18 ديسمبر، 2024 11:28 م

قبل عشر سنوات كتبت موضوعا يتعلق بتاريخ قطع الرؤوس في الإسلام , ذكرت فيه إن أول من ابتدع قطع رأس العدو السياسي هم بنو أمية وتحديدا إدارة معاوية , حين قطع رأس عمر بن الحمق الخزاعي في الموصل من قبل واليها واهدي إلى والي الكوفة ومنه إلى الشام , وجاءت ردة فعل معاوية انه كرم الفاعل بعطاء كبير ..هكذا انتعشت ممارسة قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث , واعتبرها بعض الكتاب إنها أصلا إسلاميا.

طالعت موضوعا لأحد الكتاب المحسوبين على المثقفين , وجدت الرجل يفسر القران بهواه الثقافي دون الرجوع إلى المختصين والثوابت القرآنية , سواء عند المسلمين أو النصارى , هذا الكاتب كغيره لا يعير أهمية للأسباب التي جاءت فيها الآية الكريمة , وظروف نزولها , لان الذي يحاول الإحاطة بآيات القران , لا بد أن يكون عارفا بنقطتين حتى يصيب الحقيقة , الأولى معرفة معنى الكلمة ” المصطلح ” والثانية أسباب نزول الآية والغاية منها وكيف أخذت حكما شرعيا , وألا لو فسرنا الآيات حسب رأي الكتاب والمثقفين والفنانين والأساتذة ’ حسب رأيهم ,ذاك يكتب بناء على ثقافته الفنية وهذا بالعلوم الأكاديمية .وهذا برأيه المذهبي والسياسي . ستتشتت الأفكار ونتخبط بدوامة جهل لا أول لها ولا آخر .. ومن ثم نلغي تماما دور الفقهاء والكتاب المفسرين من الخارطة العلمية .. أليك مثالا :.

حين قامت داعش بذبح الصحافي الأمريكي جيمس فولي وانتشرت أخبار ذبح الناس إعلاميا بالفضائيات , تصدى الكتاب والمحللون للدفاع عن الحريات , ومنظمات حقوق الإنسان ,برزت أقلامهم وبنات أفكارهم المختزنة بالأسلحة الهجومية ضد الإسلام , فحسبوا الصراع الداعشي والقتل متوافقا مع القران , رغم إن القائم به داعش وتنظيم القاعدة والنصرة وجيش الشام والنقشبندية وأمثالهم , هؤلاء الكتاب مع الأسف لهم مواسم خاصة , يتربصون الحوادث السياسية ليقولوا للناس , إننا موجودون , وأنا على يقين إن اغلبهم يعرفون خطأ تخرصاتهم , ولكنهم يباركونهم لأنهم لأنفسهم باعتبارهم جنود مجهولين ,هؤلاء بحاجة إلى توضيح لأخطاء سطروها مقالات وبحوث , هم بحاجة إلى تصحيح أكثر من غيرهم { في موضوع شرح القران على الأقل } أليك أمثلة لأحد الكتاب يضع الدين في قفص الاتهام ..

كتب مقالا بعنوان {الذبح المقدس} ذكر فيه قصة اختبار والابتلاء الذي مـر بإبراهيم في إحرازه لمراتب لا بد أن يمر بها الإنسان الجدير بالمناصب العليا .. ولكنه ذكر القصة حسب فهمه وتفسيره بعقلية اجتهادية قال عن إبراهيم {ع} رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل “قال يا بُنَيّ إنّي أرى في المَنام أنّي أذبَحُك فانْظُر ماذا ترى” لكن الكاتب لم يتطرق عن قوله ” إنّ هذا لَهُوَ البلاءُ المُبين ” لأنه لا يعرفها تفسيرا (لا يوجد نص إلزامي في الآية يوجب الذبح مطلقا) بل هو بلاء ظاهر بين(بلاء مبين) . فقال عنه السيد الكاتب هذا أمر الهي ومناسك ذبح وقطع رؤوس ..!! هذه القصة الإبراهيمية جاءت في التوراة “يا أبي أنا شاب وأخشى أن جسدي قد يرتعش خوفاً من السكين وسوف أحزن عليك، حيث قد يكون الذبح غير صالحٍ وبالتالي لا يتم احتسابه على أنه قربان حقيقي، لذلك اربطني ربطاً وثيقاً” (سفر التكوين 56:8)تُعد هذه القصة تأصيلاً لفكرة القربان والفدية المقدسة التي يتم إنقاذ الناس من خلالها. هي فكرة متوارثة وشائعة في الأديان التوحيدية وغيرها،النص الأخير كتبه الأخ الكاتب عبارة عن قطرات سم دسها على الأديان..

أقول : اشك ان الكاتب يعرف تماما ان سفر التكوين مكتوبا من قبل قساوسة وليس كتابا من السماء , ولا شك ان فيه دس كبير كما اعترف بذلك أكثر القساوسة ولا توجد رواية في تاريخ النصارى أو اليهود إنهم كانوا يذبحون أبناءهم كشعائر دينية أو سنة سماوية .. نعم هذه السنة موجودة فعلا في أقوام ملحدين في ألمانيا حين كانوا يذبحون أجمل فتاة لآله الشجر , في رأس السنة في عام 722م أوفد إليهم القديس بونيفاسيوس لكي يبشرهم، فحصل أن شاهدهم يقيمون حفلهم تحت إحدى أشجار البلوط، وقد ربطوا طفلًا وهموا بذبحه ضحية لإلههم (ثور) فخَّلص الطفل من أيديهم ووقف خطيبًا مبينًا لهم أن الإله الحي هو إله السلام والمحبة تلك الحادثة أدخلت شجرة الميلاد في تاريخ المسيح {ع} . زورا.

