تتوالى خلال الأشهر الأخيرة أنباء عن وقوع سلسلة من التفجيرات والانفجارات الغامضة في مواقع حساسة داخل إيران، شملت منشآت عسكرية وصناعية ومراكز حيوية أخرى هذه الحوادث التي لم تتبناها أي جهة رسمية حتى الآن تثير تساؤلات عميقة بشأن الاستقرار الداخلي ومستقبل الصراع الإقليمي المحيط بالجمهورية الإسلامية .
بيئة داخلية مضطربة
تعيش إيران على وقع أزمات اقتصادية خانقة فاقمتها العقوبات الدولية الصارمة وتراجع أسعار النفط بالإضافة إلى إخفاقات داخلية في إدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية ، ويشير مراقبون إلى أن هذا الوضع ساهم في خلق بيئة خصبة لظهور توترات أمنية متزايدة سواء نتيجة ضغوط معيشية متفاقمة أو بفعل تغلغل قوى معارضة تسعى إلى تقويض النظام من الداخل .
حرب استخباراتية مفتوحة
في السياق الإقليمي تتجه أصابع الاتهام إلى وجود صراع استخباراتي متصاعد بين إيران وخصومها الإقليميين وفي مقدمتهم إسرائيل .
وتعتبر منشآت الطائرات المسيرة ومراكز الأبحاث النووية أهدافا رئيسية في هذه الحرب الخفية التي تتخذ طابعا غير معلن لكنها تحمل رسائل استراتيجية واضحة .
وتشير تقديرات إلى أن هذه العمليات قد تأتي ضمن استراتيجية ” الحرب بين الحروب ” التي تعتمدها إسرائيل لمواجهة تنامي النفوذ الإيراني دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة وشاملة .
صراعات داخل النظام
ثمة قراءة أخرى ترى أن بعض هذه التفجيرات قد ترتبط بصراعات سياسية داخلية بين التيارات المتنافسة على السلطة داخل إيران لاسيما في ضوء الاستعدادات للانتخابات المقبلة إذ قد تسعى بعض الأطراف إلى استغلال التوترات الأمنية لإعادة رسم موازين القوى السياسية أو تعزيز شرعيتها عبر خطاب أمني متشدد .
ردود فعل رسمية متحفظة
تعاملت السلطات الإيرانية مع هذه الحوادث بتصريحات مقتضبة أكدت فيها فتح تحقيقات موسعة مع توجيه اتهامات مبطنة إلى “أطراف معادية خارجية” هذا الخطاب يعكس حذرا رسميا في الكشف عن تفاصيل قد تزيد من حدة القلق الشعبي لكنه في ذات الوقت يعكس حجم التحديات الأمنية التي تواجهها الدولة في المرحلة الراهنة .
انعكاسات مستقبلية
من المرجح أن تؤثر هذه التفجيرات على السياسة الإقليمية الإيرانية سواء من خلال تشديد الإجراءات الأمنية داخليا أو عبر تصعيد الردود غير المباشرة ضد خصومها الإقليميين ، كما يتوقع أن تترك هذه الأحداث تداعيات سلبية على جهود إيران في استعادة دورها في الساحة الدولية خصوصًا في ظل استمرار الجمود بشأن العودة إلى الاتفاق النووي .
في الختام
تشكل التفجيرات المتتالية داخل إيران مؤشرا خطيرا على تصاعد الضغوط الأمنية والداخلية التي تواجه النظام وسط بيئة إقليمية مشتعلة وصراع مفتوح على أكثر من جبهة ، وفي ظل استمرار الغموض حول الجهات المسؤولة عنها تظل التوقعات مفتوحة على احتمالات تصعيد أكبر قد تتجاوز حدود إيران نحو الإقليم بأسره .