23 نوفمبر، 2024 5:16 ص
Search
Close this search box.

تصريح خاطئ لدولة رئيس الوزراء، الى متى؟

تصريح خاطئ لدولة رئيس الوزراء، الى متى؟

الاستذ اياد  الزاملي مع التقدير
الدكتور

شاكر العينه جي

 

 

تصريح خاطئ لدولة رئيس الوزراء، الى متى؟
الدكتور شاكر محمود العينه جي*
سمعنا مؤخرا تصريحا غريبا لدولة رئيس الوزراء يتحدث فيه عن زيادة اعمار العراقيين بمقدار احد عشر عاما خلال فترة الخمس سنوات الاخيرة حيث ذكر ان بنهاية الخطة الخمسية الحالية (خطة وزارة الصحة الخمسية تنتهي عام 2013) إن معدل عمر العراقي قد زاد من 58 عاما الى 69 عاما اي زاد احد عشر عاما خلال خمسة سنوات فقط!
و لتحليل هذا الخبر علميا” لنعرّف اولا مصطلح معدل العمر الذي يعبر عنه علميا بعبارة العمر المتوقع عند الولادة كمؤشر صحي متفق عليه عالميا حيث يعرّف بانه عدد السنوات التي من المتوقع ان يعيشها الطفل الوليد اذا ظلت انماط الوفيات السائدة عند ولادته على ما هي عليه لحين وفاته ثم نأخذكم لنرى تطور هذا المؤشر كأحد مؤشرات العراق الصحية و مصدرنا المعتمد لهذه المعلومات هو ما تنشره مؤسسات عالمية متخصصة توفر ادق الاحصاءات عن كل دول العالم و منها العراق و قد اخترنا منها منظمة الصحة العالمية و البنك الدولي .
يشير البنك الدولي في تقرير تفصيلي ملخصا فيه بيانات منظمة الصحة العالمية و مؤسسات احصائية عالمية مرموقة عديدة الى ان معدل عمر العراقي كان 58 عاما في سنة 1971 و استمر بالارتفاع  بعد هذا التاريخ متجاوزا الستين بقليل و لكنه عاد لينخفض بين عامي 1980 – 1984 الى ما دون 58 سنة و السبب المتوقع هو كثرة الوفيات بين الذكور خلال الحرب العراقية الايرانية و عوامل اخرى مثل قلة المبالغ المخصصة للقطاع الصحي في الميزانية بسبب تحويل موارد الدولة لادامة الالة العسكرية اثناء الحرب مما اثر على تنفيذ المشاريع الصحية في العراق و لكن معدل العمر عاد ليرتفع بعدها بشكل مستمر ليصل الى اعلى حد وصله معدل عمر العراقي تاريخيا في الفترة بين عامي 1995 – 1998   حيث تجاوز ال 71 عاما و من الواضح ان هذا المعدل كان اثناء فترة الحصار التجاري و العقوبات الاقتصادية  التي فرضتها الامم المتحدة على العراق بعد غزو الكويت عام 1990 و بالرغم من الوفيات الكثيرة للاطفال في تلك الفترة و نقص السعرات الحرارية و الادوية التي كانت  تصل الى المواطن بسبب الحصار الا ان ادارة القطاع الصحي الرشيدة بادارة الوزير البارع اوميد مدحت مبارك و طاقم وزارة الصحة  من الوكلاء و المدراء العامين و بالتنسيق مع وزارة التجارة و طاقمها منعت انهيار النظام الصحي و انتشار الاوبئة رغم ان الميزانية انخفضت الى اقل من 1% من موارد البلد التي كانت شبه معدومة اثناء الحصار بعد ان كانت تقارب ال 5% من موارده الكبيرة قبل الحصار و للتاكيد على اهمية الدور الذي لعبته الادارة الصحية في حينه رغم محدودية الموارد فان ما كان مخصصا للقطاع الصحي من الموازنة العامة للدولة في عام 2002 لم يتجاوز 18 مليون دولار فقط تضاف لها موارد التمويل الذاتي للمؤسسات الصحية و الاموال المتأتية عن طريق برنامج النفط مقابل الغذاء و الدواء التي لم تدخل حيز التنفيذ الا بداية عام 2007 .
