9 أبريل، 2024 4:39 م
Search
Close this search box.

تشيخوف في فرنسا وتشيخوف في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

وصلت الى فرنسا عام 1966 بعد انهاء دراستي في الاتحاد السوفيتي , وكنت اخطط للالتحاق في قسم الدراسات العليا بجامعة باريس , واستطعت الوصول وبمساعدة المرحوم وليد الجادر , طالب الدراسات العليا آنذاك في جامعة باريس ( البروفيسور الدكتور فيما بعد في قسم الآثار بكلية الآداب في جامعة بغداد ) الى قسم اللغة الروسية وآدابها في تلك الجامعة , وقابلت رئيس القسم وعرضت عليه وثائقي وتحدثت معه حول رغبتي بالدراسة في قسم الدراسات العليا بجامعة باريس , وقد رحب رئيس القسم بي وقابلني بحفاوة وود وقال لي انه يوافق وبكل سرور على قبولي والاشراف على اطروحتي , وعندما سألني عن الموضوع الذي أرغب الكتابة حوله , اخبرته باني أود ان أكتب عن الاديب الروسي تشيخوف , فقال لي رأسا انه متخصص بأدب تولستوي بالتالي لا يستطيع ان يكون مشرفا علميا على اطروحتي , وانه سيتصل الان هاتفيا باستاذة متخصصة في ادب تشيخوف ويطلب منها ان تكون المشرفة العلمية على اطروحتي , وفعلا اتصل امامي هاتفيا واخبرني ان الاستاذة تنتظرني غدا في بيتها , واعطاني العنوان الكامل وكيفية الوصول اليها . وهكذا ذهبت اليها في اليوم التالي كما اتفق معها , واستقبلتني في الموعد المحدد , واطلعت على وثائقي الرسمية , وبدأت تسألني بعض الاسئلة عن تشيخوف وخصائص أدبه وابداعه , وكنت اجاوب قدر معرفتي في تلك المرحلة طبعا , وطرحت علي السؤال الآتي – ( هل اطلعت على مقالة تشيخوف في فرنسا ؟ ) , فأجبتها – نعم , وهي منشورة في كتاب صدر عام 1960 في موسكو ضمن سلسلة ( التراث الادبي ) وذلك بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد تشيخوف , فقالت لي – حدثني عن مضمونها , فبدأت بالحديث عن تلك المقالة وعدد صفحاتها التقريبية وكيف انها تناولت ظهور نتاجات تشيخوف

في فرنسا باللغة الفرنسية , ثم توسع هذه الاصدارات وكيف أصبح تشيخوف مشهورا في فرنسا وكيف بدأ مسرحيوها بالتعامل مع مسرحه , وكيف تقبله النقد الادبي في الصحف والمجلات الفرنسية, وقلت لها ان هناك صورا عديدة منشورة هناك حول مسرحيات تشيخوف وعروضها على خشبة المسارح المختلفة في فرنسا والممثلين الذين قاموا باداء الادوار في تلك المسرحيات , وقد استرسلت بالتفصيل عن هذه المقالة لأني كنت قد قرأتها قبل فترة قصيرة ولازلت اتذكر تفاصيلها , وقد اقتنعت الاستاذة باجابتي فعلا وسألتني – ( من هو كاتب تلك المقالة ؟ ) , فقلت لها انه كاتب فرنسي لا اتذكر اسمه و لقبه الان , فضحكت مقهقهة من كل قلبها وقالت , انها هي كاتبة تلك المقالة , وكان جوابها هذا مفاجأة غير متوقعة لي بتاتا طبعا , فبدأت اعتذر لأني لم اكن أعرف ذلك وكلي خجل بل و حتى ارتباك من هذا الموقف المحرج جدا , فقالت لي – بالعكس , انها اعجبت جدا بجوابي لاني كنت صادقا بالاجابة والتي جاءت بتلقائية وعفوية وبساطة , وهكذا وافقت على قبولي للدراسة وباشرافها العلمي. انها البروفيسوره المرحومة صوفي لافيت ابرز اسم متخصص في فرنسا آنذاك بادب تشيخوف ومؤلفة عدة كتب فرنسية عنه , ومنها الكتاب المشهور ( تشيخوف بقلمه ) والصادر ضمن سلسلة معروفة جدا في فرنسا بهذه التسمية حول معظم ادباء العالم الغربي المشهورين تتضمن مختارات منتقاة من نتاجاتهم واقوالهم ورسائلهم , وترسم بالتالي صورة قلمية متكاملة عنهم . تذكرت كل هذه التفاصيل الان, اي بعد مرور حوالي نصف قرن من الزمان , وذلك عندما اطلعت على كتاب صادر في موسكو عن تشيخوف عام 2011 وجدت في احدى فصوله تفصيلات تتناول الدراسات والمقالات عن تشيخوف في مختلف بلدان العالم خارج روسيا , وبحثت طبعا هناك وقبل كل شيئ عن العراق فلم أعثر على اي ذكر او اشارة له , وتألمت وتأسفت لذلك ولكني قلت بيني وبين نفسي – نحن مذنبون ايضا في ذلك ,اذ اننا لا نتحدث عن انفسنا امام الآخرين ولا عن نشاطاتنا العلمية والثقافية ومساهماتنا في دراسة الاداب الاجنبية على الرغم من تواضعها, ولا نصدر

