23 ديسمبر، 2024 1:54 م

تصحر العقول اسوء من تصحر الحقول

تصحر العقول اسوء من تصحر الحقول

الانتخابات وحدها لا تعطي الشرعية  للسلطات  الحاكمة حينما  تبتعد عن مطاليب  المواطن والدولة , والديمقراطية هي نتاج  مطالب بأصوات متعددة  ولكنها بلغة واحدة  نحو هدف واحد وليس كما هي الدكتاتورية التي تكون لغتها واحدة وصوت فوق كل الاصوات  ويفرض عليها  وبذلك ان الدولة  حينما تنشد القانون والحقوق  وتسعى للمساواة والعدالة الاجتماعية  فتعتمد على مجموعة الاصوات  المنطلقة  من نفس الثوابت والمباديء  لتكون ارضية يبني عليها  الجميع  ومن هنا تكون الدولة نابعة من لغة التعبير عن الافكار  ونستطيع ان نقول  ان البهائم لا تملك دولة لانها ليس لها لغة للتعبير عن مطالبها , فالكثير لا يهمه من يحكم انما كيف يحكم وكيف  يستطيع ان يجعل الحكم وسيلة للانماء والانتماء  وتصحر العقول والحقول ولد الفقر والامية والهجرة وتدني الاقتصاد وفقدان اغلب الثروات الزراعية والصناعية , والعراق كالشجرة  جفت اراضيها جراء الحروب والارهاب والفساد  ورغم ان جذور تلك الشجرة امتدت الى عمق التاريخ البشري وحضارت الامة العراقية بمختلف شعوبها واطيافها المختلفة  لتتغذى على مياه ودماء ابنائها  وتختلط الخيرات بالتضحيات  , والسياسات الغير مدروسة  حاولت ان توقف   شريانها المغذي وتقطع الماء عن الجذور  وجذور شجرة العراق  كانت في الجنوب حيث كانت الدولة السومرية  التي حاولت ان تحمي مواطنيها بأنشاء الكمائن في المياه وسميت الكبائش في الاهوار التي تسمى اليوم بالعامية ( الجبايش)  وهذا يدل ان اهوار العراق  هي من اقدم معالم التاريخ , فالتصحر العقلي  امات اشجار الوطنية  بوباء المصلحية  ولم يدرك ويترجم لغة  التعبير عن المطالب  لاحياء شجرة الوطن  جراء جفاف العقول  التي لم تبحث عن ايجاد الحول من الجذور  وتقديم الاولويات  فالبداية اصلاحات العقول  واستصلاح وسقاية  الجذور  والعلاج يبدأ من اكثر الجروح خطورة والماً  والجنوب هو جذور العراق  وان مدن البصرة وميسان والناصرية والسماوة صعوداً الى بقية المدن  اكثر المدن حرماناً  نتجية تجفيف اهوارها  واشغال مساحات واسعة بالغام الحروب  وتعرض اهاليها الى الاشعاعات التي ولدت اخطر الامراض  لكونها كانت ساحات للقتال  وهذا ما جعل حياتها متوقفة  وهدرت كل ثرواتها  فأن كانت الديمقراطية في العراق وليدة  وتريد ان تنمو  لا بد ان تنمو معها تلك الاصوات  التي تنطلق بصوت المواطنة  التي تجعل البوصلة  تأخذ مساراتها الصحيحة  فتلك المدن حمل ابنائها الوطن على اكتافهم   ولكنهم لا يزالون يعيشون الفقر والحرمان والبطالة  والموت البطيء  وبما  انها تمثل جذور الوطن  لابد  ان تشبع تلك الجذور وتعوض ما فاتها كي يستظل بها الجميع وتكون ثمارها للجميع  ولكن ان لم  نكافح تصحر العقول  لن نستطيع  ان نزرع ونحيي  تلك الحقول ..