيء سوى الوعود طويلة الأمد ، وبغض النظر عن النصوص التي وضعها الملعون (بول بريمر) عند صياغة قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004 ، فان الأولوية يجب أن تعطي للإيفاء بسحوبات المودعين حتى وان اضطر الموضوع للتصفية بطريقة قسمة الغرماء بشكل لا يجعل الموضوع يطول لسنوات .

وانه لمن دواعي الحزن فعلا أن تحجز أموال المودعين العراقيين في المصارف الأهلية العراقية تحت عنوان إنها معسرة ، وهذه الأموال هي أموال مشروعة وقانونية وليس هناك شكوك في صحة مصادرها ، في وقت يتم تداول أموال السحت والغسيل بشكل اعتيادي ، والمشكلة في الموضوع إن أصحاب الأموال من المودعين تعرضوا إلى مختلف المواقف المحرجة فبعضهم أقيمت دعاوى ضدهم بسبب عدم قدرتهم بالوفاء بالتزاماتهم والقضاة لم يعيروا اهتمامات لكون عدم الإيفاء سببه تلكؤ المصرف الأهلي ، في حين عندما تتم مراجعة القضاء بخصوص إقامة دعاوى على المصارف الأهلية لعدم إيفائها يقولون لك إن المصرف معسر وتحت الوصاية فما فائدة إقامة الدعوى وتحمل العناء ، ورغم إن قضية مصرف الوركاء وغيره من المصارف الأهلية في العراق معروفة للأغلبية من الجمهور ، إلا إنها لم تتحول إلى فضيحة على غرار مصرف البتراء الذي استخدم كورقة للتدليل على حجم الفساد في الأردن وكأن العراق يخلو من الفساد ، والسبب هو إن البنك المركزي العراقي يظهر بين فترة وأخرى فيطمأن الجمهور بان المشكلة في طريقها للحل رغم إننا لم نشهد أية حلول ، فتصريح إعادة التأهيل قبل شهرين لم ترافقه أية إجراءات والحال باق كما هو عليه منذ عام 2010 ولحد اليوم ، وقبل أن ينفذ صبر المتضررين ، لا بد من اتخاذ إجراءات حازمة لمعالجة الموضوع وإذا كانت رابطة المصارف الأهلية تتشفع لتلك المصارف فعليها أن تساهم في إيجاد الحلول بدلا من إطالة أمد الوعود كالتخدير .

إن معالجة التلكؤ الإداري والمالي الذي تعاني منه المصارف الأهلية من الواجبات الملقاة على عاتق السلطات المالية المعنية ، ففي ظل الأزمة المالية التي يمر بها بلدنا بسبب انخفاض أسعار النفط عالميا والذي يؤدي إلى انخفاض ايرادات الموازنة الاتحادية ، يتوجب أن تكون تلك المصارف عونا للدولة وليس عبئا عليها بحيث تتسبب بفقدان الثروات المحلية من خلال إضاعة أموال المودعين ، ولغاية هذا اليوم لم يتم اطلاع الجمهور بالأسباب الحقيقية لوقوع بعض المصارف الأهلية بمشكلات السيولة النقدية ، فاغلب تلك المصارف تدخل المزاد اليومي للبنك المركزي العراقي وتقوم بشراء الدولارات التي تجني منها الملايين بدرجة مخاطرة ربحية مقدارها صفر ، وانعدام المخاطرة يعود إلى إن أسعار بيع الدولار في كل مكان أكثر من سعر البيع في مزاد المركزي العراقي ، كما إن الطلب عاليا على الدولار بشكل يجعل كل ما يشترى يباع بسعر مربح في الحال ، والبعض يتحدث عن خلافات إدارية من داخل المصرف أو مع خصوم من خارجه كما يتحدث البعض عن أسباب أخرى لا تهم المودعين ، لان المهم بالنسبة لهم هو إعادة أموالهم سيما وان اغلبهم ليسوا من طبقة التجار أو من الذين يجيدون ولوج الوسائل غير المشروعة لإعادة أموالهم بعمولات ، ولا بد هنا أن نتساءل بصوت عالي هل إن حزم الاصلاحات التي أعلنها السيد العبادي مقتصرة على الأجهزة الحكومية أم إنها تمتد لكل قطاعات الاقتصاد ، فالمصارف الأهلية المتلكئة يتطلب شمولها بالإصلاحات بجعلها تلتزم بالقانون ، ومساءلة الجهات الحكومية المشرفة عنها عن أسباب قصور أدائها واتخاذ الإجراءات الرادعة باعتبارها فسادا يتطلب التصفية والتصفير .

أحدث المقالات

أحدث المقالات