19 أبريل، 2024 1:47 ص
Search
Close this search box.

تصريف الأمور اليومية … ماذا … وإلى أين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

ثلاثة عشر سنة ، والسلطتان التشريعية والتنفيذية تعملان على وفق القاعدة الدستورية ( تصريف الأمور اليومية ) ، وإن لم تسحب الثقة من مجلس الوزراء أو يحل مجلس النواب ، وحيث لا إجتهاد في مورد النص ، فلا يجوز إطلاق تعبير ( حكومة تصريف أعمال ) أو إقتراح ما يسميه منظري الفيسبوك ( حكومة طوارئ ) أو ( حكومة إنقاذ وطني ) … إلخ مما لم ينص عليه الدستور ، كما لا يوجد هنالك فراغ تشريعي أو فراغ دستوري ، لأن هنالك توقيتات تتوقف فيها تطبيقات وتنفيذ المهام والواجبات التشريعية والتنفيذية تلقائيا وحسب الأسباب الموجبة لذلك ، وقد فصلنا القول فيها سابقا ومنها على سبيل المثال ، إجراء الإنتخابات العامة لمجلس النواب في آذار من سنة 2010 ، والمصادقة على نتائجها في 1/6/2010 ، دون حدوث أي فراغ دستوري أو تشريعي أو رقابي لغاية تشكيل الحكومة الجديدة حينها بتأريخ 22/12/2010 ، ومثلما تتوقف مهمة وواجب التشريع والرقابة لمدة سنة وأربعة أشهر خلال مدة الدورة الإنتخابية ، بسبب تمتع أعضاء مجلس النواب بالعطل البرلمانية ، وذلك ما ندحض به إدعاءات النواب الخاسرين والمنتهية ولايتهم في30/6/2018 ، وكذلك هو ردنا على المطبلين والمزمرين من غير معرفة أو علم ، أما قولنا المتقدم بشأن ( تصريف الأمور اليومية ) ، فقلما وجدنا تشريعا ناضجا وذو نفع عام ، وبين أيدي الخاسرين التعديل الرابع لقانون الإنتخابات ، ولربما كان هنالك تعديلا خامسا أو سادسا … إلخ ، لولا لطف الله بنا فيما جرت به المقادر ، ولم نلمس من أي من المجلسين قرارا أو إجراء يقضي بمساءلة الفاشلين أو محاسبة الفاسدين ، على الرغم من تصدر العراق بعد إحتلاله سنة 2003 ، لقائمة الدول الفاشلة والفاسدة عالميا في جميع المجالات والميادين ، الأمنية والخدمية والعلاقات الدولية سياسيا ، بدليل بعض البراهين الآتية :-

أولا- نصت المادة (66) من الدستور، على أن ( تتكون السلطة التنفيذية الإتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ، وتمارس صلاحياتها وفقا للدستور والقانون ) ، وعلى هذا الأساس ، فإن السلطة التنفيذية المعبر عنها عرفا ب ( الحكومة ) ، هي الهيئة المؤلفة من أفراد يقومون بتدبير شؤون الدولة ، كرئيس الجمهورية ، ورئيس الوزراء ، والوزراء ، ومرؤوسيهم ، كما تتعدد تسمية الحكومة تبعا لوصف مركزها القانوني مثل ( حكومة جمهورية أو ملكية أو إستبدادية أو مؤقتة أو إنتقالية … إلخ ) ، وذلك ما يستوعبه ويحتويه النص الدستوري المذكور آنفا من الناحية النظرية ، لأن مشاركة رئيس الجمهورية في تكوين السلطة التنفيذية الإتحادية ، لا يساعد على ما يتناسب والوصف المنسجم مع مضمون المواد الدستورية التالية للمادة المذكورة ، لرمزية مكانة رئيس الجمهورية ودوره الثانوي في إدارة شؤون الدولة ذات النظام النيابي غير الرئاسي ، ومحدودية دوره التنفيذي في ممارسة صلاحياته المنصوص عليها في المادة (73) من الدستور ، وعجزه عن حماية الدستور ، وعدم تمكنه من الوقوف بوجه إستبداد سلطات رئيس مجلس الوزراء وامتداد صلاحياته ، وعدم حيادية بعض قرارات المحكمة الإتحادية العليا المختصة في الفصل في المنازعات والإتهامات ومنها ( الفصل في الإتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء ) ، حسب نص البند (سادسا) من المادة (93) من الدستور ، الذي يؤكد بأن المشرع السياسي قد إحتاط من إحتمال إستخدام أطراف العملية السياسية للإتهامات المتبادلة والمعدة أو الجاهزة سلفا ، من أجل إسقاط الخصوم السياسيين في شراك وفخاخ بعضهم البعض الآخر بأي شكل كان ، بسبب إنعدام الثقة المتبادلة بين أركان السلطات كافة ، وكأن الإتهام من الوسائل المشروعة التي تلقى كل هذا الإهتمام الدستوري وتشجع عليه ، بدلا من التشديد على تحريمه وعدم السماح بحصوله إلا بدليل ثابت وحقيقي موثق لا لبس فيه أو غموض في البيان والوضوح .