دوريات او كتبا تتناول ذلك بلغات اجنبية ونوزعها على المكتبات العامة في بلدان العالم , ولا ننظم حتى مواقع اليكترونية تتحدث عن ذلك , ولا نشارك في مؤتمرات علمية تدرس الظواهر الابداعية في المحافل الدولية , ولا نقيم حوارات مع الاوساط الثقافية العالمية ,ووو….الخ , وواصلت تقليب صفحات ذلك الكتاب واذا بي ارى فقرة كاملة عن تشيخوف في فرنسا , وبدأت بالقراءة , وقد تبين انهم يتذكرون البروفيسورة المرحومة صوفي لافيت هنا , ويشيرون بالذات الى مقالتها المذكورة تلك ( تشيخوف في فرنسا ), ويؤكدون على كونها لا زالت تمثل قمة اهتمام القراء الروس بالنسبة لهذا الموضوع رغم مرور اكثر من نصف قرن على نشرها, لانها وضعت الاسس الصحيحة والثابتة لمسيرة تلك الدراسات اللاحقة حول هذا الموضوع في فرنسا . واظن اننا نستطيع ايضا ان نقوم بذلك في العراق رغم كل الفوارق بيننا وبين فرنسا بالطبع , اذ يوجد في الوقت الحاضر ثلاثة تدريسيين في قسم اللغة الروسية بكلية اللغات في جامعة بغداد كتبوا اطاريح الماجستير حول تشيخوف باقتراحي وباشرافي العلمي وهم حسب تواريخ انجازهم لتلك الاطاريح كل من الاستاذ المساعد خلف طاهر الموسوي وكانت اطروحته بعنوان – ( مسرح تشيخوف في العراق ) , والدكتوره هديل اسماعيل وكانت اطروحتها بعنوان – ( تشيخوف في النقد الادبي العربي ) , والدكتور تحسين رزاق عزيز وكانت اطروحته بعنوان – ( قصص تشيخوف المبكرة في الترجمات العربية ) , واقترح على قسم اللغة الروسية تشكيل لجنة من هؤلاء التدريسيين ويمكن ان يشارك فيها اي تدريسي آخر يرغب بذلك , للعمل على اعداد دليل بيبلوغرافي شامل و متكامل مع مختصرات لمضامين لتلك الكتب والبحوث والاطاريح والمقالات ومسرحيات تشيخوف في مسارح العراق وتعليقات توضيحية وهوامش وملاحظات حول كل نقطة وفقرة فيه واصداره بكتاب مستقل و بعنوان – ( تشيخوف في العراق ) وبلغتين – العربية من اليمين والروسية من اليسار, ويصدر باسم قسم اللغة الروسية في كلية اللغات بجامعة بغداد , وانا متأكد من ان هذا العمل الارشيفي العلمي – في حالة انجازه –

سيكون خطوة رائدة في العراق والعالم العربي في مجال الدراسات العربية – الروسية اولا وسيدخل ضمن المصادر الاساسية لدراسات الادب المقارن ثانيا , اضافة الى قيمته العلمية واهميته الثقافية والاعتبارية في الاوساط العربية والروسية بالنسبة لقسم اللغة الروسية وكلية اللغات وجامعة بغداد طبعا باعتباره انجازا علميا , وانا أحلم بذلك واتمنى ان يتقبل القسم حلمي هذا ويحققه , وعندها يمكن ان نقدمه الى المراكز الروسية المعنية كافة و سنباهي به الامم ! ومن نافل القول ان اشير هنا الى استعدادي التام والكامل للتعاون مع اللجنة المشرفة على انجاز هذا الكتاب وباي صيغة من صيغ التعاون التي يراها قسم اللغة الروسية في كلية اللغات الحبيبة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب