18 ديسمبر، 2024 6:06 م

الأسئلة بشأن تطورات “غامضة” تجري على الحدود الأردنية مع سورية تتردد على ألسنة كثيرين هنا وفي الخارج. دبلوماسيون أجانب في عمان لا يخفون فضولهم لمعرفة التفاصيل، ووسائل إعلام تشتغل على جمع المعلومات من مختلف المصادر.
لم يقتصر الأمر على هذا المستوى، فبالأمس تناول الرئيس السوري بشار الأسد الموضوع في مقابلة مع وكالة”سبوتنك” الروسية للانباء. قال إن لديه معلومات من مصادر قبلية على الحدود بين البلدين تفيد بوجود استعدادات لتدخل عسكري أردني في سورية.
كان من الأفضل لو أن الأسد تأنى قليلا قبل أن يطلق هذه التصريحات، واستفسر من الجانب الروسي لعرف على وجه الدقة ما الذي يحدث على حدوده مع الأردن.
لكنه عوضا عن ذلك استرسل في كلامه، حتى بلغ حد إنكار وجود الأردن كدولة عندما قال وبالحرف الواحد: “إننا لا نناقش الأردن كدولة، إنها مجرد أرض”. وأضاف أن الولايات المتحدة هى التي تحدد الخطط واللاعبين، وكل ما يرديه الأميركيون سيحدث.
يصعب على المرء تقبل هذه التصريحات من رئيس دولة تتواجد على أراضيها جيوش من عشر دول أجنبية على الأقل، وتقيم جماعات إرهابية خلافاتها في إحدى مدنها، وينشط أكثر من 80 جهاز مخابرات داخل أراضيه. وتتحكم عاصمة كبرى بكل صغيرة وكبيرة داخل بلده، وتنشط عشرات المليشيات العسكرية على أراضيه كيفما تريد. في المقابل الدولة التي يدّعي بأنها مجرد أرض تستضيف أكثر من مليون سوري على حساب مواردها الشحيحة وهى تستحق الشكر لا التشكيك على ذلك.
يعرف الرئيس الحقيقة لكنه لايريد أن يعترف بها. ماكان الوضع في سورية ليكون على ماهو عليه اليوم، لو أن الأردن استجاب للضغوط وقبل فتح حدوده لدول كانت تخطط لغزو دمشق من الجبهة الجنوبية.
لو كان الأردن مجرد أرض كما قال “صاحب السيادة” لكانت مدنه اليوم في قبضة الإرهابيين وحدوده مع سورية مشاعا للإرهابيين كما هو حال حدود دول اخرى مجاورة، ومسرحا لفوضى لن ينجو منها أحد في الشرق الأوسط.
ولاشك أنه يعلم علم اليقين بان واشنطن لو أرادت تحطيم سلطته في دمشق لفعلت ذلك من بوارجها البحرية في”المتوسط”، لكن في حساباتها الموقف الروسي والقلق من اليوم التالي بعد سقوط النظام.
الأردن يحشد على حدوده؟ نعم هذا صحيح؛ ليس من اليوم، بل منذ سنوات وقواته على الحد السوري في حالة تأهب لمواجهة مخاطر الجماعات الإرهابية وتجار المخدرات والسلاح القادمين من سورية.
الأردن ينسق مع الولايات المتحدة؟ نعم هذا صحيح، فهو جزء من التحالف الدولي، وفي إطار هذا التحالف يستضيف على أراضيه قوات أميركية، ويتلقى الدعم العسكري من واشنطن. أو ليس ذلك ما تفعله القوات الروسية في سورية، ومعها المليشيات الإيرانية ومقاتلو حزب الله؟!
الأردن يخطط لعمليات عسكرية؟ ليس سرا على ما أعتقد أن التحالف الدولي يدعم أطرافا داخل سورية لتحرير مدينة الرقة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي.
الأردن ينسق جهوده مع مجموعات مسلحة على الطرف الآخر من الحدود؟ نعم صحيح، ويعتمد عليهم لضرب الجماعات الإرهابية وإبعادها عن حدوده، وإذا اقتضى الأمر تنفذ قواته بنفسها عمليات خاطفة داخل الأراض السورية لضرب هذه الجماعات.
الأردن يدافع عن مصالحه العليا وأمنه تماما مثل جيوش دول أخرى كثيرة تتواجد داخل سورية دفاعا عن مصالح دولها وليس من أجل عيون الأسد.
الأردن دولة سيادة الرئيس، وليس في نيته التعدي على سيادة الدول المجاورة.
نقلا عن الغد الاردنية