ثانيا- نصت المادة (61/ثامنا/د) من الدستور ، على أنه ( في حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله ، يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الأمور اليومية لمدة لا تزيد على ثلاثين يوما ، إلى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقا لأحكام المادة (76) من هذا الدستور ) . كما نصت المادة (64/ثانيا) من الدستور ، على أن ( يدعو رئيس الجمهورية ، عند حل مجلس النواب ، إلى إنتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها ستون يوما من تأريخ الحل ، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلا ، ويواصل تصريف الأمور يوميا ) . وما عبارة ( تصريف الأمور اليومية ) إلا عقوبة معنوية لحكومة فاشلة تم إنهاء دورها بسحب الثقة منها ولمجلس نواب تم حله ، وفي كلتا الحالتين لا يمكن للحكومة الإستمرار بممارسة مهامها وأداء واجباتها بشكل كامل وتام ، لتوقف دعم مجلس النواب بالموافقة على نفاذ بعض قراراتها أو ممارسة بعض صلاحياتها المنصوص عليها في المادة (80) من الدستور .

أما موضوع تشكيل مجلس النواب والحكومة الجديدة بعد إنتخابات العام 2018 ، فيختلف تماما من حيث الشكل والمضمون ، حيث تستمر الحكومة في ممارسة مهامها وواجباتها إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة ، على وفق أحكام المادة (76) من الدستور ، بالقدر الذي يتناسب وقيد عدم إستحصال موافقة مجلس النواب المنتهية مدة دورته الإنتخابية ، ولغرض التمهيد لمجلس النواب والحكومة الجديدة في ممارسة مهامهم وإختصاصاتهم وصلاحياتهم المحددة دستوريا . مثلما هو حال إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية بإنتهاء دورة مجلس النواب وفقا لأحكام المادة (72/ ثانيا/أ) من الدستور ، إلا إنه يستمر ( بممارسة مهماته إلى ما بعد إنتخابات مجلس النواب الجديد وإجتماعه ، على أن يتم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تأريخ أول إنعقاد للمجلس ) ، إستنادا لأحكام المادة (72/ثانيا/ب) من الدستور أيضا ، وليس بطريقة الهروب سفرا إلى خارج العراق ، كما فعل بعض الخاسرون في الإنتخابات أو الفائزون بالتزوير ، لعلهم ينقذون أنفسهم وأهليهم ومن شاركهم في سرقة وسلب ونهب وإختلاس أموال العراقيين ، من المساءلة والعقاب الذي يستحقون ؟!، على أيدي أعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء الجديدين ، بإحالتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل ، بعد إنتهاء تمتعهم بالحصانة البرلمانية الممنوحة لهم بموجب المادة (63/ثانيا) من الدستور ، إن كان الأعضاء الجدد صادقين في الوعد والعهد الذي قطعوه وأعلنوه ، ولا أرى في الحديث خارج ما أوضحناه ، إلا الجهل فيما نص عليه الدستور أو القانون ، أو الرغبة في مجرد الكلام السياسي غير المهني ، المتميز وصفا وسمة بالكذب وخلط الأوراق والتلاعب بالألفاظ ، الذي لا يزيد الحال إلا فوضوية وإرتباكا ؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب