18 ديسمبر، 2024 9:34 م

تشكيل الحكومة بين فقدان المصداقية والمخادعة

تشكيل الحكومة بين فقدان المصداقية والمخادعة

رغم ان التأخير في تشكيل الحكومة لها مردودات سلبية وخاصة الوزارات الامنية في ظل الوضع الامني القلق وتهديدات المجموعات الارهابية . إلا ان اصبحت لا تختلف عن سابقاتها في الحالة الطائفية التي ابتلي العراق بها منذ 15 عام والصراع على وزارة الداخلية بين الشيعة انفسهم والدفاع بين السنة انفسهم ، خير برهان والذي لايقبل الشك من ان عبور هذه الالية غير ممكنة على المدى القريب .

السياسييون ” العراقيون ” يضحكون بعضهم على بعض، و يخادعون بعضهم البعض، وهم في اشد الصراعات المكسبية ، يخلقون الكذبة التي يروجها المستفيدون ويدعيها الاخسرون الذين اغرتهم الحياة الدنيا وملذاتها والتي لن تطول حلاوتها ، تغريهم المناصب ، قال الله تعالى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:55-56] وقال: وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ [الحج:4 ويعشون في احلامهاغير ابهين بالعواقب االتي تنتظرهم ولا محال تسقطهم في الوخيم منها ، خيرها لهم وشرها الى المواطن ، بعيداً يتلذذون بمأسي الشرفاء والبسطاء من ابناء شعبهم وقتل امالهم تدفعهم للمضي في مسلسلهم ، ولو أنهم كانوا يعلمون أنهم يكذبون ولا يقولون الصدق، ويخدعون المواطنين ويداهنونهم بمغريات لاذلالهم والتسلق على اكتافهم ، وعن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: ” إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ” و يحاولون تزيين واقعهم أو تلميع صورهم .

لقد مرت على الشعب العراقي مصائب ومطبات وازمات اعتاش عليها وتاجر بها الكثيرون اعطت الكثيرمن السلبيات والدماء بثمن بخس قرباناً لمن لايستحقون القيادة ، والعراقي تعلم منها فنون العوم بشكل طبيعي من خلال الممارسات والاستفادة من السلبيات والايجابيات التي يمر بها البلد وقد كانت تجرية غثة ومليئة بالعبر والدروس لا يفهما إلأ اولي الالباب والراسخون بهموم الامة والعوامل التي قد تخلق من يخلق الحلول وتجاوز الفئوية والحزبية والمصالح الضيقة وتضيع مصالح الجماهير دون اعطائها الاعتبارات والاهتمامات المرجوة .ومن اهمها محاولاتٌ للاستقواء ومساعي للبقاء، وهي منافعُ مستحكمةٌ ومصالحُ مقدمةٌ، وإلا فما الذي يعميهم عن حاجة الشعب ويصر آذانهم عن صوته الذي بح من شدة الصراخ، وما الذي يمنعهم من الاتفاق على امرار الوزراء و تشكيل الحكومة .

فهم يدركون حقاً انهم قيادات فاشلةٌ غير قادرة على العطاء ، و عاجزة عن الفعل الجاد والالتزام الصادق، ويفتقرون إلى النوايا السليمة، وتعوزهم الثقة والمصداقية، إلا بفرض الهيمنة وبسط النفوذ، بمساعي واهمةٍ وأحلامٍ بائسةٍ بالسيطرة والتمكين، أو الاستحواذ المنفرد والسيطرة الأحادية. ودون الاهلية للتخطيط ولا يهمهم تذلل العقبات من أمامها، بل انهم يسعون لتكريس الانقسام في المجتمع ليكون فريسة سهلة بيدهم . على القادة السياسيين ” أن يعودوا إلى رشدهم وليوقفوا الانحدار والتخبط الذي يسود البلد ويختاروا الصواب والحكمة، وأن يفكروا بمصالح الناس والشعب وبمستقبل وطنهم”. كفى انزلاقاً وارتزاقاً على حساب دمه، فكروا قليلاً بضيمه ومعاناته ومحنته. إن حالة الصراع السياسى وفقدان أي رابط للتواصل مابين القوى السياسية والمجتمع وصناع القرار إلا على اساس الاستحواذ وغياب الاطراف الخيرة الساعية لانهاء الصراعات لانهم مكبلون بقيود ( اسكت احسن لك ) وفقط التفكير بنيل المكاسب ، لن ينضح عنها سوى مزيد من الاضمحلال والتقهقر الى الوراء والتجاذب السلبي الذي يشغل الوطن والمجتمع، وهو ليس إلا معول للهدم وعصى في عجلة تطوير افكار التنمية في المجالات المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين، ويحد من إشباع رغباتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم فى إطار بناء دولة تقوم على العدالة وقيم المواطن. غياب الحوار الوطني المدخل المهم لحل الازمات المواطن يعيش ظروفا صعبة ومجهول المصير ، وسط طروحات شائكة فردية لا تجدي نفعا وليس إلا تبويق اعلامي خالي من المحتوى لا اكثر والصراعات صورية غير مفهومة المعاني الغاية منها ايهام السذج .

