9 أبريل، 2024 9:31 م
Search
Close this search box.

تشرين لن تموت ..

Facebook
Twitter
LinkedIn

احياء الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين المجيدة، في ساحات الحرية التي انطلقت منها ، أكدت انها اصبحت ضميراً في الوجدان العراقي الشعبي ، وان أوردة وشرايين الجمهور الباحث عن وطن قد تشربت دماء شهدائها ، على الرغم من كل الاسلحة التي وجهت الى صدورها العارية ،الا من حب العراق، لاجتثاثها وشرائها وحرف مسارها وتحويلها الى ذكرى للتندر والابتسامات الخبيثة !
مازالت تشرين ضمير الباحثين عن الحرية والوطن معاً وستبقى كذلك حتى يفك الاشتباك بين جمهورها وسلطة القمع والفساد ، ومازالت تشرين تسير في اتجاه اللحظة التأريخية الفاصلة التي يتعذر فيها على الجمهور ان يعيش بنفس الطريقة السابقة ، كما يتعذر على السلطة ان تعيش بالطريقة التي تكبح بها تطلعات الجمهور للمستقبل ، في لحظة التقاطع هذه ينفجر الصراع المؤجل ، كل في اجل قادمون ، ولا أحد يستطيع تقييد هذا الانفجار والتلاعب بنتائجه والعمل على تدجينه ، فلا يتبقى أمام السلطة الحاكمة المستبدة الا ان تستجيب !
ولكن أي نوع من الاستجابات ؟
لاتستطيع الطغمة الحاكمة ، بحكم منظومتها العقلية السياسية والايديولوجية ، الارتقاء الى مستويات استجابة منطقية تجعل الصراع بينها وبين الجمهور في اطار سياقات البحث عن حلول للمأزق التأريخي بينهما ، السلطة والجمهور، فتنفتح ابواب الازمة على مديات مجهولة وطروحات تعمّق الازمة وتدفع بها الى قمة مستويات الصراع المستحكم ، باتجاهات العنف الذي تستخدمه السلطات حفاظاً على مصالحها والعنف المضاد الذي يمارسه الجمهور دفاعاً عن النفس.
في تجربة الاحتجاجات العراقية وصدامها مع شكل الحكومات المتعاقبة منذ 2005 حتى الآن ، لم تستطع الطبقة الحاكمة ان تستجيب لمطالب الجمهور ، أو بتعبير ادق ليس لها الرغبة بالاستجابة الى مطالب الجماهير المحتجة ، ذلك ان مطالب المحتجين تتعارض كلّياً مع مصالحها ، فالتغيير الحقيقي يحتاج الى مكافحة الفساد جدياً ، والطبقة السياسية بشبكتها العنكبوتية في مفاصل الدولة غارقة في الفساد المالي ومعتاشة علية محوّلة الدولة الى دولة زبائنية تخدم مصالحها ، وبالتالي فان تحقيق هذا المطلب الجماهيري يعني الاصطدام القوي بمصالحها.
كما ان اشكالية السلاح المنفلت تحولت الى ملف انتخابي سيء الصيت والسمعة !
الاسباب والمخرجات التي انطلقت بسببها انتفاضة تشرين الخالدة مازالت قائمة ، بل تراكمت عليها اسباباً اخرى ، الابرز منها ، الاستخفاف بالانتفاضة والتعامل معها حتى الآن باعتبارها صناعة خارجية من خلف الحدود أو مؤامرة سفارات ، ويجمّلون هذا الطرح بالاتكاء على مفردة ” البعض ” لكنها لعبة كلامية قذرة لاتهام الجميع من خلال انخراط ” البعض ” بـ ” الكل ” في صيغة الخطاب السياسي والاعلامي للاحزاب المتصدية للانتفاضة وهي احزاب الاسلام السياسي الشيعي تحديداً ، التي قمعت الجمهور الشيعي نفسه بوحشية سقوط نحو الف شهيد و 25 الف مصاب نصفهم تحت رحمة الاعاقة الجسدية !
قدمت تشرين في ذكراها الثانية مثالا حضاريا على التنوع النضالي في مسيرة تحقيق الاهداف بالطرق السلمية طالما ان بنادق السلطة وكواتمها لاتوجه الى صدور الشباب ، لكن الايغال في تجاهل مطالب الانتفاضة او الاستخفاف بها أو تسويفها ، ربما يحول هذا المشهد الى الى عرض جديد من الصراع بين الجمهور المحتج والسلطة القمعية !
يقول مثل صيني ” رب شرارة احرقت سهلاً ” والمتوافر لدينا اكثر من شرارة في اكثر من مكان من جغرافية البلاد ، وكل تلك الشرارات مهيئة في لحظة تأريخية فارّة الى ان تحرق كل السهول ويصبح من المستحيل على أي قوى اطفاء النيران التي ستبتلع الاخضر واليابس !!

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب