18 ديسمبر، 2024 7:38 م

أصبح الصينيون يمتنعون في ذكراه عن إيقاد النيران في منازلهم فيأكلون أطعمتهم باردة، إلى أن أصبح هذا اليوم في عهد أسرتي مينغ وتشينغ الملكيتين (1368–1911) مناسبة تقليدية لتقديم الولاء للأسلاف وزيارة الأضرحة والقبور.

يحتفل الصينيون اليوم، وككل يوم 5 أبريل من كل عام، بعيد تشينغ مينغ أي عيد الوفاء والنقاء، ويسمى بعيد الأشباح في بعض الأقاليم الساحلية الصينية حيث يقومون بزيارة الأضرحة وإزالة الأعشاب اليابسة عن الأضرحة وزراعة الورد بدلا عنها، وإحراق أعواد الند لتعطير الفضاء العام، وأوراق النذور المزدانة بألوان الحياة ونثر رمادها في الآفاق الرحبة، وتقديم الطعام للبشر والطيور في قمم الجبال، كما ترتدي البنات والنساء الملابس الملونة الزاهية احتفالا بالربيع، ويقمن بقطف الأزهار والأعشاب البرية ثم يعدن بها إلى بيوتهن لإعداد الأطباق التقليدية، ويتولى الرجال غراسة أشجار الصفصاف والصنوبر، بينما يلهو الأطفال بتطيير الطيارات الورقية وإرسال الطرود وبرقيات المحبة والوفاء من عالم الأحياء إلى عالم الأموات.

ويعود تاريخ تشينغ مينغ إلى عهد أسرة هان الملكية (206 قبل الميلاد – 220 ميلاديا) فقبل 2600 عام تعرض الإمبراطور جين ون غونغ إلى الكثير من الاضطهاد في منفاه قبل اعتلائه العرش، حتى أنه قد أغمي عليه في أحد الأيام من كثرة ما عاناه من الجوع والعطش، فلم يجد أتباعه وأنصاره وحواريوه ما يقدمونه له لإنقاذه، ولكن أحدهم واسمه جيه تسي توي بادر بقطع جزء من لحم فخذه وتقديمه لسيده لينقذه من الجوع.

وبعد 19 عاما، عاد الأمير غونغ إلى عاصمة الملك، واعتلى العرش، وبادر بتكريم كل من ساندوه وساعدوه وصمدوا معه في المنفى، ومنحهم مناصب مهمة في الدولة، ما عدا جيه تسي توي الذي نسيه، رغم أنه كان وراء إنقاذه من موت محقق، وبعد أسابيع، تذكر الإمبراطور تابعه المخلص فأرسل في طلبه لتكريمه، ولكن تسي توي رفض الذهاب إليه، واختار الفرار إلى الغابات الجبلية المجاورة.

ولما علم الإمبراطور بذلك، أمر بإضرام النار في تلك الغابات حتى يضطر تابعه الوفي إلى الخروج منها، غير أن تسي توي اختار أن يموت حرقا مع والدته على أن يتم جره إلى سيده الذي نسيه ذات يوم، وحدادا عليه، أصبح الصينيون يمتنعون في ذكراه عن إيقاد النيران في منازلهم فيأكلون أطعمتهم باردة، إلى أن أصبح هذا اليوم في عهد أسرتي مينغ وتشينغ الملكيتين (1368–1911) مناسبة تقليدية لتقديم الولاء للأسلاف وزيارة الأضرحة والقبور.

وكان شعر مكتوب في عهد أسرة سونغ الملكية (1279-960) قد صور هذه العادة المألوفة بمناسبة عيد تشينغ مينغ “تكثر الضرائح على قمم الجبال الجنوبية والشمالية، ويزورها الناس لتقديم القرابين بالتتابع بمناسبة عيد تشينغ مينغ. ويطير رماد أوراق النذور في السماء كأسراب من الفراش البيضاء، ويذرف الناس دموعهم ودماءهم مثل الوقواق الأحمر”.
نقلا عن العرب