و تجربة العملية السياسية بشكلها الحالي اثبتت من الصعوبة بأمكان الاعتماد على ادارة العملية بهذه الطريقة من اجل النهوض بواقع العراق وانقاذه من ازماته ، وإنما يمكن تحقيق ذلك في التزام الطبقة السياسية بمرتكزات النظام الوطني الحقيقي الموحد الذي يُعلي من قيمة المواطن والعمل لصالحه، فمنذ الاطاحة بالنظام الشوفيني البعثي البائد و وانبثاق العمليةالسياسية وتشكيل الأحزاب والقوى السياسية التي نشطت بالعمل لمصالحها الخاصة في السلطة متجاهلة تماماً مطالب الشعب العراقي في توفير الحياة الكريمة له وكانت المصائب تترى عليه ، ومنها الدعوة الجديدة لائتلافات عابرة للطائفية والقومية التي لايمكن ان تكون الحل البديل طالما استمرت نفس الوجوه تعمل في الساحة وعينها على الاستحواذ والمنافع الكتلوية النيابية أو الحزبية السياسية فقط وطالما ترسخ في العقل الجمعي العراقي من أن الطبقة السياسية الحالية تمثل التجسيد الفعلي لكل تناقضات المجتمع العراقي و عائقاً امام تحقيق الاهداف المطلوبة .

في هذه البرهة التاريخية ينبغي من السياسيين توظيفها لتوطيد اللحمة الوطنية وتجاوز مظاهر التمييز الطائفي والاثني بين طبقات المجتمع العراقي الكريم الواحد الذي حاول ويحاول البعض من المتعطشين للدماء داخل العملية السياسية المتاجرة بها لقد اختلطت دمائهم في كل المعارك التاريخية والحرب على الارهاب الدخيل الذي اثبت انه ليسى لصالح احد ولايعرف الانسانية وسخرته واجهات داخلية بالتعاون مع جهات خارجية تحاولت الاتجار بسمه وعنوانه المشؤوم لصالح ماخططت له من اجل تمزيق المجتمع. بمصداقية لكل ما تم التعبير عنه .

الكتل السياسية بكل اشكالها وايدلوجياتها والمكونات المجتمعية في العراق اليوم مطلوب منها حماية هوية العراق التاريخي والحضاري و العرقي والديني والثقافي وعدم تمزيقة بالمحاصصة بل بالكفاءة لادارة امور البلد والذي يعتبر مصدر اثراء للاجيال القادمة، ورعاية حقوق الانسان، والعمل على ترسيخ هذه المبادئ، والقبول بالآخر، بل لتحقيق التعاون البناء على الخير والعدل . العمل من اجل دولة عراقية محايدة لا تدخل في الحروب تجنح للسلم الدائم وتكن جزء من حلول ، وتؤسس فيها المؤسسات الدستورية وبناء المجتمع المدني وسيادة القانون، وشعب يبتعد عن عبادة الأصنام او الفرد واحترام المقدسات الدينية التي من الله به علينا ومن اجل تجنب الكوارث الناجمة عن مركزية السلطة والحكم الشمولي الذي يتناقض مع قواعد الحكم الديمقراطي والتي يسعى بعض الجهلة الالتجاء اليها عن طريق الغوغاء ، ومن اجل عراق تنعم فيه كل القوميات واتباع الديانات بالحرية والاستقرار والأمن، ويعترف بالأخر ويحترم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها،واحترام مبادئ التداول السلمي للسلطة بالشكل الصحيح و احترام دستور البلاد بعلاته ليكون بمثابة القانون الاساس أو القانون الأعلى في الدولة العراقية يخضع له الجميع ويحتكم اليه الحاكم والمحكوم دون استثناء .