23 ديسمبر، 2024 10:26 م

تشكيل شرق أوسط على المقاس الأميركي يبدأ من “النازحين”

تشكيل شرق أوسط على المقاس الأميركي يبدأ من “النازحين”

مشروع القرن الأميركي يبدأ من مشروع شرق أوسط جديد كما بشّرت به العالم الولايات المتّحدة الأميركيّة , ومن المعروف أن لا سيطرة على العالم فيما لو تمّت إلاّ بالسيطرة على قلب العالم أوّلاً , المنطقة العربيّة وما حولها , سيطرة تامّة وذلك لن يتحقّق بدوره وأنظمة دول هذه المنطقة لا زالت متوارثة لها تراث من الحكم متجذّر طيلة مئة عام كامتداد لاتّفاقيّة “س.ب” ليست الأنظمة الكلاسيكيّة إمارات وغيرها بل حتّى الّتي تعتبر منها حديثة ومتبنّية النهج الليبرالي وإن “تقولبت” به ما يصعب التعامل معها مع مفردات المشروع الأميركي في الهيمنة على العالم , حيث لن يتمّ ذلك إلاّ بإزاحة هذه الأنظمة إزاحة شاملة من الجذور على الطريقة العراقيّة بعد احتلاله الأخير , ولذلك قام “الربيع” لقلع الأنظمة المعنيّة من الجذور , ولذلك أيضاً يجب أن لا ننسى أنّ أساس الأنظمة القابلة للتعامل مع المشروع الأميركي المزمع هي أسس تقوم على الدين والّذي هو الوحيد القادر على أن يحقّق لها الانشطاريّة المتوالية المطلوبة “الطائفيّة” والّتي تنسف العرقيّة نفسها من الداخل والّتي تُميت التحالف القومي كما أماتت القوميّة العربيّة في العراق عبر التصنيف الشيعي السنّي مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المشروع الأميركي خالي من وجود لدولة كرديّة فيه وليس كما يتوهّم بعض ساسة الكورد لاعتبارات شتّى لا مجال لذكرها هنا ولا لدويلات الخليج كذلك استغلالاً للعنصر الجنوب آسيوي الّذي فرض وجوده الآن كأغلبيّة ديمغرافيّة جاهزة لاختبار الاستفتاء فيما لو حصل ..

لو نلاحظ , مع وجود داعش “داعش الأميركيّة الإيرانيّة أقصد” قد تكون كذلك , بدأت عمليّات النزوح الجماعي باتّجاهات مختلفة دخل بعضها العمق “الكوردي” خليط قوميّات لا ولن يستطيع الأكراد التعامل معه بالطريقة الّتي تناسبهم , وقد سارعت المنظّمات “الإنسانيّة” وكالعادة , بتبنّي مساعدتهم , والمساعدة وحدها لا تعني هنا برأيي الشخصي سوى تحريض ضمني على “الاستقرار” وهو عامل بيئي يملي عاطفة المكان على الكائن المستقرّ فيه “يفرز رائحة تحديده” أوّلاً كحدود دفاع عن سكن جديد لحين بدأ الجذور في اختراق تربة المكان “وهي عمليّة تجديد بايولوجي حيوي” يأخذ دورة حضانة من بضعة أشهر وربّما بضعة سنين , وقد راقت “الفكرة” لجهات استثماريّة لبناء وحدات استقرار مضافة على شكل “كرفان” يحلم بسكنه الكثير من العوائل وسكّان الأحياء الفقيرة أو المعدمة في العاصمة بغداد نفسها وكذلك فقراء مدن العراق وهم الأغلبيّة لاحتوائه على سقوف وجدران آمنة ومحكمة ومتينة وعلى حمّام حار بارد وعلى مرحاض لائق يتّصل بمجرى مياه ثقيلة يعاني من نقص مكوّنها أحياء “البيئة” العراقيّة “السكّان البيئيّون” ويتمنّون لو شملهم النزوح بداعش أو بغيرها ولو على حساب سقوط بغداد فالأمر سيان بالنسبة إليهم ولو حتّى منعوا عنهم الخيار والطماطم ولو لبسوا الزيّ الأفغاني شيعة أو سنّة فاستملاك “وطن عائلي” ونظيف شيء لا يُقدّر بثمن فعيش هذه الحياة مرّة واحدة ! وممّا رسّخ فكرة هذا الامتداد السكّاني “الطارئ” تبنّي أحد الأثرياء العراقيين وجهات خليجيّة أخرى إنشاء مدن جديدة للنازحين تقام من قلب مساحات استقرار النازحين , وستمتدّ إلى الداخل التركي عبر عين العرب “كوباني” كمقدّمة لاختراق عدّة دول فتتحوّل تلقائيّاً بسبب “النزاع عن بُعد” إلى كيانات جديدة قد تتّخذ مسمّيات جديدة ستحرص الولايات المتّحدة بقوّة مركّزة تثبيتها ولو بثلاث سنوات فقط لا ثلاثون كما قُدّر لتكوين هذا الشرق لغاية ما تستقرّ بعد أن تملي عليها طبيعة عاطفة المكان صفاتها فتفرز مادّة تحديد المكان ليصبح كيانها الوطنيّ الجديد بعلم وطني جديد وبنشيد وطني جديد ..