أما دفاع الكاتب عن الكبش .. لا ادري هل خلقه الله أن يذبح ويأكله الناس او لا بد ان تدافع عنه منظمات الرفق بالحيوان , ولا بد ان يدان الإسلام والنصرانية واليهود لأنهم يذبحون نعاجا وبقر ودجاج وغيرها ثم يقول :هذا إرهاب فكري .لاحظ ثقافة الملحدين حين يهاجمون الأديان { تُطبق بالمحاكاة}يقول الأخ الكاتب الكريم (في المسيحية يتناول المسيحيون قطعة الخبز والنبيذ لكي يتحولا في الجسد إلى لحم المسيح ودمه، أما لدى المسلمين، فنجد قربان الذبح في عيد الأضحى والحج، … ولدى الهندوس، يذبحون الجواميس في أحد طقوسهم المقدسة.)

” وكشف الكاتب عن مراده في الموضوع كله حين كتب .” في إطار مفهوم القدسية والتقرب من الله تندرج أيضاً أحكام الذبح البشري، التي يقوم بها تنظيم داعش اليوم، وفي هذه القدسية ما يفسر بعضاً من العناية الكبيرة في عملية الذبح سواء بجمع الناس حولها أو تصويرها والترويج لها” بهذا النص اعتبر الكاتب داعش وأعمالهم وذبحهم للمسلمين نصوصا شرعية يمارسها الداعشيون .. هل هي ثقافة أو استحمار ثقافي ..؟.

ويربط الكاتب بأسلوب ماكر وساذج كما اعتقد , بين الحرب والقتل وبين التشريع الديني , هذه من الأساليب التي يريد تسويقها ضد الإسلام في حربهم الناعمة هذه الفترة .. فيقول : رجع كثير من الأصوليين إلى الآية الكريمة “فإِذا لَقِيتُم الذين كَفَروا فَضَرْبَ الرِّقاب حتّى إذا أثْخَنتُموهُم فشُدّوا الوَثَاق فإمّا مَنًّا بعدُ وَإِمّا فِدَاءً حتّى تَضَع الحرب أوزارها” لتبرير حكم الذبح يتمسكون بهذا النص فيذبحون الناس .. لا اعرف ماذا يريد أن يقول الكاتب عن هذا النص لتعبوي ولماذا هذا التغابي وهو يعطي أحكام القتال ..؟ هل يرغب ان يرمي الجنود المسلمون الورود والجكليت على أعداءهم وقت اشتداد المعركة ..؟ .. ولماذا لا يكتب بعضا من نصوص تدرس في الكليات الحربية للدول التي يعرفها تقدمية وتعمل بشرف كما يتصورها مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وانكلترا .. كيف يدربون جنودهم في كليات الأركان .؟ وكيف يتصرف جنودهم مع المسلمين.؟ ..قطعوا آلاف الكيلو مترات لاحتلال بلدنا .. لكن يوافقني القراء والمستمعين إننا في العراق تعايشنا مع علب الحلوى والشوكلاته التي رمتها القاذفات الأمريكية الميج 16 في حرب الخليج او غيرها في القرن العشرين ولحد الآن , وأخيرها الضربات الخاطئة من طيران الأمريكي على قطعات الحشد الشعبي ..

وفاتني أن أقول ان المثقفين جميعا في العراق والوطن العربي الم يقدموا شهيدا واحدا للدفاع عن أوطانهم في ساحة الحرب يحمل بندقية للدفاع , وكم أتمنى أن أكون مخطئا وغير دقيق , بحقهم لأنهم تجار كلام وعذوبة لسان كما نعرفهم ,فهم مجاهدون بمشاركتهم الواضحة للعيان في الاحتفالات بعد تحقيق الانتصارات التي يقدمها المجاهدون والدم العزيز الشريف الذي سال على ارض الوطن دون ان يخلط بقطرة دم من مثقف نائم في سرير دافيْ شتاء مبرد صيفا .. والغريب المضحك المبكي إن وزاراتنا المحترمة جدا , تكرم المشاركين في الدفاع عن أوطانهم الذابين عن حياض الوطن لعدد من الكتاب والفنانين والمطربين .. باعتبارهم شاركوا بفنهم وثقافتهم بتحرير الأرض ..

يقول كتاب السيرة الغربيين: كان محمد عابداً متحنثاً و قائداً فذاً شيد أمة من الفتات المتناثر، وكان رجل حرب يضع الخطط ويقود الجيوش، وكان أباً عطوفاً، و صديقاً حميماً، وقريباً كريماً، و جاراً تشغله هموم جيرانه، وحاكماً تملأ نفسه مشاعر محكوميه، يمنحهم من مودته وعطفه ما يجعلهم يفتدونه بأنفسهم، ومع هذا كله فهو قائم على أعظم دعوة شهدتها الأرض، الدعوة التي حققت للإنسان وجوده الكامل، وتغلغلت في كيانه كله، ورأى الناس الرسول الكريم تتمثل فيه هذه الصفات الكريمة فصدقوا تلك المبادئ التي جاء بها كلها، هذا قول مثقف أوربي مسيحي .. أما بعض مثقفينا يعتبرون محمدا{ص} إرهابيا ..