أستمر معدل عمر العراقي فوق السبعين عاما لغاية عام 2003 أي لغاية الاحتلال الامريكي للعراق، و بالرغم من زيادة الميزانية المخصصة للصحة بشكل كبير بعد ذلك التاريخ بدأت معدلات العمر بالانخفاض الى ما دون السبعين عاما لتصل الى اقل معدل لها عامي  2007 و 2008 حيث كانت دون ال68 عاما ببضعة اشهر بسبب انعدام القدرة الفنية للادارة الصحية ممثلة بوزارة الصحة  واكمال طرد معظم المؤهلين لادارتها و استبدالهم بعناصر موالية سياسيا و ضعيفة فنيا و اداريا و كذلك كون آلة الموت كانت تحصد ارواح العراقيين بلا هوادة اثناء فترة الحرب الطائفية العراقية التي بدأت نهاية عام 2006 .
بعد انخفاض معدلات العنف عام 2008 عاد معدل العمر للارتفاع قليلا ليبلغ الان 69 عاما اي ان الزيادة الحاصلة في فترة الخمس سنوات التي يتحدث عنها دولة رئيس الوزراء هي سنة واحدة و بضعة اشهر و ليس احد عشر عاما كما تحدث في التلفزيون. علما ان ميزانية وزارة الصحة لعام 2013 تقترب من خمسة مليارات دولار (نعم مليارات وليس ملايين اي انها تزيد عن ميزانية د. اوميد مدحت بمقدار 277 ضعفا تقريبا، و يبلغ مجموع الاموال الحكومية المخصصة للقطاع الصحي العراقي خلال الخطة الخمسية التي ذكرها دولة رئيس الوزراء و التي تنتهي عام 2013 ما يقارب عشرون مليار دولار. وما زالت معدلات اعمارنا اقل بسنتين مما كانت عليه اثناء الحصار!!!
الخلاصة ، ان المؤلم في هذا التصريح عدة اشياء، الاول ان يخرج علينا اعلى مسؤول بالدولة بتصريح خاطئ بشكل فاحش، و الثاني ان هذا التقرير منطقيا معد أصلا من قبل وزارة الصحة و هذا دليل على فشل اهم وزارة مسؤولة عن امن المواطنين الصحي في معرفة ابسط المعلومات عن الواقع الصحي للعراق اما الثالث فمن المفترض أن يجلس في دائرة مستشاري رئيس الوزراء من يقرأ هذه التقارير و يقيّم مدى صحتها قبل ان تصل الى يد دولته ليعلنها على المواطنين عن طريق الاعلام و لكن يبدو ان لا احد هناك و ان وجد فهو لا يعلم ما يجري في البلد وأوقع دولة الرئيس بمطب لا يحسد عليه و سيضاف تصريحه هذا الى التصريحات العديدة البعيدة عن الواقع التي صرح بها السيد رئيس الوزراء خلال فترة حكمه العتيد. 
ان ادارة اي قطاع في الدولة لا يمكن ان تنجح على يد هواة لا يمتلكون خبرة عملية و علمية كافية . ان المؤهلات السياسية قد تكون مطلوبة عند تعيين الوزير اما  دون ذلك فان ممارسة المحاصصة و منح الادارة في واقع معقد مثل الواقع العراقي الى مجموعة من مبتدئي الادارة و السياسة تمثل استهانة بارواح الناس ما بعدها استهانة  و تحقير و تصغير لقيمة الانسان الذي خلقه الله باحسن تكوين.

الكاتب:
*الدكتور شاكر محمود العينه جي : مسشتار اقدم في الانظمة الصحية العالمية في مركز الكوارث و المساعدات الانسانية الطبية و استاذ مساعد في مادة طب الطوارئ كلية اف ادوارد هيبرت الطبية ولاية ميريلاند/ الولايات المتحدة الامريكية
 
المصادر:
http://www.google.com/publicdata/explore?ds=d5bncppjof8f9_&ctype=b&strail=false&nselm=
s&met_x=sp_dyn_le00_in&scale_x=lin&ind_x=false&met_y=sp_
dyn_tfrt_in&scale_y=lin&ind_y=false&met_s=sp_
pop_totl&scale_s=lin&ind_s=false&dimp_c=country:region&ifdim=country&iconSize=0.5&uniSize=0.035#!ctype=l&strail=false&bcs=d&nselm=h&met_y=sp_dyn_le00_
in&scale_y=lin&ind_y=false&rdim=region&idim=
country:IRQ&ifdim=region&hl=en_US&dl=en_US&ind=false

http://data.albankaldawli.org/indicator/SP.DYN.LE00.IN/countries/IQ-XQ?display=graph

أحدث المقالات

أحدث المقالات