ما نقوله وما نصرح ونعد به يشكل واحدا من ملامح شخصيتنا لدى الآخرين ،وله عواقبه . فان كانت أقوالنا وتصريحاتنا ووعودنا متزنة وصادقة كسبت ثقتهم ومحبتهم . وان كانت فجة ومضطربة وكاذبة تزعزعت ثقتهم بنا وقل احترامهم لنا .وكلما كبر المسؤول كبرت مسؤولية التصريح أهمية وقدرا ، ابتداء من رب الأسرة وما يصرح ويعد به أفراد أسرته وكذلك الأعلى منه مرتبة فالأعلى مثل مسؤولنا في الدائرة أو في العمل فرئيس الدائرة ..الخ .فكيف الحال إذا كان التصريح يبدر من مسؤول على مستوى الحكومة والدولة .!! عندها يكون للتصريح معنى مختلفا وأثرا يمتاز بكبر حجمه ووسع تأثيره وعظيم وقعه وردة فعله لدى المجتمع عموما . لذا يحرص المسؤول في كل حكومات العالم حتى المتخلفة منها على أن تأتي تصريحاته صادقة ، منسجمة مع أفعاله متناغمة مع ضمير شعبه ،متناسقة مع نبض الواقع.أما مسؤولينا – فللأسف – تصريحاتهم لا تشبه أحدا سوى أنفسهم ولا تعرب إلا عن ضحالة ثقافتهم وسوء نواياهم ـ وبؤس أفعالهم التي ليس لها علاقة بمصالح المواطن لذا تأتي غير مسؤولة ،متناقضة لا تعرف لها قرار ولا هدف..أما أفعالهم فأعجب منها وأكثر إثارة للقرف والاشمئزاز.وكان الله في عوننا نحن العراقيين ونحن ننتظر منهم حلولا لمشاكلنا في الوقت الذي تتنازعهم مواقف وتوجهات متضاربة مع بعضها البعض، متنافرة في توجهاتها إلا الفساد فانه الوحيد الذي اتفقوا عليه بالإجماع . فالكل يصرح ويصرح ويريد أن يوحي لنا بأنه فريد عصره وأوانه ، وفذ في السياسة التي تعلمها من صياعته في بلاد بره أو استوحاها من كتبه العفنة فتراهم جميعا في سباق محموم إلى التصريح مبهورين بالوقوف أمام كاميرات الفضائيات وبصورهم في وسائل الإعلام . والأمثلة على مهازل هذه التصريحات كثيرة بعدد تصريحاتهم . وكل يوم تصريح لمسؤول يثير ، عاصفة من السخرية والاستهجان متناسين إن ذاكرة العراقي لا تنسى وذكاءه لا يخطئ في الحسابات . فبالأمس القريب ، كانت قضية ميناء مبارك التي وجد فيها جانبا منهم” عزاء ” ليشبعوا به لطما ونحيبا وهددت أحزاب ، وأنذرت أحزاب ، بالعواقب الوخيمة لاستمرار بناء ميناء مبارك ،حتى ظننا إنها الحرب ،والعياذ بالله . ووجهت الاتهامات لمسؤولين ” متواطئين” في تصريحاتهم واتَهموهم بالرشوة والخيانة ، موحين إنهم حريصين كل الحرص على مصالح الشعب بينما أشبعها الجانب الآخر منهم تفنيدا وتسفيها ووقف آخرون موقف المتفرج كما لو إن الأمر لا يعنيه . وماذا خرجنا من هذه التصريحات .!!؟ لا شئ فقد انطفأت عاصفة هذا الهراء ،كأن شيئا لم يكن .وجاءت بعدها عاصفة إقالة رئيس الوزراء وتحمس البعض لها ووقع من وقع تأييدا لإقالته ثم انتقلت المطالبة إلى استجوابه في مجلس النواب ثم تحولت إلى استضافته في المجلس بعدها أصبحت القضية كلها في طي النسيان .وتبعها الجدل والتصريحات النارية حول قانون العفو العام “واحد يرفع وواحد يكبس حتى زلزلوا الأرض من تحتنا بفوضاهم وصدعوا رؤوسنا ، فالكل فرسان الكلام وأصحاب الأفكار العبقرية . وانتقلوا بمناقشة قرار أمر الإقالة إلى موضوع البنى التحتية فوجد به بعضهم تفريطا بمستقبل الأجبال القادمة والبعض تلمس الفساد والآخر وافق عليه بشروط وجاء آخر ليقرنه بقرار العفو العام والنتيجة “عند خديجة “كما يقول المستظرفون . ولا يقتصر الأمر على بؤس تصريحاتهم بل هناك قرارات تتخذها الحكومة ويفترض بها أنها أثخنت درسا وتمحيصا ولكنها لا تلبث أن تتراجع عنها بل وتستنكر من يعمل بها .وابسط مثل ، قرار الحكومة بالسماح لكل مواطن بحيازة قطعت سلاح ..!! في الوقت الذي لم نصدق انحسار مد الطائفية وانطفاء نار القتل والتناحر بين فئات الشعب . وتولى المتفيقهون هذا القرار العجيب الغريب بحيازة السلاح ،فالبعض هب، للاستنكار والشجب والبعض تمرد عن تطبيقه والبعض صرح بالوقوف ضده بحزم .احد المواطنين المساكين القي القبض عليه بعدما فتشوا بيته ووجد لديه مسدسا ،هذا المواطن داخ وهو يرى الشرطة تقتحم بيته وتقيده وتجره كالخروف بتهمة الإرهاب ويبدو انه لم يسمع بتراجع الحكومة عن قرارها أو انه لم يعد يسمع أصلا ، تصريحات ساستنا الفنتازية ،التي كقبضة ريح لا تقدم خطوة واحدة ولا تساهم في انتشالنا من الواقع المأساوي المتمثل بغياب الخدمات والبناء،والفقر والبطالة وووو وحضور كل مصائب الدنيا التي نعيشها. تصريحات أدخلت الشعب العراقي بدوامة ، وخلعت عليه الشعور باليأس والإحباط .ولو أن الحكومة حصرت الأمر بشخص يمثلها ، وتردع شعيط ومعيط عن التصريحات البهلوانية. شخص واحد لا غير ينقل للرأي العام تصريحاتها بعد دراستها دراسة دقيقة ، يكون هدفها تحقيق أماني الشعب وتطلعاته للتغيير المرجو، لكسبت ثقة الجميع لوجدت العراق بكل أطيافه وأرضه وسمائه ومياهه معها إلى جانبها ومن خلفها يشد أزرها ويثبت خطواتها نحو البناء والخير العميم .